الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 06 / مايو 09:02

تشجيع الطفل لإيجاد حلول لمشاكله

أماني حصادية -
نُشر: 28/03/11 11:49,  حُتلن: 13:54

العقاب في أكثر من الأحيان لا يعد وسيلة إيجابية للوصول بأبنائنا إلى هذا الهدف

مهمتنا كآباء، أن نساعد أطفالنا، لكي يفهموا معنى السلوك الصحيح من السلوك الخاطئ، فنساعدهم بذلك على تصحيح تصرفاتهم السلبية، وعدم تكرارها مستقبلاً، من أجل تطوير شخصياتهم، لذلك لا يعد العقاب في أكثر من الأحيان وسيلة إيجابية للوصول بأبنائنا إلى هذا الهدف.


صورة توضيحية

ذكرت من قبل بعض الأساليب الحازمة التي توفر على الوالدين اللجوء إلى العقاب في تعاملهم مع أبنائهم، لكنني هنا سأتناول بعض الوسائل البديلة للعقاب في حالة إرتكاب الطفل للتصرف الخاطئ، وسأقوم بتوضيح كل وسيلة عن طريق إستعراض الأمثلة.
أن نساعد أطفالنا من أجل إيجاد الحلول المناسبة للمشاكل الناتجة عن تصرفاتهم الخاطئة، تعد إحدى هذه الوسائل البديلة لعقاب الطفل، فيكونون هم جزءاً مؤثراً في عملية إيجاد هذه الحلول التي سيلتزمون بها، لأنّهم ساهموا في إتّخاذها بأنفسهم ولم تفرض عليهم من قِبَل آبائهم.
كمثال على ذلك: اتصل مدرس عادل بوالده ليخبره عن سلوك ابنه السيِّئ في باص المدرسة، أدرك هذا الوالد أنّه إذا بدأ في عتاب ولده، فإنّه سيدافع عن تصرفاته، لذلك قرر أن يطلب منه أن يجد حلاً لسوء سلوكه، بدلاً من أن يعاقبه، لأنّه سيقتنع بما يقرره وسيلتزم بتطبيقه، خصوصاً أنّه سيكون نابعاً من إختياره، لذلك بدأ حديثه معه قائلاً:
- عادل، أريد أن أتحدث معك حول موضوع هام.

