الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 11 / مايو 01:02

المحامي جريس بولس من كفرياسيف: لمذا الهجوم على عزمي بشارة وقناة الجزيرة؟

كل العرب
نُشر: 14/01/11 10:37,  حُتلن: 14:04

المحامي جريس بولس:

ألجزيرة" هي الخلف "لصوت العرب" الذي اطلقه الرئيس طيِّب الذكر جمال عبد الناصر من إذاعَة القاهرة

عزمي بشارة فهو بَطَلٌ من أبطال فلسطين وكما قال عنه المناضل شفيق الحوت طيب الله ثراه "إنَّ عزمي بشارة ظاهرة"

لماذا هذا الهجوم الأرعن على الجزيرة وعزمي بشارة والاخت حنين زعبي وخاصة بعد مشاركتها في اسطول الحريَّة؟

 العالم العربي يفتقر الى الديموقراطية في حياته السياسية الى حد بعيد. والنشاط الإعلامي الحر قد يكون هو العوض، الى حد ما، عن هذا النقص او الخلل الفادح في حياتنا العامَّة

 ألجزيرة ولدت فكان في ولادتها اشراقة امل جديد وانطلاقة عمل جديد. سلكت سياسة الترويج للخبر الصادق والصورة المعبرة والرأي الموضوعي في عرض قضايا العرب

قام أحدُهم بانتقاد عضو الكنيست حنين زعبي على ما كتبته حيث كتبت: "لا نستطيع ان نستذكر بالضبط اللحظه التي طرق فيها فلسطينيو ال 48 الوعي العربي ..... ربما نستطيع ان نتذكر عاملين مركزيين: "الجزيرة وعزمي بشارة" واطلق هجوماً أرعنَ على ثلاثتهما "الجزيرة وعزمي بشارة وحنين زعبي".والسؤال الذي يسأل لماذا الهجوم على هؤلاء خاصَّةً وما الدافع لهذا وما الغرض؟!!

النضال الفلسطيني في فلسطين
ان النائب حنين زعبي حين قالت ما قالته لم تقصد طبعاً الغاء تاريخ النضال الفلسطيني في فلسطين قبل وخلال وبعد سنة 1948 وتأثيره على الوعي العربي بل قصدت ان للجزيرة ولعزمي بشارة كان دورٌ كبير في طرق فلسطينيي ال 48 الوعي العربي وفي التواصل بين فلسطينيي الداخل والعالم العربي الكبير من محيطه الى خليجه ومن ينكر ذلك فانه مزوّرٌ للتاريخ. الإعلام في كثير من الاقطار العربية كان ولا يزال مكموماً، مكبوتاً، مسيّراً لا مخيَّراً. إنه في كثير من الحالات بوق من أبواق الدولة، أو بالأحرى من أبواق الفئة الحاكمة فيها. وسط هذا التخلّف ولدت "ألجزيرة". فكان في ولادتها اشراقة امل جديد وانطلاقة عمل جديد. سلكت سياسة الترويج للخبر الصادق والصورة المعبرة والرأي الموضوعي في عرض قضايا العرب. فكانت بحق بمثابة ألجزيرة وسط محيط من الإعلام الموجَّه والمشوه والأَبتر.


