الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 06 / مايو 07:01

الشيخ حمّاد أبودعابس: من يوقف المد العنصري الإسرائيلي؟

كل العرب
نُشر: 01/04/11 08:32,  حُتلن: 07:38

الشيخ حمّاد أبو دعابس - رئيس الحركة الإسلاميّة في مقاله:

اليهوديّ المقيم في روسيا أو أوروبا أو أمريكا أو أثيوبيا له "حقّ ألعوده" إلى إسرائيل وحقّ استلام الهوية والجنسيّة الإسرائيلية

وتيرة الممارسات العنصريّة ضدَّ الشعب الفلسطيني في تصاعد حتّى طالت كلّ بيت فلسطيني تقريباً بسجن أو إبعاد أو قتل أو هدم ومصادرة

الفلسطينيون يشكّلون قرابة أل 20 بالمائة من السكّان في إسرائيل. إلاّ أن الممارسات العنصريّة المنهجيّة تجعل نسبتهم في المواقع المؤثّرة في الدولة اقلّ من ذلك بكثير

منذ الإعلان عن قيامها عام 1948 عرّفت إسرائيل نفسها بالدولة اليهودية، وبدأت سنَّ قوانين لا تكاد تجد لها مثيلاً في العالم. قوانين تسلب حقوق المواطنين العرب، مقابل امتيازات لا حدود لها لليهود. فهجرت الفلسطينيين العرب من قراهم ومدنهم، باسم القانون، وهدمت القرى والمساجد ودمّرت المساكن والمزارع. وبالمقابل خططت وبنت المدن والقرى والمؤسسات الخاصّة باليهود وجلبتهم كمهاجرين من كل أصقاع الدنيا, وكل ذلك باسم القانون. فاليهوديّ المقيم في روسيا أو أوروبا أو أمريكا أو أثيوبيا, له "حقّ ألعوده" إلى إسرائيل وحقّ استلام الهوية والجنسيّة الإسرائيلية فور وصوله مطار تل أبيب قادماً إلى" الوطن القومي" لليهود. ويصبح من اليوم الأول صاحب امتياز على أصحاب الأرض الاصلانيين من العرب الذين سكنوها بعد أن ورثوها عن آبائهم وأجدادهم منذ مئات السنين.
سياسة فرض الأمر الواقع

تدمير أحياء عربية
لم تأبه إسرائيل للقرارات الدوليّة,التي اعتبرت الضفّة الغربيّة والقدس الشرقيّة وقطاع غزّة أراضٍ محتلة, يجب على إسرائيل أن تعيدها, ولا تغيّر في واقعها شيئاً. فعمدت على تدمير أحياء عربية في القدس وتغيير معالمها, ووسّعت نفوذ بلديّة القدس على حساب الأراضي العربيّة حتّى احتلّت قرابة سدس مساحة الضفّة الغربيّة. وبنت المستعمرات على التلال والجبال المشرفة على كل المدن الفلسطينيّة حتّى بلغ تعدادها ما يفوق المائة وخمسين مستوطنة وسكّانها ما يقرب من نصف مليون نسمة. واستولى هؤلاء المستوطنون باسم القانون الإسرائيلي على المياه الجوفيّة, وعلى الشوارع الرئيسيّة بين المدن.وحظوا بالحماية الأمنيّة التي منحتهم التفويض المطلق للبطش بالفلسطينيين, ومصادرة أراضيهم واقتلاع مزارعهم وأشجار الزيتون التي ينتظرون موسم قطافها بفارغ الصبر.
وظلّت وتيرة الممارسات العنصريّة ضدَّ الشعب الفلسطيني في تصاعد, حتّى طالت كلّ بيت فلسطيني تقريباً بسجن أو إبعاد أو قتل أو هدم ومصادرة. هذا إضافة إلى الملاحقات السياسيّة, وسلب الحقوق الإنسانية والحريّات, ومنع المسلمين من الوصول إلى المسجد الأقصى وتقسيم الحرم الإبراهيمي وغيرها من الممارسات العنصريّة. مّا يربو على الحصر والعدّ. ولا مصداقيّة لكل هذه الممارسات إلاّ مصداقيّة القوّة وسياسة فرض الأمر الواقع.

