الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 29 / أبريل 16:01

في دولتنا هوليوود


نُشر: 21/12/07 07:17

كلنا نعلم أضرار شاشات الحاسوب والتلفاز وتأثيرها البالغ على صحتنا النفسية والجسدية, فالشحنات الموجبه التي تهيّج الشحنات العصبية  وتخلق مجالات مغناطيسيه, تصيبنا بآلام حادة في منطقة العنق ومؤخرة الرأس (صداع التوتر), كلنا نعلم ماهية الشاشه التي تبث في الدقيقة مليون أيون موجب, ليودي بنا في النهايه إلى نوبات تشنج, ولكن مالا نعلمه أو ما نحاول التغاضي عنه أنه طابور غربي خامس في بيوتنا, فهو أحد أسباب الفساد الإجتماعي غير المباشر وفي ذات الوقت هو السبب المباشر لتدهور صحتنا الاجتمانفسيه, فهو المؤثر على أفعالنا ونفسياتنا وأحد باعثي الاضطراب النفسي والتشويش الذهني.
أواجه نفسي بهذه المعلومات لأنني أحد مدمني مشاهدة التلفاز, وما حملني على هذا المقال إلا تعاظم مظاهر العنف في المجتمع الإسرائيلي يوما بعد يوم, ورغم إيماننا أن العنف مخلوق في ذاتنا ومبعوث في تصرفاتنا منذ قابيل وهابيل, إلا أن بديهية وجوده في أنفسنا ليست هي السبب وراء هيمنته على كافة شرائح المجتمع الإسرائيلي.
-الكيان الإسرائيلي الخليط بطبيعته غير المتجانس بعقلياته ,غير المتناغم بشرائحه  وغير المستقر بوضعياته, هذا المجتمع الموجود في إطار قانون الطوارئ منذ ستة عقود يولـّد العنف والعنصرية, فالدولة التي قامت على سياسة التطهير العرقي يجب ألا تـُصدم بمواطنيها العنصريين والمتطرفين في الملاعب والشوارع وحتى في المؤسسات الحكومية, لست هنا لأعالج العنف المفروض علينا من طبيعة الدوله, إنما إستوقفتني الصحف العبريه التي تناولت قبل أسبوع حادثة السطو في مصرف في نتانيا حيث لم يكن تقرير الشرطه سوى سيناريو هوليوودي شاهدناه عدة مرّات على الشاشات, يختبئ اللصوص في البنك حتى صباح اليوم التالي ثم يباغتون الموظفين في غرة نهارهم العملي, وحادثه أخرى: عصابة تنتقم من مجرمين قبل محاكمتهم بحجة إقامة العدل الإلهي والإنصاف الاجتماعي, وقد كنا في هذا الفيلم الذي تخفـّى أبطاله بلباس الرهبان وأخذوا يعدمون القاتلين الذين لم تثبت إدانتهم. وأخيرا -" שובר קופות"- الشرطه في نهاريا تحاول إغتيال أحد رؤوس المافيا في إسرائيل وتفجير سيارته وبيته, ولكن الغريب أنهم لم يكونوا ببراعة ميل جيبسون ولم يؤذوا "ميكائيل مور" المطلوب تصفيته, لسنا متفاجئين من إجرام الشرطه التي وجدت لترعى الأمن, إنما التقنيه الهوليووديه هي المفاجِئه, وهنا بدأت أتأمل المجتمع الاسرائيلي وعلى رأسه وسطنا العربي, وتأثير الإعلام الغربي عليه, هذه الشاشات التي تحتل بيوتنا وتفكيرنا وتنتهك أوقات تأملنا وتدبرنا في الحياه, فلا تدع لنا ثانية فراغ نتفكر بها, ولا مسألة أو معضلة إلا وتعرض علينا الحل دون مشاورتنا , هذا الاغتصاب الحضاري والاختراق الإعلامي والغزو الثقافي الذي يمارسه الغرب علينا من ترويج قيم غربيه, وحملنا على الاغتراب عن الواقع العربي واحتياجاته للإنتاج الفكري, بل ويصدّر لنا أفكار التطرف وأدوات العنف والجريمة, و مثال آخر: الأب المقدسي الذي إفتعل حادثة طرق وإنحراف عن الشارع حارقاً السيارة بزوجته وبناته ليكتسب من بيع أعضاءهن وتأمين حياتهن ليهرب وعشيقته بمال أعضاء أهله, تماماً كالأفلام الامريكيه المتوحشه.التي دائما تبدع في خلق الإجرام, وإضعاف الولاء للجماعه بزرع التناحر في نفس كل فرد منا, هذا الإسهام في الاضطراب الجماعي والاستنفار الفردي, لا يـُفرض علينا بل يـُعرض كالسموم اللذيذه والدواء الداء, فنحن الذين نتكالب على الكنيونات لمشاهدة الأفلام المتوحشه في دور العرض, نحن الذين نقايض عرفنا وفطرتنا الانسانيه بتذكرة سينما, لأن منظومة الرجوله والبطوله إنقلبت, فوفق الشريعة الهوليووديه ما العنف إلا بطل متمرد ومقاوم للعداله الاجتماعيه والموروثات العقائديه والعرفيه, فغدونا نسعى إلى مدينة منحله بدلا ً من الفاضله لأن المعايير إختلفت.