المحامي جريس بولس

المآسي والفواجع
تعرض هذه الفضائية المتألِّقة امام الناظرين صوراً حيَّة عن المآسي والفواجع التي تلم بعالمنا العربي في مشرقه ومغربه، تصوِّب على ما يرتكب في فلسطين من جرائم في حق الانسانية على ايدي السلطة الصهيونية الغاشمة، حيث يباهي الاحتلال بعدد من يقتل يومياً من اصحاب الارض المغتصبة والاصليين بصرف النظر عمن يكون بين هؤلاء من الاطفال والشيوخ والعجزة والنساء والعزَّل (الهذا تهاجم ألجزيرة)؟! وتُسلِّط الاضواء على فواجع تفتعل في العراق يوميَّاً. حيث أحياء برمَّتها تفجَّر وبيوت للعبادة تنسف وحشود من الساعين وراء الرَّغيف الحلال يمزقون اشلاء بفعل عبوة آثمة. (الهذا تهاجم ألجزيرة). وتعرض هذه الفضائية المميزة الحصاد اليومي البائس لمحنه مُمِضَّه تدور رحاها في السودان، وتحديداً في منطقة دارْفور. وتعني بلفت الأنظار الى حالات اجتماعية مأساوية في مصر واليمن والسودان وفلسطين وسائر مواطن الفقر في شتى ارجاء الوطن العربي (الهذا تهاجم ألجزيرة). كما لا يفوتها إبراز ما ينجز من مشاريع الريّ والسياحة والبناء والإعمار في كل مكان.

الجزيرة... صوت العرب
"ألجزيرة" هي اليوم، بطريقتها الخاصة، الخلف "لصوت العرب" الذي اطلقه الرئيس طيِّب الذكر جمال عبد الناصر من إذاعَة القاهرة. كان "صوت العرب" مدوِّياً حقاً". كان مسموعاً الى ابعد الحدود في صفوف الجماهير العربية من اقصى الوطن العربي الى اقصاه. كان يؤثر لا بل يَتَحكَّم الى حد مَشْهود بتصرفات الجماهير العربية وسلوكها كما بتفكير المواطن العربي وتقويمه لمجريات الشان القومي آنذاك، والذي كان محوره قضية فلسطين والصراع الدائر آنذاك إقليمياً ودولياً بين تيار حركة عدم الانحياز، التي كان الرئيس عبد الناصر أحد أركانها، وحلف بغداد الذي كانت ترعاه الدَّولة العظمى، الولايات المتحدة الاميركية. وكانت الكتلة الشيوعيَّة، بزعامة الاتحاد السوفياتي، طرفاً ثالثاً أساسياً في هذا الصراع يؤمن قدراً من توازن القوى على الساحة الدوليَّة.

توجيه الرأي العام العربي
ولَّى صوت العرب، بما كان له من دور فعَّال على الصعيد العربي، مع أفول نجم الرئيس جمال عبد الناصر. وكان لوسائل الاعلام اللبنانية والمصرية دور بارز خلال حقبة من الزمن في توجيه الرأي العام العربي الى مدى محدود. ثم ولدت "الجزيرة" فسجلت بداية جديدة بمقاربَة حديثة في مخاطبة الرأي العام العربي. ان "الجزيرة" بما تؤدي من دور، وما تنقل من صور ذات دلالات بليغة، وما تطلق من صوت مجلجل في نشر الحقيقة وتوعية الراي العام العربي، المقيم والمغترب، الى قضايا الامَّة وما يكتنفها من اشكالات وتعقيدات وما يخيم عليها من ظلام وغيوم، باتت تختصر قضية الإعلام العربي. العالم العربي يفتقر الى الديموقراطية في حياته السياسية الى حد بعيد. والنشاط الإعلامي الحر قد يكون هو العوض، الى حد ما، عن هذا النقص او الخلل الفادح في حياتنا العامَّة.

الإعلام الحر
من هنا اهتمامنا بظاهرة "الجزيرة" ومثيلاتها. الإعلام الحر النشط هو المتنفس الحيوي في ظل انظمة تفتقر الى الحد الادنى من الديموقراطية، وهو تالياً السبيل الى فتح آفاق التطوير الديموقراطي مستقبلاً. وهذا غاية المنى.

