ابراهيم صرصور:

وزارة الإسكان تتحمل الجزء الأكبر من مسؤولية التعامل مع أزمة السكن

لا يمكن اختزال أزمة السكن عند العرب في مسألة العرض والطلب ، فهنالك علاقة مباشرة بين هذه الأزمة وقضية الأراضي وتوزيعها

لا يوجد في إسرائيل أي قانون يتناول حق السكن أو يقره كحق أساسي للمواطن. كما أن المحكمة العليا لم تعترف بحق السكن كجزء من القانون الدولي العرفي

بدعوة كريمة من مدير المدرسة الثانوية عمال ( 1 ) الأستاذ مزهر فضيلي ، وفي إطار فعاليات أبحاث الطلاب في موضوع ( المدنيات ) برعاية وتنسيق الأستاذ فؤاد عقفة ، ألقى الشيخ إبراهيم صرصور رئيس حزب الوحدة العربية/الحركة الإسلامية ورئيس القائمة الموحدة والعربية للتغيير ، محاضرة الأحد 6.3.2011 أمام طلاب الحادي عشر في المدرسة حول موضوع ( أزمة السكن في المجتمع العربي : أسباب وحلول ) ، ألقى الضوء خلالها على عدد من المحاور ذات العلاقة ، وأجرى حوارا مع الطلاب حول عدد من الملفات ذات الصلة ، كان لها مساهمتها في تجلية الحقيقة حول هذا الموضوع الهام بالنسبة للمجتمع العربي.

وقال: " لا يوجد في إسرائيل أي قانون يتناول حق السكن أو يقره كحق أساسي للمواطن. كما أن المحكمة العليا لم تعترف بحق السكن كجزء من القانون الدولي العرفي ، لتبقى وزارة الإسكان هي صاحبة القرار في تحديد سياسة البناء ، بالرغم من أن المواثيق الدولية المتعددة أقرت بأن حق السكن هو احد الحقوق الأساسية ومنها : الإعلان العالمي لحقوق الإنسان : البند 25 ، المعاهدة الدولية بشأن الحقوق الإقتصادية والإجتماعية والنقابية والتي وقعت عليها إسرائيل سنة 1991 ، المعاهدة الدولية بشأن حقوق الطفل : البند 27 . وعليه فإن سياسة الإسكان الحكومية في المجتمع العربي ما هي إلا انعكاس لطبيعة الدولة والتي هي في التعريف المعتمد ( يهودية أقيمت لتحقيق آمال لليهود .) ، والذي يعني أن العرب هم أقلية مُهَدِّدَة ، ولذلك تخضع لسياسات حكومية لا تسمح بالتطور الطبيعي ، من أهمها ، مصادرة الأراضي وقوانين المنهال ، هيئة التطوير ، الكاكال ، مشاكل التنظيم والبناء ، غياب المجتمع العربي عن خطط إسرائيل الإستراتجية المسماة بالقومية ، مشاريع تهويد الجليل ، النقب والمثلث ، والسيطرة على الأراضي من خلال المجالس الإقليمية اليهودية ، كمجلس إقليمي ( مسغاف ) مثلا والذي يضم 32 مستوطنة عدد سكانها 15000 ، ويمتلك مساحة من الأراضي تصل إلى 200000 دونم ، بينما يملك 230000 عربي يسكنون 22 قرية ومدينة عربية مجاورة 215000 دونم فقط".

مسألة العرض والطلب
وأضاف : " لا يمكن اختزال أزمة السكن عند العرب في مسألة العرض والطلب ، فهنالك علاقة مباشرة بين هذه الأزمة وقضية الأراضي وتوزيعها . ترى الدولة حتى اليوم في الجليل والمثلث والنقب أماكن تمركز العرب ، مناطق جغرافية رئيسية ذات حساسية أمنية ، ومخزنا إستراتيجيا للأراضي ، وعليه فقد صادرت منذ عام 1998 أغلب الأراضي العربية ، كما لم تقم إسرائيل ببناء أية بلدة عربية ( باستثناء التجمعات السكانية في النقب ) ، بينما قامت ببناء المئات من البلدات والمستوطنات اليهودية . لم تتغير مناطق النفوذ في البلدات العربية منذ الخمسينات ، في الوقت الذي اتسعت فيه المساحة المبنية فيها نحو 19 مرة .ازدياد الكثافة السكانية داخل مناطق النفوذ مع تقليص مساحات الأراضي العربية وعدم تخصيص أراضي للبناء ، أدت كلها إلى تفاقم أزمة السكن في المجتمع العربي".

