الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 28 / أبريل 20:01

بهاء رحال يكتب على العرب:تونس معاني وعِبَر

كل العرب
نُشر: 23/01/11 18:27,  حُتلن: 08:49

بهاء رحال في مقاله:


الأحداث التي شهدتها تونس وما أسفر عنها من هروب الرئيس زين العابدين وعائلته الى خارج تونس هي صرخة الشعب وارادته نحو الحياة والتحرير والخلاص

الثورة التي قام بها الشعب التونسي والهبة التي أطلق لها العنان وأخذت أبعادها حتى رحل بل هرب زين العرب عن تونس الى غير رجعه هي إحدى الحالات النضالية الكبيرة

في ظل موجه الإحتجاجات التي يشهدها العالم العربي ضد ظاهرة إرتفاع الأسعار والبطالة في عدد من العواصم والبلدان العربية ، يبرز السؤال حول أسباب ودوافع هذه الإحتجاجات في هذا التوقيت بالذات وقد جاءت بشكل فاجئ الكثير من المراقبين والمحللين الذي لم يتوقعوا أن يخرج الشارع العربي عن صمته بهذا الشكل الذي حدث في تونس ويحدث في الجزائر وربما يحدث في المستقبل القريب في بلدان أخرى في ظل تنامي شعور الشعوب العربية بالمسؤولية امام لقمة عيشها ، وقد سارت الشعوب العربية منذ زمن بعيد الى إتباع سياسة الصمت في كل شيء وإختزال مواقفها بالسر والكتمان وإعتمدت على قبول كل شيء بالرضا وشطبت كلمة لا من قاموس حياتها كما تنكرت الشعوب في كثير من الأحيان لحقوقها التي إغتصبت ، تارةً لتقاعصها عن قيامها بواجباتها وأدوارها وتارة أخرى لخوفها وجبنها من أجهزة الأمن التي تراقبها وتفرض سطوتها على فضاء أحلامها حتى لا يتسع الليل لحلم ديمقراطي حر قد يراودها ، فما الذي جعل الشعوب العربية أو بعضها تصحوا من سباتها العميق ، وما الذي أعاد لهذه الشعوب إرادتها المسلوبة ، ومن الذي جاء ببوعزيري البطل الذي أطلق شرارة ارادة الشعوب التي استجاب اليها القدر.

هروب الرئيس زين العابدين
وسواء إتفقنا على أن الأحداث التي شهدتها تونس وما أسفر عنها من هروب الرئيس زين العابدين وعائلته الى خارج تونس هي صرخة الشعب وارادته نحو الحياة والتحرير والخلاص من الحكم الديكتاتوري ، أم هي إرادة الشعب التي وجهتها أجهزة الأمن وقيادة الجيش لخدمة أهداف أخرى ولغاية تحقيق ما أرادته الزمرة الحاكمة التي إستخدمت الشعب كوسيلة للوصول الى غاياتها والتخلص من الرئيس المستبد ، فإن هذه الظاهرة أخذت أبعاداً أخرى إنعكست على دول المحيط والجوار ، حيث أنها أججت الشارع العربي التواق لقرع الجرس منذ زمن ، والذي يعاني من الفقر والجوع وارتفاع معدلات البطالة بين صفوفه والفجوة الآخذه بالاتساع بشكل رهيب بين الشعوب وحكامها الذين لا يشعرون بما تعانيه الشعوب من فقر وجوع وحياة قاسية وغرابة في أوطانهم ، ولقد ساعدت هذه الثورة التونسية العديد من الشعوب العربية وحركت فيهم روح الحياة وأعادت اليهم الثقة والعزيمة بأن الشعوب اذا ارات ستنتصر ، فأحيت كثيراً من الشعوب التي هبت وخرجت من حالة الصمت ونزلت الى الشارع ككل الشعوب الحية ، تصرخ وتحتج وتطالب بحقوقها وترفض وتقول كلمتها .

شعب تونس واحد
وما من شك فيه فأن الثورة التي قام بها الشعب التونسي والهبة التي أطلق لها العنان وأخذت أبعادها الشعبية والقومية التحررية حتى رحل بل هرب زين العرب عن تونس الى غير رجعه هي إحدى الحالات النضالية الكبيرة والعظيمة التي تنتصر بها ارادة الشعب المقهور على الاستبداد والظلم والديكتاتورية وهي إنتصار للحق التونسي الذي طالب به كل الشعب وأخذ شرعيته حين كانت ارادة الشعب صوتاً واحداً يزلزل أرض تونس تحت علم واحد ونشيد واحد وشعار واحد ، ولم ينقسم الشعب التونسي الى أحزاب وطوائف ولم يتفرق الى مجموعات بل كان مثالاً للشعب الحي الذي لا يهتم الا لحريته وحرية تونس وهذا ما ساعد الشعب على قول كلمته وسهل عليه طريق الحرية للوصول الى العيش بكرامة وديمقراطية ، وبالتالي حملت هذه الهبة عدة معاني أخرى غير التي شاهدها الكثيرين ، ولم تكن منصبة فقط على المطالبة برحيل نظام الحكم رغم أنه كان اولوية ، فقد حملت رسالة الى العالم والى كل الاحزاب السياسية والدينية في تونس مفادها أن شعب تونس شعب واحد تحت علم واحد ونشيد وطني واحد ، وهذه من أجمل الصور التي يمكن أن تصل اليها الشعوب الحرة حينما تضع وحدة الوطن ومصالحه فوق كل إعتبار حينها تنتصر الشعوب للوطن وتنتصر الشعوب لذاتها .

سياسة تكميم الأفواه
لم تعد الحكومات العربية قادرة على الاستمرار بسياسة تكميم الأفواه ، ولم تعد الشعوب تقبل أن يمارس عليها أساليب القهر والإذلال والإذعان ، ولم تعد الجماهير العربية قادرة على إحتمال ما كانت تعيشه في السابق ، لأنها تأثرت بشكل ملموس بالهبة التونسية التي إنتصرت والتي أعطت دروساً وعبر سوف تستفيد منها كل الشعوب العربية وحتى العالمية وسوف تترك أثاراً جميلة في تطور الشعوب في المنطقة العربية .

مقالات متعلقة