الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 06 / مايو 07:01

حمّاد أبودعابس بين يوم الأمّ ويوم الأرض-همومُ أمَّةٍ ووطن

كل العرب
نُشر: 25/03/11 10:34,  حُتلن: 13:28

الشيخ حمّاد أبو دعابس:

الذي نريده ونطمح إليه كأبناء بررةٍ لهذه الأمّة، هو أن نرى أُمَّتنا تملك زمام أمرها بأيديها

أُمَّتنا اليوم تشهد انتفاضة كبرى، وثورة عارمة على الفساد والظلم والقهر والاستبداد. أُمَّتنا اليوم تهدم أسوار سجَّانيها

فلسطين بقدسها وأكناف مسجدها الأقصى المبارك ،وبأرضها المباركة وبحكم وقفيِّتها هي قلب العالم الإسلامي والعربي

تعارف العالم المعاصر على تسمية يومٍ للامّ, وتعارف شعبُنا الفلسطيني على تسمية يومٍ للأرض. ويفصل بين المناسبتين بضعة أيام من شهر آذار. ولكل إنسان على وجه الأرض أمٌّ هي السبب المباشر في وجوده, حملته وولدته وعلى الأغلب أنها هي التي أرضعته وربته حتّى كان بشراً سويّاً. فاستحقّت أن يكون برُّها وطاعتها وإكرامها من أعظم الواجبات وأجلّ القربات. وقد أقرَّ الإسلام لها حقوقاً في حياتها وبعد مماتها, وجعلها القران أحقَّ الناس بالبرّ والإكرام بعد طاعة الله تعالى, وأحقّ الخلق بالمحبّة والصحبة بعد حبَّ النبي صلّى الله عليه وسلّم. والآيات والأحاديث في ذلك كثيرة. منها قوله تعالى : " وقضى ربُّك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا * إمّا يبلغنَّ عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أُفٍّ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً ". وقوله سبحانه : " ووصّينا الإنسان بوالديه حملته أُمّه وهناً على وهنٍ وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك أليَّ المصير ", وقد سُئل النبي صلّى الله عليه وسلّم: ( من أحقّ الناس بحسن صحابتي فأجاب على السؤال المتكرِّر: أُمّك ,ثمّ أمُّك ثمّ أمُّك ثمّ أبوك).

أُمرنا أن نبرّ الأُم ونبرَّ الأُمّة
تحدّثنا وتحدّث قبلنا القران والسُّنة وكتب العلم والفقه والاجتماع والفلسفة عن برِّ الأمهات، وواجب الطاعة والإكرام لهُنَّ. والى جانب ذلك لا بدَّ أن نتذكَّر أن لنا أُمَّاً كبرى، هي منشأ انتمائنا وهويتنا، ديننا وقوميتنا حقوقنا وكرامتنا إنها الأمَّة الإسلامية وبضمنها الأمَّة العربية وشعبنا الفلسطيني، وللأمَّةِ علينا كذلك واجب البرِّ والمحبِّة، وواجب الانتماء والولاء، والتضحية والفداء، والوفاء والدعاء.
وأُمَّتنا اليوم تشهد انتفاضة كبرى، وثورة عارمة على الفساد والظلم والقهر والاستبداد. أُمَّتنا اليوم تهدم أسوار سجَّانيها، وتزيح الأستار التي حجبت عنها شمس الحُريَّة والكرامة طويلاً، ونحن نرقُبها بعيوننا ونهفو إليها بقلوبنا وتلهج لها بالدعاء ألسنتُنا ونرفع لها بالضراعة إلى الله أيدينا. ولن يهدأ لنا بال، أو يرتاح لنا ضمير حتّى نرى بنيان الحقّ والخير، والكرامة والمجد يُبنى لهذه الأمَّة، على أنقاض بنيان الباطل والفساد والذلَّة والقهر والاستبداد الذي لا بُدَّ أن يرحل عن كل أوطاننا وشعوبنا العربية والإسلامية.