الاستثمارات لدى العائلة العربية
وأشار إلى أن : " امتلاك البيت من أهم الاستثمارات لدى العائلة العربية ، إذ يتبين وفقا لمعطيات دائرة الإحصاء المركزية أن هنالك قرابة 8000 حالة زواج سنويا في المجتمع العربي ، والذي يعني حاجة هذا المجتمع إلى 6400 وحدة سكنية جديدة كل عام على أقل تقدير . كما أنه من المرجح أن يتزايد هذا العدد في السنوات القادمة كون 50% من السكان العرب هم تحت جيل 19 عاما . فحسب المسح الاجتماعي - الاقتصادي للعام 2004 تبين أن 60.6% من الأسر العربية ستحتاج لوحدة سكنية واحدة على الأقل خلال السنوات العشرة القادمة ، 7،43% منها لن تتمكن من بناء أية وحدة سكنية ، أي أننا سنحتاج حتى سنة 2014 إلى 165 ألف وحدة سكنية ( يوجد 272 ألف أسرة عربية في البلاد ) ، بمعدل 16 ألف وحدة سكنية كل عام ، لم يبن منها إلا نسبة ضئيلة منذ عام 2004 ".
وأكد على أن : " وزارة الإسكان تتحمل الجزء الأكبر من مسؤولية التعامل مع أزمة السكن . لكن في الواقع هنالك شبه تجاهل من جهة الوزارة لاحتياجات المجتمع العربي . ففي سنة 2006 بادرت الوزارة لتنفيذ مشروع إسكان واحد في الناصرة ( مشروع شنلر ) ، بيعت من خلاله 31 وحدة سكنية من واقع 3000 وحدة بيعت في البلدات اليهودية ، وهو المشروع الوحيد في الوسط العربي . أما في مجال الميزانيات ، فقد بلغت ميزانية وزارة الإسكان لسنة 2007 مثلا قرابة 6 مليارات شيكل ، خصصت منها بشكل مباشر وواضح 30 مليون لبناء أبنية عامة في البلدات العربية ، 7 ملايين للبنية التحتية ،و- 10 ملايين لبنود مختلفة ، أي ما مجوعه 47 مليون شيكل، أقل من 1% من ميزانية الوزارات . أما اليوم وبسبب التقليصات المستمرة في ميزانية الدولة ولغياب سياسة التمييز التفضيلية ، فإن ما يحصل عليه المجتمع العربي من ميزانيات يقل بشكل دائم ، ولا يكاد يفي بالحد الأدنى من الحاجات المتزايدة للمواطنين العرب".

تغيير جذري في سياسة الحكومة
وخلص إلى أن : " المطلوب لحل أزمة السكن هو تغيير جذري في سياسة الحكومة تجاه المجتمع العربي ، والذي يعني : نقل الدولة أراضي للبلدات العربية بهدف البناء : 30 ألف دونم صافية لبناء 150 ألف وحدة سكنية خلال 10 سنوات ، 20 ألف دونم للاستعمالات العامة ، بحيث تزود الدولة 50% على الأقل من هذه الأراضي ، بينما يتحمل المواطنون العرب ما تبقى من خلال تسهيل الدولة عملية تحويل أراضي بملكية عربية خاصة من أراضي زراعية إلى أراضي بناء بغية حل أزمة السكن . إضافة إلى بناء أحياء تشمل آلاف الوحدات السكنية الملائمة لنمط الحياة العربي ، منها الوحدات المشتركة ومنها وحدات منفردة أو مزدوجة ، بشرط ألا يتعدى عدد الشقق عن خمسة للدونم الواحد . يشمل البناء كل البنية التحتية اللازمة ، عن طريق مناقصات مشروطة بحد أعلى لسعر الشقة ، وبسعر منخفض للأرض. كذلك تشمل تخفيضاً بنسبة 50% لأعمال التطوير العامة . تكون المناقصات للمقاولين عن طريق القرعة، كي لا تساهم المنافسة في رفع أسعار الشقق. ملائمة ومساواة حجم قروض الإسكان بين القرى والمدن العربية واليهودية. إعطاء قروض إسكان بفوائد منخفضة مع هبات بقيمة 150 ألف شيكل للوحدة السكنية . منح هبات بمبالغ عالية تنخفض تدريجياً خلال 10 سنوات حتى 50% بغية تشجيع السكان على الانتقال إلى المشاريع السكنية . أما من ناحيتنا كمجتمع عربي فلا بد من أن نبدأ بتغيير ثقافتنا الإسكانية بما يتلاءم مع المتغيرات ، وبما ينسجم مع أنماطنا الاجتماعية وأعرافنا وتقاليدنا الجميلة".