الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 05 / مايو 15:02

اياد خلايلة:إعادة الأرض و إحقاق الحق بدلا من توسيع مناطق النفوذ

كل العرب
نُشر: 24/03/11 14:17,  حُتلن: 07:50

إياد خلايلة في مقاله:

قضية مناطق النفوذ، والتي تعاني منها كل السلطات المحلية العربية، هي قضية حقٍ تاريخي وأخلاقي وشرعي، وليست قضية حاجة فقط

مجلس مسجاف يمنع العرب من شراء قسائم داخل المستوطنات اليهودية، أو حتى البناء على أرضهم وهو ليس أحق من سخنين في الأراضي

علينا أن نطالب بإعادة أراضينا من الدولة، وأذرعها من مجالس أقليمية، ووضعها تحت نفوذ سلطاتنا المحلية العربية، لا أن نطالب بتوسيع مناطق نفوذ البلدات العربية

 الاستيلاء على الأرض العربية هو نتاج سياسة حكومية عامة وشاملة، وما المجالس الإقليمية إلا أداة لتنفيذ هذه السياسة، وفي المقابل فهي قضية وطنية عربية عامة، وليست قضية محلية بين هذا البلد العربي وتلك المستوطنة اليهودية

قضية مناطق النفوذ في سخنين، وفي البلدات العربية عامة، هي قضية لم تخبُ، فهي قضية يعاني منها العرب الفلسطينيون في الداخل يوميا، في مجال السكن، الزراعة، والعمل، وتعود للنقاش في الاوساط الشعبية والسياسية بشكل مكثّف مع حلول ذكرى يوم الأرض الخالد الذي سطّر تاريخاً مشرقاً للفلسطينيين في الداخل، والذين استماتوا للدفاع عن ارضهم، والتي تستهدفها السياسات الحكومية الاسرائيلية منذ عام 1948، من خلال سياساتها لتوزيع الاستيطان اليهودي في فلسطين للسيطرة على اكبر قدر من الأرض، متجاهلة العرب أهل وأصحاب هذه الأرض.
يتفاوت التقييم للأداء الشعبي والمؤسساتي في الدفاع عن قضايا الأرض بعد عام 1976 وحتى اليوم، ولسنا هنا في صدد توزيع الأوسمة ولا جلد الذات، بل لنوضح عدة نقاط ومرتكزات أساسية في خطابنا، والأساسية في إنجاح أي نضال لاسترداد أرضنا ، فبدايةً، يجب أن نؤكد أن قضية مناطق النفوذ، والتي تعاني منها كل السلطات المحلية العربية، هي قضية حقٍ تاريخي وأخلاقي وشرعي، وليست قضية حاجة فقط، كل البلدات العربية انتزعت منها أرضها حسب قرارات ومخططات حكومية وسلّمت بمعظمها للمجالس الإقليمية الإستيطانية، وفق سياسة حكومية مدروسة وممنهجة وبذلك أعطى من لا يملك لمن لا يستحق.

نفوذ السلطة المحلية
علينا أن نذوت في عقليتنا، وأن نطرح في نقاشنا أننا نطالب بإعادة أراضينا من الدولة، وأذرعها من مجالس أقليمية، ووضعها تحت نفوذ سلطاتنا المحلية العربية، لا أن نطالب بتوسيع مناطق نفوذ البلدات العربية، فلكل بلدة عربية مناطق تعرف بأراضي البلدة، والتي تشمل المناطق التي يتملكها سكان البلدة، والأراضي العامة بينها، والتي كانت يستعملها سكان البلدة كمراعٍ لمواشيهم ، وهذه المناطق كان من الواجب وضعها تحت نفوذ السلطات المحلية لكل بلدة وبلدة، ولكن ما حدث بالفعل هو أن الدولة وبعد أن صادرت معظم الأراضي العربية، أقامت المجالس الاقليمية الإستيطانية، ووضعت أراضي العرب تحت سلطة ووصاية هذه المجالس الاقليمية، لانتزاع هذه الاراضي من العرب وتمليكها لدائرة اراضي اسرائيل، وتوزيعها بعد ذلك على سكان المستوطنات اليهودية، كوسيلة لتفريغ وتوزيع الطاقات العربية، وعرض الأمر وكأنه نزاع محلي بين مواطنين عرب-يهود على الأرض لا دخل للدولة فيه، في حين أن الحقيقة أن الاستيلاء على الأرض العربية هو نتاج سياسة حكومية عامة وشاملة، وما المجالس الإقليمية إلا أداة لتنفيذ هذه السياسة، وفي المقابل فهي قضية وطنية عربية عامة، وليست قضية محلية بين هذا البلد العربي وتلك المستوطنة اليهودية.