شعوب تنتخب القيادة بحرية
إن الذي نريده ونطمح إليه كأبناء بررةٍ لهذه الأمّة، هو أن نرى أُمَّتنا تملك زمام أمرها بأيديها، تتحرّر من قبضة سجّانيها، فلا تتلقّى قراراتها من قوى خارجية ولا عملاء لهذه القوى الخارجية.
نريدها شعوباً تنتخب قياداتها بحرّيةٍ وشفافيّةٍ، وتبني دستورها وفق عقيدتها وقيمها وأصالتها، ثم تجتمع كلمتها من أقصى المشرق إلى أقصى المغرب، لتبنى أُمَّةً مجيدةً مهابة الجانب، تفرض احترامها ومكانتها بين أمم الأرض وتكون ملاذاً وحِصناً لكل مستضعفٍ من أبنائها. حتى لا يبقى مسلم أو عربي مظلوم، أو مقدّس من المقدسات يُنتهك، أو أرضٍ مغصوبةٍ يحتلها عدوّ أو ظالم إلا ووجد أمّته إلى جانبه على الحقِّ، تذود عنه وتحميه وترد له حقه، وتحفظ له حرمته وكرامته.

أرضنا الفلسطينية قلب الوطن العربي الكبير
خلال أحداث النكبة الفلسطينية صادرت إسرائيل ما يقرب من 90% من الأرض الفلسطينية داخل الخط الأخضر. وظلت بعد ذلك تتطاول على البقية الباقية من الأرض، فلم تكد تسلم ارض زراعية ولا مسطّحات قرى ومدن إلا ونالتها يدُ المصادرة الظالمة، حتى بات المواطن العربي في القرية والمدينة العربية في الدّاخل الفلسطيني لا يكاد يجد لنفسه أو لأبنائه أملاً في مستقبل.فقد التهمت المدن الإسرائيلية والقرى التعاونية اليهودية معظم الأراضي المحيطة بالتجمُّعات السكانيّة العربيّة. واستخدمت السلطات الإسرائيلية من اجل إنفاذ ذلك سلطاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية. فالكنيست تُسنُّ قوانين الأرض الموات وأملاك الغائبين وغيرها، والجيش الإسرائيلي يصادر الأرض تحت ذريعة المناطق العسكرية، والصندوق القومي لإسرائيل ( الكيرن كييمت) تصادر وتحرش الأرض العربية، ومصادرات أخرى تحت ذريعة المنشآت العامة من شوارع ومدارس ومستشفيات ومناطق صناعية المستفيد منها غالباً هي الأغلبية اليهودية،والشرطة تحمي من ينفِّذ إجراءات المصادرة.انه توافق وتكامل ادوار المؤسسات الإسرائيلية على قضم ونهب الأرض العربية للفلسطينيين في هذه البلاد.

انتهاكات في القدس
وإذا استعرضنا ما يُضاف إلى ذلك من مصادرات وانتهاكات في القدس الشريف والضفة الغربية وسائر المناطق المحتلة,وما سبقه من هدم القرى العربية وانتهاك المقدسات من مساجد ومقابر ومقامات وأراض وقفية،وجدنا أن قضية الأرض قضية دامية، تستنزف الوجود العربي ومقدَّرات الشعب الفلسطيني, وتُهدِّد الحاضر والمستقبل لكل الأجيال الفلسطينية الحاضرة واللاحقة.
إن فلسطين بقدسها وأكناف مسجدها الأقصى المبارك ،وبأرضها المباركة وبحكم وقفيِّتها (حيث أوقفها عمر بن الخطاب رضي الله عنه )هي قلب العالم الإسلامي والعربي. وما كان لعدوٍ أن يطعن جسد ألأُمّة في قلبها لولا أن أطراف هذا الجسد قد شُلَّت أو مرضت فلم تستطع في الماضي حماية هذا القلب، وشرايين الحياة التي تنفجر منه. وإننا لنأمل من خلال متابعتنا للثورات العربية التي تحركت منتفضةً على واقع الأمَّة الأليم، أن تستعيد الأمُّة عافيتها، فتعود أطراف الجسد لتحمي القلب، وتنزع منه الخناجر المسمومة التي غرزها فيه أعداؤها.
كل يوم من أيامنا هو يوم نزداد فيه حُبّاً لأرضنا، وتمسكناً بها، وإصراراً على حقِّنا وحقّ أجيالنا فيها. كل أيامنا أيام ارض. وكل مقدّراتنا هي مشاريع لعمارة الأرض وتثبيت وجود أهلنا عليها ودفاعاً عن حقوقنا في ملكيتها وتطويرها. ولا يضيع حقٌّ وراءه مطالب. وان الشعب الفلسطيني بكامله صاحب حقّ ومطالب بحقّ في الأرض الفلسطينية المغتصبة. ولن نُقرَّ لمغتصبٍ ملكيّة أو أحقيّة على ارض إبائنا وأجدادنا مهما طال الزمان.

والله غالب على أمره

مقالات متعلقة