في السادس والعشرين من هذا الشهر النقب على موعد مع الأيدي المتوضئة والسواعد المعطاءة، التي تخفف آلام الأرملة وتمسح دموع الأطفال ممن تُركوا في العراء بعد أن هدمت الأيدي الملوثة بيوتهم

يوم السبت؛ السادس والعشرين من الشهر الجاري، يشهد النقب محطة تاريخية من العطاء والسخاء في أبهى صوره تجسد فيه الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني التضامن الحقيقي والعملي والفعلي مع النقب من خلال مشاريع جبارة تخفف من معاناة الأهل الصامدين على أرضهم، والذين يتجرعون مرارة الفقر والعوز في ظل التمييز المنهجي ضد كل ما هو فلسطيني، بخاصة الأهل في النقب، الذين يدفعون ثمنا باهظا لهذا الرباط، في مواجهة الفقر والصلف الحكومي والهدم وسياسة الترحيل ومصادرة الأرض ومصادرة الحق في الوجود.

في السادس والعشرين من هذا الشهر النقب على موعد مع الأيدي المتوضئة والسواعد المعطاءة، التي تخفف آلام الأرملة وتمسح دموع الأطفال ممن تُركوا في العراء بعد أن هدمت الأيدي الملوثة بيوتهم، وتقف إلى جانب المحتاجين الذين ضاقت بهم السبل وأصبحوا ينتظرون معسكرات التواصل بفارغ الصبر كل عام.

الوقوف إلى جانب المعوزين
هو يوم من أيام الله تعالى تظهر فيه روعة الإخاء ومعاني الرحمة والإنسانية وتترجم فيه روح الإسلام في تفريج الكروب والوقوف إلى جانب المعوزين.
يوم يسطر بأحرف مضيئة تشع من همم إخوة أرادوا أن يضعوا بصمات الأمل في قلوب ونفوس الصامدين على أرضهم في النقب، في زمن تجتاحهم فيه قوات الهدم بخيلها وخيلائها؛ تهدم البيوت وتحولها إلى ركام.
يومٌ من أيام آذار، يوم الأرض، تتحول فيه الشعارات والخطابات إلى مشاريع بناء تساهم في تعزيز الصمود على الأرض.
يومٌ يلتقي فيه المؤمنون في قرى ومضارب وبلدان وتجمعات الأهل في النقب، ضاربين مثلا في روعة العطاء والتضحية بالجهد والوقت والمال نصرة لمن اختاروا تحمل مرارة الكرامة والعزة.

تسعة وثلاثون مشروعا جاهزة بالتمام والكمال للتنفيذ
هي تسعة وثلاثون مشروعا جاهزة بالتمام والكمال للتنفيذ ضمن معسكر التواصل السادس والذي ترعاه الحركة الإسلامية كل عام.
"وضعت اللمسات الأخيرة"، كما يقول الأستاذ صالح أبو سعد، رئيس مؤسسة النقب للأرض والإنسان ومركز مشاريع المعسكر، "وكل شيء جاهز لانطلاق قافلة العطاء بعد أن عاينت كافةُ البلدان المنفذةُ مشاريعَها في زيارات ميدانية".
وعن طبيعة هذه المشاريع يقول الشيخ أحمد السيد، مدير مؤسسة النقب للأرض والإنسان: "المشاريع هذا العام ركزت أكثر على بناء وصيانة البيوت للعائلات المحتاجة، ولدينا 39 مشروعا؛ 24 بيتا وثلاثة مساجد و4 طرق وصيانة مقبرة وملعب ومركز "حراء" لتحفيظ القرآن وروضة ومصلى مدرسي ومد أنبوب مياه وصيانة مدرسة وزراعة أشتال زيتون".

فرحة لا مثيل لها
أثناء إعداد التقرير تمثلت معاني حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه: "أحب الأعمال إلى الله تعالى سرور تدخله على قلب مسلم"..
فيا لها من مشاعر فياضة وسرور وفرحة انتابت أحد أصحاب البيوت التي شرع في تجهيز البناء فيها وهو يلهج بالدعاء لإخوانه. كيف لا وقد بدأ الإخوة بناء بيت يؤوي ابنته المطلقة من نحو عشرين سنة، وهي تعيش في بيت والدها مع أبنائها في ظروف صعبة للغاية.
الحاج الذي التقيناه بدت على وجهه علامات الفرحة والسرور وقال: "ابنتي مطلقة وتعيش معنا في غرفة، والآن أصبح لها بيت تأوي إليه، ونحن نحمد الله تعالى أن يسّر لنا أصحاب قلوب حية ونفوس كريمة، أسأل الله تعالى أن يبارك فيهم".
كان هذا نموذجا واحدا من فرحة عمت 24 بيتا وملأت قلوبهم أملا وطمأنينة بعد معاناة طويلة، حرموا فيها من العيش في ظروف حياة كسائر الناس.

البسمة والفرحة والسرور
مشاهد الرضا والبسمة والفرحة والسرور انتابت بحق كل أصحاب هذه البيوت، وهم ينتظرون بفارغ الصبر يوم المعسكر لينعموا بحياة أفضل في بيوت أصر أبناء الحركة الإسلامية على صيانتها بأحسن حال وأتم وجه.
الشيخ علي أبو قرن: "معسكر التواصل وسام شرف للحركة الإسلامية"
الشيخ علي أبو قرن؛ مسؤول الحركة الإسلامية في النقب، اعتبر أن معسكر التواصل يشكل ترابطا أخويا حقيقيا بين أبناء الدين الواحد والشعب الواحد والمصير الواحد. وقال: "نحمد الله تعالى أن وفقنا كي نقف إلى جانب أهلنا في النقب، نخفف من معاناتهم ونعينهم على شدائد الزمان. ومعسكر التواصل هو بمثابة وسام شرف للحركة الإسلامية التي تعيش هموم أهلها قولا وعملا". وأضاف: "الهدف من هذه المشاريع هو تعزيز صمود أهلنا في النقب في وجه سياسة الإجحاف الممنهجة في حقهم، التي تستهدف ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم في هذه الديار المباركة التي ورثوها عن الآباء والأجداد جيلا بعد جيل. وتأتي هذه المشاريع في ظل ملامح الفقر المدقع والضائقة الاقتصادية التي يعاني منها أهلنا، والتي تتجلى في مظاهر بيوتهم ومساكنهم وسبل عيشهم، حيث تشكل بعض البيوت خطرا على صحة الأطفال. ونحن نسعى من خلال معسكرات التواصل مع النقب إلى إزالة هذه المخاطر بالقدر المستطاع حتى يحيا أهلنا آمنين في بيوتهم".
تقرير: سلمان أبو عبيد