الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 03 / مايو 23:01

لحظات مسروقة فاطمة فلش-الناصرة

كل العرب -
نُشر: 07/03/11 17:37,  حُتلن: 08:27

العاطفة هي بلسم المشاعر التي تُذيب الإنسان...

أما أنا مشاعري مُخزنة بصندوق أسود مُوصد الإغلاق يُدعى القلب.

انقلبت كلّ صفحات حياتي... تغيّرت الحروف والكلمات والألوان والمعاني إلا مشاعري بقيت سوداء كالفحم تلوثُ كل ما يحيط بها.

اختلستُ السير على درب أحلامي حتى لا يستيقظ شبح الليالي ويسجنني في بروج الهلع، عَبَرَ كلّ يوم وخوفٌ مُوحش يُطاردُ غزل كالغزالة الهاربة من أنياب القدر.

غزل التي غزلت أيامها بالقلق والأحلام الوردية... شاء الهوى أن تهوى ذاك الرجل صاحب الظل الطويل، كان مميز بنظراته الصاخبة وبتلك العقدة التي تعرشت على جبينه.

شدني إليه بصنارته كما يشُدُ الصيادُ صيدهُ، كُنتُ أُراقبُ جريمة الإيقاع بي مُخفية فرحة زلزلت تضاريس الأحزان على كوكبي.

أحبت غزل وأزهرت كزهر اللوز الذي يُخفي عشقه للربيع بطهارة الأبيض وخجل الخدود الوردية.

أشعلني بحبه حكمت لأحرق كل أحزاني، شدني ليُلقيني بمهب الريح لأصعق الريح وأُصارع الهوى...

بحبك ما بعرف حب لا تشدني بيدي... أجابني حكمت دعكِ من الكلام....

الحب منتهى عصر الكلام.... الحب فعل القلب به يفتعل المُحب عالم ليس له منطق. احتضنني تحت جناحه لنسير على ضوء القمر نكتب قصائد العشق على رمال البحر... أجمع له آلاف الكلمات.... ويجمع لي آلاف النجمات.

كنا في زمن يُصادر الحب لأنهُ فعلُ إجرام، سعيتُ أنا وحكمت لمصادرة كل ضوء يُلقى على حُبنا حتى لا تغتاله أنياب القدر ومخالب العادات والتقاليد.

حكمت شاب في الثالثة والثلاثين، درس علم النفس، ليكتشف عندما عرفني أنه يجهل نفسه... كانت غزل بوصلته في هذا الكون، وكان هو قدرها.

ذهبت غزل لقدرها حكمت في يوم صيفي حارق... حارق آمالها لتطرق باب عيادته باحثة عن أصول علمية لحالتها النفسية التي أرهقتها.

رهبةٌ عُظمى أظلمت على قلبي عندما نظرت بعينيه، رجفت من برد لم أكن أعرف مصدر صقيعه، جلست على كرسي مُنجد كان بالنسبة لي كرسي الاعتراف على إجرامي. روحي زحفت من غُموض حكمت لتتسلق أدراج برجه. لم أقو على الكلام بكيتُ بحرقة، للمرة الأولى أبكي أمام غريب، لعلّ روحي استكنت له، حاولتُ أن أجمع أجزائي بسرعة لأهرب بلا عودة،

استفزني بنظرة جانبية تسخر من ضعفي قلبتني من نسيم عذب لرياح هوجاء دمرت كلّ حواجزي لأكشف مكنونات الذات الذابلة.

انتهى الكلام... كلام الشفاه لندع العيون تتحاور وتكشف الخفايا التي عجز اللسان عن البوح بها.

اعتلت الفوضى غزل... فوضى الحب

تعددت اللقاءات بين حكمت وغزل، كان هو طبيبها وكانت هي طبيبته.

اعترفت العيون بحب القلب، اعترف حكمت بكل اللغات عن الحب الذي تعرش بقلبه وأحدث أزمة سير في شوارع القلب.

اللقاءات كانت مسروقة والنظرات...والبسمات...واللمسات...واللحظات.... جميعها سُرقت لتعوض العمر الضائع.

مطر غزير يقرع زجاج النافذة، وجرس العيادة يقرع... ترن...ترن...ترن

فتح الباب وإذ بغزل تتسارع خطاها لتختبئ تحت جناح حكمت وروحها تنزف، وكل شيء فيها كان ينزف خوفا من أخٍ يُريد نيل وسام الشرف بسفك دم الغزال...

اقتحم أخاها العيادة، واقتحم جسدها بخنجر العادات والتقاليد ليخمد حبها الذي ينبض بصدرها ليُرضي الشرف الذي بنا قلاعه من جثث الإناث.

تمزق قلب غزل ، وتمزق حكمت إلى آلاف الشظايا الحادة لتُدمي الروح والجسد من معاناة الفراق. زُلزل كيان حكمت وزُلزل سكون الغروب.

لملم حكمت قطرات الدم المتدفقة من قلب غزل ليكتب أُسمها بالأحمر على الشمس... كي تُشرق مع كل صباح....

ليسرق لحظات الدفء!.....

مقالات متعلقة