الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 05 / مايو 11:01

معلومات مهمة: كيف يفكّر أطفالنا في مهن المستقبل؟

من أماني حصادية:مراسلة
نُشر: 24/02/11 11:51,  حُتلن: 13:13

أهمية التوجيه ليس على الأهل فقط بل على المعلمين والأساتذة أيضاً لاكتشاف خصوصية الولد ومواهبه.

يختلف أبناؤنا في ميولهم وأهوائهم، ويميل كل منهم إلى مهنة معينة. قد يكون ذلك ناجماً عن تأثّرهم بأشخاص مقرّبين من أفراد العائلة أو أصدقائها، ويمكن أن تكون رغبتهم نابعة من ذاتهم، فهذا الفتى يرغب في أن يُصبح مهندساً كوالده، وآخر يريد أن يصبح طياراً، وهذه الفتاة تريد أن تكون معلمة لتشبه أمها أو ربما نفسها، وتلك تميل الى الرسم وغيرها إلى مهنة التمريض. ومع اتساع باب المهن والتأثيرات التي تطرأ على عقول أطفالنا سنة بعد سنة، قد يغيّر هؤلاء اختياراتهم مراراً وتكراراً، وقد يثبت بعضهم عليها لقناعتهم التامة. على أي حال، ولأن أطفالنا هم كنزنا في هذه الدنيا، فلا بد من إحاطتهم بالرعاية الكاملة والتوجيه الصحيح الذي يتلاءم مع تطلعاتهم ورغباتهم، وإذا كانت الـ "لا" الجازمة لم تعد جائزة لتقرير مستقبلهم فإن التشاور معهم منذ الصغر يبقى السبيل الوحيد للوصول إلى خيار سليم.


