إسماعيل ناشف: لا بد من تفكيك علاقة العبد والسيد للتخلص من النظام الاستعماري

في إطار لقاءات خريجي الحركة الطلابية التجمعية الدورية، والمعنونة بـ "لنا لقاء"، استضاف الخريجون الباحث والأستاذ في جامعة بار إيلان، الدكتور اسماعيل ناشف، في محاضرة فكرية سياسية عنوانها: "الرسالة في قتل المقموع".

افتتحت الجلسة بترحيب الطالب الجامعي، علي نصوح مواسي، بالحاضرين، معرفا بالضيف المحاضر، وبمجالات بحثه ودراسته وسيرته الأكاديمية، ومؤكدا على اهتمام التجمع الوطني الديموقراطي الدائم، بوصل كوادره مع الشخصيات العلمية والبحثية الوطنية في الداخل الفلسطيني، وتعريفهم بهم، وردم الهوة بين المثقف الفلسطيني والأجيال الصاعدة من الشباب قدر الإمكان، والتي يتسبب بها انحسار مجالات ومساحات اللقاء بسبب غياب المؤسسات البحثية والعلمية والجامعات العربية في الداخل.
ثم تحدث ناشف، متطرقا إلى محاور كبرى، أهمها السؤال "العلاقة بين السيد والعبد، أو القامع المقموع"، وحول تفكيك نظام الاستعمار الاسرائيلي للفلسطينيين، وكيفية ذلك، مقدما قراءة نقدية لطبيعة النضال الفلسطيني ضد الاستعمار الاسرائيلي، وخصوصا النضال الحقوقي.

ناشف: النضال الحقوقي يجعلنا مضطرين أن نتبنى لغة النظام وأدواته لشكوى اضطهاد النظام نفسه لنا
وقال ناشف في محاضرته: " النظام الاسرائيلي غير شرعي، هي حقيقة ينطلق منها الفلسطيني من دون أن يكون مضطرا للبحث عن أسباب لعدم شرعيته، وطالما أنه غير شرعي، فلا بد من العمل على تفكيكه"، وأضاف: " يمكننا أن نقول، إن الفلسطينيين اليوم هم تاريخ أحداث القمع التي مورست عليهم، فالفلسطيني لا يعرف ولا يختزن في ذاكرته سوى الضربات التي تلقاها من "اليهودي"، وهو في عملية بحث متواصلة عن أدوية لها، وما هو سوى مقموع من الاستعمار بشكله الموجود، وهنا يمكن سؤال: ماذا أحمل في ذاتي التي اسمها فلسطين؟"
وأضاف: "والنضال الحقوقي أيضا في ظل الاستعمار، يجبر الفلسطيني على إعادة تشكيل ذاته كونه فلسطيني، لكونه أمورا أخرى تجعله قادرا على المطالبة بحقوقه، ولتحقيق ذلك يجب أن يصير جزءا من هذا النظام، ويجب أن يعيد تشكيل ذاته بما يتلاءم من هذا النظام، وقال أيضا: "إن النضال الحقوقي بالتالي، ضمن النظام، هو أمر غير مجد، وشكل المقاومة من خلال أدوات أو مطالب حقوقية في قلب النظام الاسرائيلي، تحدد سقف المطالب والتحركات."
وقال أيضا: "يجعلنا الخطاب الاسرائيلي في حال سيطرته علينا، نتبنى لغته وأدواته، وهي أن المضروب يشكو الضارب، وهذا ما نقوم بفعله عبر شكوانا النظام إلى النظام نفسه بأنه يقمعنا، وفي هذه اللحظة نعيد صياغة أنفسنا بما يتناسب مع النظام فنغدو جزءا منه."

تجربة الأسر الفلسطينية أنتجت أهم أدبيات المواجهة وتفكيك النظام
وحول آليات تفكيك النظام، استعرض ناشف نماذج مختلفة مجازية من النضال الفلسطيني، ومنها الأسر، فقال: "مجمل اللحظة الاستعمارية يتم تكثيفها في التحقيق، والفلسطينيون في أدبياتهم وكتاباتهم يقولون بأن لحظة الأسر تحتوي على صراع إرادات، فالصهيوني يوجد وراءه جهاز كامل، والفلسطيني يرى أن حياته على المحك، والفلسطيني مؤمن بحقه في أن يعيش، وأدبيات السجون تحكي كيف أن الأسير الفلسطيني أو الفلسطينية، يريد أن يعيش ذاته مقابل إرادة السجان.، وكان التركيز كيف أن المحقق يمتلك كل السياق المادي، والفلسطيني لا يملك إلا ذاته، عندما تكون حاضرا في التحقيق، أنت لا تقرر أي شيء، سوى ذاتك، أو الفضاء النفسي الداخلي الخاص بك، ومن هنا تم التركيز على إعادة تشكيل الذات الفلسطينية، فنتجت من داخل السجون أهم الأدبيات الفلسطينية حول كيفية المواجهة وتفكيك النظام."

قرأنا فائض الانتاج الصهيوني الذي يؤكد على يهودية كل شيء، وعلمنا لتفكيك النظام يجب أن يكون جماعيا
وقال ناشف أيضا: "لا يوجد في تجربتنا الاجتماعية، أو التاريخية، أمر لم يتم تفتيته وإعادة كتابته من جديد بما يتلاءم مع الصهيونية، حتى الأمور البسيطة، مثل الشجرة، والعصفور، والمزبلة، لقد تحول كل شيء من حولنا إلى صهيوني، ونحن غدونا نشعر بأن هذا الشيء عادي، وهذا بسبب القراءة المهووسة للفائض الاسرائيلي طلبا منا للعيش، وما الإنسان سوى مجموع ما يقرأ وفقا لنظرية التناص."
وحول ضرورة العمل الجماعي في تفكيك النظام قال ناشف: " فضاء العمل والتشكيل للنضال من أجل تفكيك النظام يجب أن يكون جماعيا وليس فرديا، ويجب أن يكون دائما مطروحا كسؤال ومساحة، ويجب أن يكون هناك هم أساسي، وهو أن السعي إلى تقويض هذا النظام، أمر لم يعد يحتمل التأجيل."