اصلاح الغبن التاريخي
من الإجحاف بحق أنفسنا أن نستجدي المجالس الإقليمية الإستيطانية "بتوسيع" حيّزنا المكاني، لأن حقنا عند الدولة بإصلاح الغبن التاريخي الذي ارتكبته ونطالبها بإعادة الحق إلى أصحابه، وعليه فالاستمرار في رفع مطلب "توسيع منطقة النفوذ" هو تكريس للّعب في المربع الذي رسمته لنا المؤسسة الحاكمة لنلعب فيه، فمن يطالب بتوسيع منطقة النفوذ يطالب بتعديل حدود هذا المربع بدلاً من طرح "قوانين لعبة" جديدة أكثر عدلاً. والحقيقة أن من يرفع هذا الشعار ينطلق من الحاجة لتوسيع هذه المناطق لحل مشكلة عينية، وبشكل أساس لحل أزمة المسكن، وهي أزمة لا شك مستفحلة، ولكنه بذلك يغيّب الحق التاريخي والأخلاقي والقانوني لكل بلدة عربية على أرضها، ويلغي حق كل بلدة عربية في إدارة أراضيها باستقلالية كاملة بما يخدم مصلحة سكانها ومتطلباتهم، هذا الحق يشمل كافة الأراضي التي يملكها أهالي البلدة، ويشمل أيضاً حصة أهالي البلدة في الأراضي العامة -المعرّفة بأراضي دولة-. وليس فقط من حق، بل من واجب، كل بلدة عربية أن تطلب من الدولة بحقها على أرضها، لا أن تفاوض المجالس الأقليمية الاستيطانية لتعيد لها جزءاً من الحق المغتصب ، فالمجالس الإقليمية الاستيطانية ليست بأحق من السلطات المحلية العربية في إدارة أراضي البلدات العربية.
كما أن اختزال المطلب إلى "توسيع منطقة النفوذ" لحل مشكلة السكن المتفاقمة، بادعاء أن الأراضي الموجودة تحت سلطة البلدة لا تكفي حاجياتها للسكن، وبالإضافة إلى ما فيه من إنكار لحق البلدة في أرضها، فإنه يفتح الباب أمام الحكومة وأذرعها المختلفة لطرح الحلول المبتكرة لحل أزمة السكن، وسوف تبدع في ذلك، من خلال الاقتراح بالبناء متعدد الطبقات، أو تحديد النسل أو من خلال توزيع "عادل" للأراضي بين السكان، وغيرها.

الافراط في النسل
هناك مشكلة سكن خانقة، تتفاقم يوماً بعد يوم، وهي لم تنشأ نتيجة الإفراط في النسل ولم تنشأ لأن العرب باعوا أرضهم، بل سببتها الدولة عن سابق إصرار، حين صادرت أرضهم ووضعت ما تبقى من أراضيهم تحت وصاية المجالس الإقليمية ومنعتهم من البناء علي أرضهم، لتضطر صاحب هذه الأرض – التي جعلتها الدولة لا تصلح لشيء – لمبادلتها بصورة غير عادلة مع دائرة أراضي إسرائيل بقطعة صغيرة يحل بها أزمته الشخصية، بدل أن تسوّق هذه الأراضي التي استملكتها داخل مسطح البناء للأزواج الشابة، التي لا تملك أرضاً تبني عليها بيتها. إعادة أراضي البلدة لإدارة سلطتها المحلية، تحل هذه الأزمة وأزمات أخرى مباشرة، إذ تستطيع السلطة المحلية عندها أن تخصّص قسماً من الأرض – حسب تخطيط علمي- للسكن وبذلك تنخفض أسعار أراضي البناء وتصبح في متناول معظم الأهالي، في حين أنها اليوم في متناول قلة قليلة، لندرة المساحات الشاغرة، من الأرض داخل منطقة نفوذ البلدات العربية والمعدة للبناء.
وهنا لا بدّ أن نذكر أن الحكومة ووزارة الداخلية ودائرة أراضي إسرائيل قاموا في السنوات الأخيرة بتوسيع كافة المستوطنات اليهودية في الجليل، وسوّقت ألاف قسائم البناء في هذه المستوطنات لليهود فقط لينعم سكان المجمعات الاستيطانية باحتياطي مستقبلي واسع من الأرض، فيما أن العرب – وهم أصحاب الأرض - يعانون من أزمات خانقة في السكن. ولنطبق هذه الأفكار على الواقع، نذكر على سبيل المثال، لا الحصر، مشكلة سخنين، والتي تنطبق على معظم البلدات العربية، إذ يبلغ عدد سكان سخنين 27000 تقريباً، يعاني قسم كبير منهم، وخاصة الأزواج الشابة من اكتظاظ وأزمة سكن خانقة، في حين أن سكان المستوطنات اليهودية التي بنيت على أراضي سخنين ينعمون بمساحات شاسعة من الأراضي واحتياطي يكفيهم لعشرات السنوات القادمة.