صورة توضيحية

- احمد حاج (٧ سنوات)
أبدى رغبته في أن يصبح مهندساً معمارياً كوالده وقال: "أريد أن أعمّر بيوتاً كثيرة عبر خلط الماء والطين ووضع الحجارة فوق بعضها البعض لتصبح جدراناً عالية، دون أن أنسى تدعيم البناء عبر الحديد الصلب كي أحافظ على سلامة السكان"، مشيراً إلى أنه سيهتم بتشغيل فريق عمل مميز بدءاً من سائق "الكميون" مروراً بالدهان وصولاً إلى المهندسين المساعدين، معرباً عن نيته في إنشاء أبنية عالية قد يتألف بعضها من عشرين أو ثلاثين طابقاً على أن يسكن هو الطابق الثلاثين؛ ليتمتع برؤية مطل جميل مع حدائق كبيرة، فضلاً عن إنشاء بيوت على شكل قصور أو "فلل" في الجبال.
- سارة (٧ سنوات)
أفصحت عن نيتها في أن تصبح رسامة: لتتمتع باستعمال أقلام الرصاص والحبر والتلوين، ولترسم صوراً تجسّد البيوت والمحلات التجارية والسيدات والممثلين والممثلات وحدائق ألعاب الأطفال، ولتعرض- بعد الانتهاء من عملها- لوحاتها في معرض للصور أو متحف، حيث يحضر الناس لرؤية عملها، وتصبح امرأة مشهورة يدل عليها الناس. وليس الرسم المهنة الوحيدة التي تحبها سارة وإنما التعليم أيضاً، فهي تحبّ أن تشرح للتلامذة الدروس وتفهمهم إياها جيداً عبر كتابة بعض الأفكار على اللوح الأخضر، مشيرة إلى أنها تحب أن تمنح تلاميذها العلامات الجيدة وهي ستعطيهم فرصاً كثيرة للنجاح وستكافئهم بحبات "البونبون" إن نجحوا.
- بدورها، لينا دياب (٧ سنوات)
كشفت عن حبها للأطفال الفتيات منهم والفتيان. من هنا، فهي تفكر في أن تصبح مُدرّسة للصفوف الابتدائية وتعلّم اللغة الفرنسية. أما رغبتها في التدريس فهي نابعة أيضاً من حبها للقلم والكتابة بالطبشور على اللوح بخط كبير، بحيث يتسنى للتلاميذ أن يفهموا ما تشرحه المعلمة بشكل واضح، مشيرة إلى أنها تحب تصحيح أوراق المسابقات واكتشاف الأخطاء وكتابة الأجوبة الصحيحة على ورقة الامتحان، ووضع ملاحظات جيدة للذين أجابوا بصورة جيدة وعلامات سيئة للذيبن أخطأوا. ولهم تخف "لينا" عزمها على معاقبة التلامذة الذين يشاغبون في الصف، ولا يعيرون كامل الانتباه لها على أن يكون هذا القصاص هو منعهم من النزول إلى فرصة الاستراحة.
- كلارا سكر (٧سنوات)
(صديقة لينا) كشفت عن رغبتها بامتهان الرسم كونها تحب تجسيد الشخصيات في لوحات جميلة، فضلاً عن رسم المناظر الطبيعية كالأشجار الخضراء والورود الملونة والبحر الأزرق الجميل، مشيرة إلى أنها تحب استعمال الألوان الصاخبة لاسيما اللون الأحمر لأنّه يبرز اللوحة. وكوالديها، أكّدت "كلارا" ابنة السبع سنوات أنها ان كان لها خيار آخر فستختار مهنة التعليم؛ لأنّها تحبها وتحب تصحيح أوراق الامتحانات ووضع العلامات السيئة للأطفال الكسالى، والعلامات الجيدة للجيدين منهم، دون أن تخفي ميولها للأطفال الهادئين الذين لا يزعجونها في الصف. وككل فتاة تحلم "كلارا" بأن تُصبح أمّاً وتنجب ولدين وتعد لهما الطعام اللذيذ.
- محمد دياب (الخمس سنوات)
قال إنه يريد أن يصبح طياراً ليقود الطائرات ويُحلق بها عالياً في السماء ويزور كل البلدان. ولكن، إن عجر هذا الطفل الطموح عن تحقيق مراده، فهو سيتجه إلى قريته وسيتفرغ لتربية الدواجن والأبقار والأحصنة.
- لينا طه
قالت إنها ستتجه للعمل في مهنة التمريض؛ لأن الممرضة تساعد المريض على تجاوز ألمه والتخلّص منه عبر الأدوية والإبر، وهي تهتم به ليلاً ونهاراً بلباسها الأبيض المحبب. ولكن "لين" تميل أيضاً كزميلاتها الفتيات إلى مهنة التعليم؛ لأنّها تحب الأطفال وتعتبر أن عندها معلومات تريد أن تقدمها وتشرحها لهم بأسلوب واضح عبر الكتابة على اللوح.
وللإحاطة بأهمية دور الأهل في توجيه أبنائهم، في هذا الموضوع وقفة مع الدكتور محمد خضر الحلبي، الاختصاصي في الطب النفسي والعصبي للأطفال والمراهقين والبالغين، حيث أوضح أن "لهؤلاء دوراً أساسياً، إنما اليوم، فقد اختلفت التربية الحديثة عن تلك التي كانت منذ سنوات طوال.
فقد كان ابن الطبيب طبيباً وابن المحامي محامياً، وبفعل الثقافة العالية للأهل في أيامنا هذه، أصبح هؤلاء يلعبون دوراً أساسياً في توجيه أبنائهم. وأنا كطبيب، يبلغني بعض الشبان أنهم غير مرتاحين بالمهنة التي اختاروها (فالمهندس مثلاً لا يجد نفسه في هذه المهنة، وبعد أن يبدأ العمل بها يتركها ويتجه إلى سواها).
من هنا، تبرز أهمية التوجيه ليس على الأهل فقط بل على المعلمين والأساتذة أيضاً لاكتشاف خصوصية الولد ومواهبه. وإذا أخذنا مثلاً بعض الأولاد الذين أجريت معهم مقابلات، يمكن أن يكون تأثرهم بمحيطهم كبيراً جداً، أقصد بذلك، كلام ذويهم أو أقربائهم، وربما يكون منهم من هو جاد في ميوله نحو هذا العمل أو ذاك، مع الإشارة إلى أنه وفي عالم العولمة نحو هذا العمل أو ذاك، مع الإشارة إلى أنه وفي عالم العولمة والانترنت والاتصالات والـChating قد يوجد بعض الضياع لدى الأولاد في اختيار مهنة المستقبل". وعمّا إذا كان هناك عمر محدد يمكن للتلميذ أو الطالب أن يحدّد فيه خياراته دون الرجوع عنها، أوضح الدكتور الحلبي أن هذا الأمر "يعود لشخصية الولد نفسه، فهناك تلاميذ يبقون على مهنة اختاروها منذ صغرهم، ومنهم من وصل إلى الكليات والجامعات وبدأ دراسة التسويق مثلاً لمدة سنة ثم بدّل عنها واختار الاقتصاد ووجد أنه يحقق ذاته أكثر. من هنا، فإن تحقيق الذات أمر مهم جداً، فقد لا تكون كل مهنة يحبها المرء تجلب له المال وإنما تسعده وقد تجمع الاثنين معاً المال والسعادة". وأكّد د. الحلبي أهمية استقلالية الأبناء، لأن الشخص نفسه يعرف ذاته أكثر من غيره، فهذا الطالب يحب الرسم أو يبدع في الفكر والإنشاء والمواد الأدبية، وغيره يجد نفسه بارعاً في المواد العلمية والاختصاصات الالكترونية. من هنا، ضرورة أن يعي الأهل أن أبناءهم ليسوا نسخة عنهم أو يتخصصون وفقاً لرغباتهم. وأشار إلى تخلّف المجتمع العربي في هذا الإطار، لأن الحرية الكاملة للاختيار فهو يخضع لتفكير قبلي وقمعي، في الوقت الذي يجب أن يكون فيه الأب أو الأم صديق أو صديقة الولد. وعن مدى تأثر الأبناء بمهن آبائهم رأى أن هناك تأثراً بنسبة عالية وقد يكون ذلك ناجماً عن مواهب مكنونة في نفس الولد، أو تأثره بجو العائلة والبيت، وأيضاً يمكن أن يكون لضغوط الأهل وإصرارهم على أن يكون ابنهم مهندساً أو طبيباً أثره على نفسيته وخياراته. وأشار إلى عدم وجود مساواة بين الشاب والفتاة، فللشاب الحرية الأكبر في الاختيار وبإمكانه السفر فيما تُمنع الفتاة من بعض حقوقها مما يؤثّر على خياراتها، كما تمنع بعض الفتيات في بلدان عدّة من متابعة دروسها الجامعية ويقرر ذووها عنها بقاءها في المنزل.

مقالات متعلقة