فلو أعدنا النظر قبل عقد, أي قبل إكتساح الفيديوكليب ذو التقنيه الغربيه, وانتقدنا لباس البنات في بلداتنا, نعم لم يكن هذا الكم من المحجبات ولم تكن مظاهر بالغه لصحوه دينيه ولكن أيضا لم تكن بناتنا بهذه الخلاعه, لم يكنّ ليخرجن من بيوتهن بربع ملابسهن, لأن العرف لم يكن كذلك فما الذي غيرّ العرف, من هذا الذي نزع الغيرة والحمية من رجولتنا, من ذا الذي زرع الدياثة والنذالة فينا؟!.. نحن الذين فعلنا..
بعقولنا الخصبه المتعطشه للفكر التي تركناها للفلاح الهوليوودي يزرع بها ما يشاء من أشواك وحنظل " وزارع الرياح لا يلقى سوى الإعصار". فكيف يمنع الأب إبنه من ممارسة العنف في المدرسه, وهو يمارسه عليه بتأثره من أفلام الأكشن المدمن عليها.
كيف يراقب الأخ أخته بتصرفاتها وهفواتها وهو لا يراقب زلاته, كيف يحثها على العفاف وهو ينظر لنفسه في المرآه فلا يرى إلا مدمن أفلام إباحيه وعاده سريه وحتى مدمن لشراء الهوى من بائعاته, يسلم نفسه وشهواته لمئات المحطات الاباحيه, ولا نعجب لأثر هذه الفضائيات أن تغتصب أنثى كل 13 ساعه وفق آخر احصائيه.
لا أعدد سيئات الاختراعات بل مساوئ إستعمال المستهلك لها, فوسائل الإعلام إنجاز كبير في تاريخ الانسانيه ولكنها سلاح ذو حدين إما يرتقي بفطرة الإنسان وإما يتردّى بها, ونحن نتردى بإنسانيتنا فقلائل منا همُ الذين يتابعون مسلسلات وثائقيه أو برامج علميه, كلنا نتابع إبداع الغربي من أفلام خياليه وسيناريوهات إعتباطيه الأمر الذي يغرّبنا عن واقعنا, كالقط الذي يدخل عرين الأسد ليكون مثله ويعجب لإفتراس الاخير له.
لا أحاول مناقشة تأثير الإعلام الغربي علينا بقدر معالجة إنصياعنا له وإدماننا عليه, وبقدر بث بعض الومضات الفكريه لإنارة دربي وإياكم لرفع تقييمنا الذاتي الذي تردّى إلى الحضيض, لأننا فقدنا شخصياتنا وفطرتنا وأضحى كل فرد منا دوبلير يقلد الممثل هادا بالفيلم هاداك.
علينا أن نستغل عظمة الحضارة الغربية لا أن نستهلك زبدها, فأن كنا لا نعرف استهلاك البضائع ذات الجودة العالية علينا ألا نتسوق في سوق الفكر الغربي. ولسنا بحاجه لمثل هذا السوق وقد أثبت الإعلام العربي نفسه أنه أهل للمسؤولية وقد لاحظنا ذلك من خلال إنتشار الفضائيات الدينية والعلمية, والتطور البالغ في الدراما العربية السورية والخليجية عدا التقنيات العاليه في الافلام المصريه الحديثه والبزخ الانتاجي والارتقاء القصصي.
لذلك علينا أن نرتدي ما يليق بأصولنا ونشاهد ما يتناغم وتربيتنا ودياناتنا. لقول جدتي " ما في إشي بيجي من الغرب وبسر القلب".
حتى لا ننظر لأنفسنا في المرآه فنجد آرنولد وستيفن, حتى لا نجد أنفسنا مجرمين ومغتصبين وفي البدء مهزوزين لا نتعرف لهويتنا.
ولتبقى الموده بيننا والعفاف علينا بعيدا عن "الفضائحيات" الغربيه.

مقالات متعلقة

14º
سماء صافية
11:00 AM
14º
سماء صافية
02:00 PM
13º
سماء صافية
05:00 PM
9º
سماء صافية
08:00 PM
9º
سماء صافية
11:00 PM
06:12 AM
05:31 PM
2.78 km/h

حالة الطقس لمدة اسبوع في الناصرة

14º
الأحد
16º
الاثنين
15º
الثلاثاء
14º
الأربعاء
17º
الخميس
16º
الجمعة
16º
السبت
3.76
USD
4.04
EUR
4.73
GBP
236557.56
BTC
0.52
CNY