الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 02 / مايو 03:01

عكرمة ثابت يكتب:فوضى خلاقة لبناء شرق اوسط جديد

كل العرب
نُشر: 13/02/11 17:23,  حُتلن: 08:25

عكرمة ثابت:

الحديث في مشروع التغيير يدور حول الجزائر واليمن وليبيا والسعودية وقد يصل الى سوريا ، وبالنهاية هناك خاسر أكبر ومستفيد أكبر

الفوضى الخلاقة الامريكية - وتحت مسميات الديمقراطية وحق الشعوب بإختيار ممثليها - ستعيد التشكيل السياسي والامني في المنطقة بما يتوافق ورؤيتها الاستراتيجية لانهاء الصراع العربي الاسرائيلي

لا شك أن ثورتي الياسمين في تونس و 25 يناير في جمهورية مصر العربية ، قد أحدثتا مفاجآت لم يتوقعها أحد ، وإذا أراد التاريخ في القرن الواحد وعشرين ان يكتب عن إرادة الشعوب وتضحياتها لصون الحريات وحماية الحقوق ومحاربة الفساد ، فهو بكل تأكيد سيكتب بفخر وإعتزاز عن هاتين الثورتين وما تخللهما من أحداث تتميز وتختلف عن تلك الأحداث التي شهدتها ثورات التغيير والإصلاح التي حدثت خلال القرون الثلاثة الماضية ، فإذا كانت " كومونة باريس " ومن وسط " ميدان فاندوم " قد وضعت حجر الاساس لبناء مجتمع قائم على احترام القيم الانسانية وخال من الطبقية والبرجوازية ، فإن " كومونة مصر" ومن وسط "ميدان التحرير" قد أظهرت وعي وقدرة قطاع الشباب وجمهور القطاع العام في الوصول الى أهدافه ومطالبه بالتغيير والاصلاح والتداول السلمي للسلطات من خلال الاتحاد العفوي والتجمع الشعبي المنظم سلميا ونجحت في حشد أعداد ضخمة من المؤيدين والمناصرين بأسلوب حضاري غير عنيف وغير مرتبط بتأثيرات وتدخلات الأحزاب السياسية او الدينية .

تظافر جهود الشباب
المهم الآن ، وبعد أن إنتصرت الكومونة في مصر ، هو أن تتظافر جهود الشباب والمثقفين والمفكرين مع المؤسسة العسكرية المصرية - باسرع ما يمكن - لإعادة بناء النظام السياسي والدستوري على اسس وطنية وديمقراطية تكفل لمصر مكانتها الاقليمية والدولية وتحفظ لها إرثها الحضاري والسياسي بإعتبارها قلب الأمة العربية والاسلامية النابض .... المهم أن لا تنجرف ثورة 25 يناير وراء المؤامرات الخارجية والأجندات الدولية التي تسعى الى إضعاف نفوذ مصر السياسي ودورها المحوري والمركزي في المنطقة . 

المواقف العلنية والتوجيهات الواضحه للبيت الأبيض
وكي لا تأخذنا العزة بالإثم ، يجب أن لا ننسى المواقف العلنية والتوجيهات الواضحه للبيت الأبيض وللعديد من الدول الأوروبية والتي لم تخفي خيوط اللعبة الأمريكية في بعثرة الاوراق وخلطها في الشرق الأوسط تحت شعار الاصلاح والتغيير ودعم الديمقراطية وحرية الانتخاب والتصويت ، بطريقة يتم من خلالها إستحداث حالة فوضى في دول العالم العربي والاسلامي واتاحة المجال امام الولايات المتحدة لاستغلال هذه الفوضى لصالحها ولحماية مصالحها في المنطقة ( الفوضى الخلاقة ) ، والفوضى الخلاقة برنامج أمريكي قائم منذ سنوات ، تستخدمه الولايات المتحدة الامريكية كبديل عن إستخدام قوتها العسكرية المباشره ووفق إحتياجاتها وحاجة مصالحها وتحالفاتها له .

إنفضاح سياسة امريكا المنحازة لإسرائيل
فالولايات المتحدة الامريكية - وبعد مسلسل الفضائح " ويكليكس " وإنفضاح سياستها المنحازة لإسرائيل وتباطؤها في احداث أي تقدم في عملية السلام بالشرق الاوسط ، وإثر النجاحات الدبلوماسية التي حققها الرئيس الفلسطيني محمود عباس بمساعدة بعض الدول العربية وفي مقدمتها مصر والتي من خلالها تم تعرية الموقف الاسرائيلي والامريكي من عملية السلام - عادت لإستخدام هذا البرنامج مجددا لتتمكن بواسطته من بناء شرق اوسط جديد تغيب عن ساحته قوة مصر الرئيسية ، وتنعدم فيه أية فرصة لبروز تحالفات دولية تضر بالمصالح الامريكية ، شرق اوسط جديد ينسجم مع مشروع الوسطية والاعتدال الذي تسعى امريكا الى تنفيذه في الدول العربية من خلال رهاناتها على الاصلاح الديني والسياسي .

البداية..
البداية كانت تونس ومصر ، والحبل على الجرار ، فالحديث في مشروع التغيير يدور حول الجزائر واليمن وليبيا والسعودية وقد يصل الى سوريا ، وبالنهاية هناك خاسر أكبر( أنظمة الحكم القائمة ) ومستفيد أكبر ( الولايات المتحدة وإسرائيل ) من كل ما يجري ، أما المتأثر الوحيد من كل هذه الاحداث – والذي لا حول له ولا قوة – فهو الشعب الفلسطيني المحتل والمحاصر فحليفه المصري الاستراتيجي في منظومة السلام المعقده غائب الى أجل غير معلوم ، والموقف العربي المساند لحقوقه السياسية والوطنية لا صوت له أمام صوت الشعوب الثائره في معظم البلدان العربية .

الفوضى الخلاقة الامريكية
الفوضى الخلاقة الامريكية - وتحت مسميات الديمقراطية وحق الشعوب بإختيار ممثليها - ستعيد التشكيل السياسي والامني في المنطقة بما يتوافق ورؤيتها الاستراتيجية لانهاء الصراع العربي الاسرائيلي ، ولن يكون لديها اية مشكلة في صعود التيار الوسطي المعتدل والذي من المتوقع ان تكون دولة قطر القائد الفعلي والتنفيذي له ، فهو بالنهاية سينصهر في قواعد خطتها الأمنية للإحتواء والتحييد ، وبما يضمن ويحقق الأمن والإستقرار والإعتراف الكامل بدولة اسرائيل حليفها المدلل .

مقالات متعلقة