بطل اسمه عزمي بشارة
اما عزمي بشارة فهو بَطَلٌ من أبطال فلسطين وكما قال عنه المناضل شفيق الحوت طيب الله ثراه "إنَّ عزمي بشارة ظاهرة"، فهل ننسى خطاب "دولة المواطنين" أو "دولة لجميع مواطنيها" الذي اصبح خطاباً تردده جميع الجماهير الفلسطينية في الداخل، هل ننسى دوره في تجريد الدولة العبرية من ثوبها القشيب المزيَّف "الديموقراطية" وكيف اثبت بالمصطلحات التي أتى بها ان هناك تناقضاً بين تعريف الدولة كدولة يهودية وبين تعريفها كديموقراطية وكيف ان شعار "دولتان لشعبان" كما يطرحه البعض هو شعار فاشل وهزيل وخطير إذ ينسف حقوقنا ووجودنا كمواطنين اصليين في هذه البلاد كما ويلغي حق العودة. عزمي بشارة هو ابن النكبة الاليمة، والتي كانت لطخة عار على جبين حضارة القرن العشرين.

كان قدر عزمي بشارة ان يمكث في الداخل الفلسطيني. فعاش النكبة بكل تداعياتها منذ نعومة اظفاره، غريباً في وطنه، مواطناً من درجة خاصة مثله مثل ابناء شعبه: سمِّها ثانية او ثالثة او ما شئت: فكانت له الهمَّة والجرأة ان ينافح عن حق الفلسطيني داخل الارض المحتلة بامكاناته الهزيلة، بامكانات اليافع الأعزل. ثم كان له ان نشط سياسياً بين بني قومه في الداخل الفلسطيني فآل به الامر الى انتخابه عضواً في الكنيست ممثلاً لشعبه العربي المقهور. واكتسب بهذه الصفة حصانة قانونية وظَّفها في الجهر بمواقف وطنية وقومية مدويَّة، يعبر فيها عن التزامه المطلق قضية وطنه فلسطين. التي وجد فيها، كما يجد كل عربي مخلص، قضية وجود لا مجرد قضية حدود، قضية إنسان مشرَّد لا مجرد قضية أرض مغتصبة. فلا غرابة ان ألفى عزمي بشارة نفسه اخيراً ملاحقاً من اجهزة الدولة العبرية. وعزمي بشارة لا يستطيع اليوم ان يعود الى بيته في فلسطين، فهو مهدد ان عاد بحياته وحريته وكرامته. وعزمي بشارة لم يمارس العنف في حياته لا مباشرة ولا مداورة. ذنب ذلك الرجل الوطني المثقف بامتياز انه لم يتزحزح عن الخط الوطني القومي الذي شبَّ عليه.

كشف حقيقة ما تمارس الدولة الصهيونية
ان حالة عزمي بشارة ما مّرَّت من دون ان يكون دويها في العالم! بل كانت منطلقاً لحملات إعلامية قومية تفضح السياسة الاستيطانية التوسعية التي تسلكها الدولة العبرية، وتسليط الضوء على الوان العذاب الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني المناضل على يد غاصب ارضه ودياره وكرامته، وكشف حقيقة ما تمارس الدولة الصهيونية من هتك لحقوق الانسان وهي التي يصر العالم الغربي زوراً على وصفها بالديموقراطية الفريدة في الشرق الاوسط، هذا هو دور عزمي بشارة والجزيرة.

وتبقى الاسئلة التي تتبادر الى الذهن:
1. لماذا هذا الهجوم الأرعن على الجزيرة وعزمي بشارة والاخت حنين زعبي وخاصة بعد مشاركتها في اسطول الحريَّة؟
2. ما الغرض من هذا الهجوم وماذا يخدم؟
3. لماذا يوجه الهجوم ضد الحركة الوطنية والتجمع بدلاً من تصويبه ضد الحركة الصهيونية وافعالها بنا نحن الفلسطينيين.
4. لماذا يتم الهجوم على التجمع بهذه الطريقة الرخيصة وما هذا العهر السياسي؟!
5. لماذا نجم عزمي بشارة يقض مضاجع الكثيرين بدلاً من ان يفتخر بامثاله!
6. لماذا يُسْتَهْدَف التجمع كَيْ يتم الحصول على مكاسب في اماكن أُخرى؟
ولن اطيل عليك اخي القارىء وسأتركك تدون اسئلة أخرى في هذا الشأن. وشكراً.

مقالات متعلقة