تساءل الإبن: نعم يا أبي، ماذا تريد؟
قال الأب: اتصلت بي مدرستك، وقالت لي إنك كنت فوضوياً في باص المدرسة، ولا تحترم كلام السائق، لأنك لا تصغى له، كما ذكرت بأنّك يجب أن تذهب إلى مكتب المديرة لتحاسبك على ما فعلت، وأنّها قد لا تسمح لك بركوب باص المدرسة بعض الوقت.
بكى أحمد وقال مدافعاً عن نفسه: لكنني لم أكن الوحيد الذي تصرف بهذه الطريقة.
أجاب والده: أنا واثق من صدقك، لكنك ابني وأنا أحبك، ولا أريدك أن تقع في أي مشكلة، أعلم أن من الصعب عليك عدم ركوب الباص، لأنّك لن تستمتع بوقتك مع أصدقائك، لكنني أظن أنك تستطيع أن تساعدني على إيجاد حل لهذه المشكلة، فهل لديك أي حل؟.
أجاب عادل بعد فترة صمت: يمكنني أن أجلس بجانب السائق، لا مع أصدقائي المشاغبين.
علق الأب قائلاً: هذه فكرة حسنة.
وفي اليوم التالي، ذهب والد عادل به إلى باص المدرسة، وقال للسائق: إن ابنه يريد الجلوس بجانبه في بعض الأيام، وانقطعت شكوى المدرسة حول تصرفات عادل في باص المدرسة، فقد التزم بالحل الذي وضعه لتحسين سلوكه.
كان في إمكان والد عادل أن يعرض عليه بعض الإختيارات، لكنه اكتفى بالحل الذي عرضه عليه ابنه، لأنّه كان قراراً نابعاً من ذاته، وسيهتم بتطبيقه، لكن شعور الأب عندما وصلت له شكوى المدرسة حول سلوك ابنه لم يكن هذا، وإنما فكر في عقابه، لكنه تمهل فيما بعد، وقرر أن يتبع هذا الأسلوب الإيجابي في مواجهة سوء تصرف ولده، حيث جعله قادراً على إيجاد حل لمشكلته بعد أن سانده قائلاً:
- أنا واثق من صدقك.
ثمّ شاركه شعوره عندما قال له: أعلم أن من الصعب عليك عدم ركوب الباص، لأنّك لن تستمتع بوقتك مع أصدقائك.
ثمّ شجعه على إيجاد الحل بقوله:
- لكنني أظن أنك تستطيع أن تساعدني على إيجاد حل مناسب لهذه المشكلة، فهل لديك أي حل؟.
لقد عمل والد عادل على تحريك دافعه ليطور سلوكه، بدلاً من إثارته للدفاع عن نفسه.
ولنستعرض أيضاً مثالاً آخر يساعدنا على تطبيق هذه الوسيلة لتقويم سلوك الطفل، كانت الأُم تريد أن تأخذ ابنتها إلى حلاق للسيدات لقص شعرها، فقالت لها:
- سلمى.. هيا بنا، قد حان وقت ذهابنا إلى الحلاق.
- ردت الإبنة: لا، لا أريد أن أذهب، أشعر أني تعبة.
قالت الأُم وهي تشجع ابنتها على إيجاد الحل المناسب:
- سلمى، لقد أخذت موعداً مع الحلاق، وعلينا الإلتزام به، كيف يمكنني جعل زيارة الحلاق أكثر سهولة بالنسبة لك؟.
أجابت الإبنة فوراً: أريد أن يقص الحلاق شعري فقط، لا أن يغسله بالشامبو.
سألتها أُمّها: ولماذا يضايقك غسل شعرك بالشامبو؟
ردت سلمى: لأنّ المرأة التي غسلت شعري في المرّة السابقة، شدته كثيراً وهي تغسله.
علقت الأُم بطريقة أشعرت بها ابنتها أنّها تشاركها مشاعرها:
- شدته بشدة إلى درجة آلمتك، ولذلك أنت خائفة من الذهاب، لأنّك تخافين أن تؤلمك مرّة ثانية:
أجابت الإبنة: هذا ما حدث، لذلك أريدها أن تقصه فقط، ولا تغسله بالشامبو.
قالت الأُم: سنذهب لقص شعرك، وسأخبر المرأة التي ستقصه عن مشكلة غسله بالشامبو، لكي تتفادى شد شعرك عند غسله.
كان من الممكن أن تغضب الأُم على ابنتها عندما رفضت الذهاب إلى الحلاق، فتأخذها رغماً عنها لتقص شعرها، لكن بدلاً من أن تفعل ذلك أو تهدد ابنتها قائلة:
- لن آخذك إلى بيت صديقتك أمال غداً مثلما وعدتك، غدا لم تأت معي.
استمعت إلى ابنتها بهدوء وشفقة قائلة: كيف يمكن جعل زيارة الحلاق أكثر سهولة بالنسبة لك؟.
واستطاعت بذلك أن تعلم من ابنتها السبب الحقيقي وراء رفضها الذهاب، ولم تكتف بذلك، وإنما جعلت ابنتها تشارك في إيجاد الحل، ووعدتها الأُم بأنّها ستخبر المرأة التي تغسل شعرها بما ضايقها في المرة السابقة حتى تتفاداه هذه المرة، وبذلك استجابت الإبنة إلى أُمّها بهدوء واقتناع، وذهبت معها بعد أن شاركت في البحث عن الحل لمشكلتها.

مقالات متعلقة