سخنين والأراضي
وسخنين ليست بلدة فقيرة بالأرض، ومع أن قسماً كبيراً من أراضيها صودر، أسوةً بباقي البلدات العربية، إلا أن ما تبقى من هذه الأراضي يمتد على مساحة 70 ألف دونم، منها 9866 دونما فقط تحت نفوذ بلدية سخنين، نصفها ممنوع البناء بها، قسم منها شوارع، أراضي دولة، منشآت عامة وغيرها، لتبقى حوالي 3000 دونما يمكن البناء عليها لغرض السكن، التجارة، المكاتب والخدمات، فيما أن الغالبية العظمى من أراضي البلدة (60000 دونماً تقريباً) تقع تحت نفوذ وإدارة ووصاية مجلس مسجاف الاقليمي، الذي يمنع أصحاب الأراضي من البناء عليها، لغرض السكن او التجارة أو الصناعة وحتى الزراعة (منع قبل عدة سنوات اقامة مباني زراعية او مناطر)، ويعيق إمكانية تطويرها من خلال شق أو توسيع شوارع زراعية تمكّن أصحاب الأراضي من الوصول إليها وفلاحتها والعناية بها، فيما يتفنّن مجلس مسجاف الاقليمي في تقسيم وتقطيع هذه الأراضي وتحريشها بما يخدم توجهاته الاستيطانية، لإرهاق أصاحبها ولتصبح أرضهم عبئاً عليهم لا نعمةً، ولتعرض عليهم لاحقا دائرة أراضي إسرائيل شرائها بسعر بخس أو مبادلتها بأرض استملكتها داخل مسطح البناء في سخنين بنسبة 20:1، أي مقابل كل عشرين دونم يملكها المواطن تعطيه دونماً واحداً للبناء أو أقل.

تسويق الاراضي للأزواج
في العقدين الأخيرين لم تسوّق دائرة أراضي اسرائيل قسائم بناء داخل سخنين، سوى بضعة قسائم سوّقت لمن خدموا في الجيش الإسرائيلي، في حين أن هناك مئات القسائم المعدة للبناء، تعيق دائرة أراضي اسرائيل تسويقها للأزواج الشابة، رغم أزمة السكن المتفاقمة، لتستغل هذه الضائقة لمبادلة كل قسيمة بناء بعشرات الدونمات الزراعية الواقعة تحت نفوذ مجلس مسجاف، وبذلك تتفاقم أزمة السكن وترتفع أسعار قسائم البناء بصورة جنونية.
مجلس مسجاف الاقليمي الذي يمنع العرب من شراء قسائم داخل المستوطنات اليهودية، أو حتى البناء على أرضهم التي بقيت داخل المستوطنات، ليس بأحق من سخنين في أراضي الملّ، وادي العين، وادي القطن، خلّة حسن، مشطة، الشكاير، المعاصر، جبل مرسان، الجميجمة وغيرها، هذه أراضي سخنين ومن حق أهالي سخنين استغلالها وتطويرها دون وصاية من أحد، ومن حق، لا بل من واجب، بلدية سخنين وأهالي سخنين المطالبة بأن تكون أراضيهم تحت نفوذ بلدية سخنين، لكي تعدّ مخططاً لتحويل قسم من هذه الاراضي لهدف البناء فيما ينام اصحاب الأراضي قريري العيون على أراضيهم، بدل القلق الدائم الذي يعيشونه اليوم من مخططات مجلس مسجاف على أرضهم.
من المتوقع ان نُتَّهم بطرحنا هذا بالطوباوية وبرفع شعارات غير واقعية، لكن هناك أمور كثيرة في التاريخ وفي واقعنا قيل عنها أنها خيالية ولكن أظهرت الأيام أنها واقعية جداً، وما حصل في العالم العربي خير دليل على ذلك، ولكن حتى لو لم تحقق الحقوق كاملة إلا أن تذويت القضية كأصحاب حق هي أول خطوة لنجاح أي نضال أو حتى مفاوضات.

مقالات متعلقة