نحن ضحايا عنصريّةٍ تتفاقم
العرب الفلسطينيون يشكّلون قرابة أل 20 بالمائة من السكّان في إسرائيل. إلاّ أن الممارسات العنصريّة المنهجيّة تجعل نسبتهم في المواقع المؤثّرة في الدولة اقلّ من ذلك بكثير. ففي الميزانيّات, والأراضي, والوظائف الحكوميّة, وأساتذة الجامعات, والشركات الكبرى ومراكز القرار المختلفة لا تكاد نسبة العرب تصل أل 5 بالمائة. وبالمقابل ففي الفقر وحوادث الطرق ووفيّات الأطفال والتسرُّب في المدارس وغيرها من الظواهر السلبيّة, النسبة بين العرب تفوق نسبتهم في السكّان. ولكم اعترفت حكومات إسرائيل المتعاقبة بالغُبن والظلم تجاه الأقلية العربيّة.بل إن الفوارق بين اليهود والعرب في إسرائيل, ليس لها شبيه فيما يُسمّى العالم المتحضِّر, ولذلك فإنّ إسرائيل بحاجة إلى إجراء ما يُسمّى تمييز ايجابي لصالح الأقلية العربيّة لسدِّ الفجوات, حتّى تكون مقبولة لدى المنظمات الدوليّة التي تطمع إسرائيل بالانضمام إليها.

وتيرة عنصريّة غير مسبوقة
وبدل أن تقوم الحكومة الإسرائيلية بسنِّ قوانين تصحِّح المسار وتقلِّل الفجوات بين مواطنيها العرب وبين الأغلبية الإسرائيلية, فإننا نشهد في الآونة الأخيرة وخاصّة في فترة حكومة نتنياهو الحاليّة, موجة متسارعة ومتفاقمة في وتيرة سنّ القوانين العنصريّة. فمن قوانين تعقِّد مسألة لمّ الشمل بين العائلات الفلسطينيّة, إلى قوانين ترهن منح الجنسيّة الإسرائيلية بإعلان الولاء للدولة. وقوانين تمنح الحقّ للتجمعات اليهوديّة برفض العرب من شراء أو امتلاك منازل فيها. إلى قوانين تسهِّل عمليّة نزع الجنسيّة عن الأشخاص غير المرغوب فيهم تحت ذرائع الإدانة بالإرهاب وغيره. هذا فضلاً عن فتاوى الحاخامات التي تدعو إلى حرمان العرب من الاستئجار في مناطق فيها الأغلبية اليهوديّة. وإذا أُضيف إلى كل ذلك الممارسات على ارض الواقع فإنها تكاد تُذهل العقول.فالمحاكم الإسرائيلية تُميّز بين الدم العربي والدم اليهودي. فاليهودي الذي يقتل عربيّاً حكمه لا يكاد يُذكر بمقابل العربيّ الذي يقتل يهوديّاً. والمحاكم الإسرائيلية تشرعن مصادرة الأرض العربيّة. وغالباً ما تحكم ضدّ المواطن العربيّ بشكلٍ تلقائيّ في قضايا الأرض والأمن. ففي هذين الموضوعين الحكم دائماً لصالح الدولة وادعائها ضدّ المواطن, وان كان الحقُّ واضحاً جليّاً في صالحه.

نحن بحاجة إلى تدخُّل المؤسسات الدوليّة
ولا تتوقّف الممارسات العنصريّة في إسرائيل على ما ذكرنا. ففي شأن مناطق النفوذ وميزانيّات التطوير والخدمات التي تُقدّم عن طريق السلطات المحليّة, فإنّ التمييز واضحٌ وصارخٌ. وفي مجال الخدمات الدينيّة, والمحافظة على المقدسات الإسلامية, فالفوارق شاسعةٌ. إنّ لدينا مساجد مغلقة منذ قيام الدولة, يحرم المسلمين من أداء الشعائر الدينيّة فيها, مع السماح باستخدامها لأغراض أُخرى غير ما أُقيمت له. وعلى رأسها مسجد مدينة بئر السبع الذي يستغيث ويستصرخ من ظلم الظالمين, ومساجد عسقلان وطبريّا وصفد, وغيرها الكثير.ومثلها المقامات والمقابر والقائمة تطول.
إنّ هذه العنصريّة الزائدة عن كل حدٍّ, والتي تُمارس ضدّ الأقلية العربيّة تستند إلى شعور إسرائيل وقياداتها ومؤسساتها, إلى أنهم فوق كلِّ مساءلةٍ. وانّ بأيديهم تمرير ما يشاءون فلا العرب سيفعلون شيئاً, ولا المنظمات الدوليّة ولا القرارات الدوليّة تُلزم إسرائيل بشيء.أمّا هامش الديمقراطية المتاح في هذه الدولة فملخصه: قولوا ما تشاءون, ونحن (الدولة) نفعل ما نشاء.
نحن أحوج ما نكون إلى دعم وتدخُّل دوليين لحمايتنا. نحن بحاجة إلى دعم المؤسسات الدوليّة لحقوقنا, وبحاجة إلى تدخُّلها الفاعل, وضغطُها المؤثِّر. ويجب أن تُرهَن مشاركة إسرائيل في المؤسسات الدوليّة بإثبات سعيها الجادّ لسد الفجوات, وتحقيق المساواة لصالح مواطنيها العرب.
والله غالب على أمره

مقالات متعلقة