الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 05 / مايو 15:02

مكتب الإعلانات الحكومي:سياسة قد تصل المخالفة الجنائية

كل العرب-الناصرة
نُشر: 13/01/11 11:35,  حُتلن: 11:59

حنين زعبي في مقالها:

يتعامل مكتب الاعلانات الحكومية مع نفسه كـ"رئيس تحرير أعلى" للصحف والمواقع، وعلى هذا الأساس يحاول فرض سياسات تحرير معينة، بالأخص باتجاه تحديد المنبر وتقليص مساحة نشر بعض التوجهات السياسية الوطنية، وإلا فإنه يقوم بحرمان وسيلة الإعلام من الإعلانات الحكومية

مكتب الإعلانات الحكومي سياستة قد تصل حد المخالفة الجنائية

يجب التفكير بشكل جدي في التوجه للمستشار القانوني للحكومة لفحص قانونية وسياسة مكتب الاعلانات الحكومي

هنالك مؤشرات تشير إلى أن مكتب الإعلان الحكومي يتعدى صلاحياته، ويتعامل مع الإعلانات الحكومية كرزمة، إما أن تقبلها وسيلة الإعلام كلها، أو أن ترفضها كلها. وقد آن الأوان لأن نتخذ موقفا واضحا تجاه من يحاول ابتزاز مؤسساتنا الإعلامية. من جهة ثانية، على وسائل إعلامنا ألا تجعل من نفسها هدفا سهلا لاستهداف مكتب الإعلانات الحكومي، وأن تقتنع أن مكانتها لدى شعبها، وأن مسؤوليتها الوطنية والتاريخية قد تحتم عليها أحيانا التنازل عن الربح السهل.



تخفيف اللهجة
من ضمن صلاحيات هذا المكتب (مكتب الإعلانات الحكومي) توزيع الإعلانات الحكومية الصادرة من الوزارات والمكاتب الحكومية على وسائل الإعلام المختلفة. وينص القانون على أن المكتب عليه أن ينشر إعلاناته باللغتين العبرية والعربية، مما يفرض على المكتب النشر في وسائل الإعلام العربية. إلا أن "الصلاحية" التي يعطيها المكتب لنفسه، لا تتوقف على ذلك عندما يتعلق الأمر بوسائل الإعلام العربية، إذ يتعامل هذا المكتب مع نفسه كـ"رئيس تحرير أعلى" للصحف والمواقع، وعلى هذا الأساس يحاول فرض سياسات تحرير معينة، بالأخص باتجاه تحديد المنبر وتقليص مساحة نشر بعض التوجهات السياسية الوطنية، وإلا فإنه يقوم بحرمان وسيلة الإعلام من الإعلانات الحكومية.
وتصل محاولات تأثيره المباشر على سياسات التحرير إلى حد يصل الاتصال الهاتفي برؤساء التحرير بهدف "تخفيف اللهجة" أو "تخفيف حدة النقد" ضد السياسات الإسرائيلية، أو باتجاه "الإستفسار" عن المواقف السياسية لرؤساء تحرير ومديري المواقع!!!

قوى وطنية "متطرفة" وقوى "معتدلة"
كل هذا، وسط حيرة وتخبط من جهة أو صمت مطبق ورضى من جهة أخرى من قبل وسائل الإعلام التي تخاف من فقدان أهم مدخولاتها الاقتصادية ( حوالي 30-50% من مدخولات وسائل الإعلام العربية تعود إلى مكتب الإعلان الحكومي)، ووسط قبول سياسات الإملاء وفرض الأمر الواقع، وتغييب الإرادة الحرة لمؤسساتنا الإعلامية، والتي هي في جزء منها على الأقل تغييب لإرادة شعبنا ولإجماعنا الوطني.
حملة تشجيع الخدمة المدنية، التي حاول مكتب الإعلان الحكومي (بنجاح) فرضها على وسائل الإعلام العربية، تكشف الطرق الملتوية التي يستعملها هذا المكتب، فعلى أساس قبول أو عدم قبول حملة إعلانية تؤيد الخدمة المدنية -وهي حملة إعلانية تتناقض تماما مع إجماعنا الوطني- يحدد هذا المكتب سياساته من وسائل الإعلام: الذي يقبل حملة الإعلانات هذه يوضع في قائمة "المرضي عنهم"، ويستمر المكتب على هذا الأساس في تزويده بالإعلانات الحكومية، أما وسيلة الإعلام التي ترفض هذه الحملة، لأنها تحترم نفسها، ولا تسمح لنفسها بأن تساهم في استهداف وعينا الوطني وحصانة شبابنا الأخلاقية، فيقوم هذا المكتب بـ"حرمانها" لاحقا من الإعلانات الحكومية الأخرى.
إن محاولات سيطرة وتأثير مكتب الإعلان الحكومي على مؤسساتنا الإعلامية ما هي إلا محاولة سيطرة على مواقفنا السياسية، وحصانتنا الوطنية. وسياسة الفرز الإعلامي بين وسائل إعلام "مرضي عنها" ووسائل "غير مرضي" عنها من قبل مكتب الإعلانات الحكومية، ما هي إلا الوجه الآخر من سياسات الفرز السياسي بين قوى وطنية "متطرفة" وقوى "معتدلة".
وبما أن مكتب الدعاية الحكومي يستهدفنا ويستهدف وعي شبابنا، من خلال الإعلام، فإن هذا يعني أن مهمة الوقوف ضد سياسته ومحاولة استفراده بالمواقع والصحف، لا تقف على عاتق الأخيرة فقط، بل تقف أيضا على عاتق شعبنا المستهدف، وقياداته ومؤسساته التي تحمل نضاله. بالتالي علينا قرع جميع الوسائل القانونية والبرلمانية وفتح نقاش يردع هذا المكتب عن محاولات فرض إملاءاته، ومنها أن ندرس بشكل جدي التوجه للمستشار القانوني للحكومة لفحص قانونية هذه السياسات.
لكن من المهم أن تتوفر لدينا المعلومات الكافية، ولذلك نحن نحتاج أن تتوفر أيضا الشجاعة لدى وسائل الإعلام للكشف عن طرق "الإغراء" التي يتبعها مكتب الإعلانات الحكومي.
من جهة أخرى، على وسائل الإعلام نفسها تقع مسؤولية إحباط المحاولات للاستفراد بها، لئلا تقع الواحدة بعد الأخرى كأحجار الدومينو. بالتالي فإن واجب الساعة هو أن يخرج قرار بالأغلبية ( وليس بالضرورة بالإجماع) حول رفض جميع الحملات المناقضة للإجماع الوطني، ما يرتبط بالخدمة العسكرية والخدمة المدنية، وغيرها ...

مقالات متعلقة