الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 02 / مايو 10:02

وصية أم سقيمة لابنتها- بقلم: ربيع إبريق

كل العرب
نُشر: 07/01/11 15:10,  حُتلن: 08:34

ربيع إبريق:

اعلمي أن الحياة هي عبارة عن مزيج من أمس ويوم وغد

على ما يبدو لن يمهلني المرض حتى أراك عروسا ترتدين حلتك البيضاء

حافظي على سُمعتك الطاهرة، على عفتك، على اسمك وعلى شرفك، وابتعدي عن كل ما يمكن أن يدنس سمعتك ويلطخها، واحذري من اصحاب السوء

يا بُنيتي!
ها قد تغلغل المرض في جسدي ونخر السقم في عظمي، فأضحت أيام بل ساعات الفراق قاب قوسين أو أدنى...لن أستغل ما تبقى لي في هذه الحياة للبكاء ، فقد انهمرت الدموع من عيني وبغزارة ... دعيني فقط أنصحك يا بُنيتي ، على أمل بأن تكون وصية أمك لك وهي على فراش المرض نبراسا تهتدين به في حياتك المستقبلية.

يا ابنتي!
اعلمي أن الحياة هي عبارة عن مزيج من أمس ويوم وغد، فأمّا البارحة فقد ولّت دون رجعة ، واليوم- راحل وزائل عنا ، وأمّا غدنا فهو اشراقة اشعة ذهبية تُعلن بداية يوم جديد ، فابدأي يومك بابتسامة مشرقة كتلك الاشعة... عيشي يومك ، استمتعي فيه ، اعتبري كل يوم تعيشيه حدث خاص بحد ذاته ، الغي من قاموس حياتك ومن مفرداتك عبارات مثل : "غدا سأفعل..." ،" في يوم ما سوف..." ، فاذا اقتنعت بضرورة فعل شيء ما فافعليه الآن ، نفذيه ولا تؤجيله... استمتعي بأدواتك الجديدة ، البسي دائما ملابسك الجديدة كلما خرجت من البيت ، لا تبقي العطر الثمين الذي اقتنيتيه فقط للمناسبات الخاصة، استعمليه كلما اردت وكلما رغبت ، لأن كل يوم هو مناسبة سعيدة للفرح فاستغليه... زوري اماكن جديدة وتعرفي على معالم تلك الاماكن... اقضي وقت أكبر مع الاصدقاء والاحباء ، جدّدي علاقتك مع الأصدقاء الذين لم تلتقي معهم منذ مدة ، وقولي لجميع من حولك من اصدقاء وأقارب ومعارف كم انت تحبيهم فعلا...

يا بُنيتي !
ابتسمي دائما ، لا تبقي مكانا في قلبك للأحزان ولا تغرقي في بحرها وتتعودي عليها ، حاولي أن تنظري إلى سحر الورود وجمالها وتجاهلي النظر إلى الأعشاب الضارة. حطمي اليأس بابتسامتك ، فالابتسامة مفتاح القلوب ، والنفوس القوية لا تعرف اليأس ، فليكن وجهك مشرق – مبتسم... تذكري دائما أقوال ذلك الفيلسوف الذي أكّد :" إن سر الحياة هو أن نتعلم كيف نستخدم الألم والمتعة بدلا من السماح للالم والمتعة من استخدامك ، فان فعلت فانك ستتحكم في حياتك ، والا فان الحياة هي التي ستتحكم فيك !" فالسعادة لا تعني عدم وجود الصعاب والمشاكل ، بل سعادتنا تكمن في مقدرتنا على التغلب عليها ، فلتكن أيامك مليئة بالابتسامة وليس بالدموع!!!

يا ابنتي !
حافظي على سُمعتك الطاهرة ، على عفتك ، على اسمك وعلى شرفك ، وابتعدي عن كل ما يمكن أن يدنس سمعتك ويلطخها ، واحذري من اصحاب السوء ، وتذكري دائما بان السيرة الحسنة مثلها كمثل شجرة زيتون خضراء ،نضرة ومثمرة ، فهي لا تنمو سريعا ولكنها تعيش لمدة طويلة وتعطينا الثمر الطيب ، لذا حافظي على لسان صادق لا يُخطأ ، وعقل واع ومدرك وقلب عامر بالمحبة ،خال من الحقد والضغينة والكراهية!

يا بُنيتي!
على ما يبدو لن يمهلني المرض حتى أراك عروسا ترتدين حلتك البيضاء ، ولن تنعم عيناي بمشاهدة هذا المنظر الذي طالما حلمت به ، لكن وصيتي لك أن تُحافظي على عش الزوجية في المستقبل ، فهو سيكون أغلى ما تملكين في الحياة: اسعدي زوجك ووفّري له حياة هنيئة لكي تنعمان برغد الحياة وسعادتها، كوني له مساعدا ونصيرا في محنه ،اسدي له النصيحة الملائمة عنما يتطلب الأمر ذلك، شاركيه أفراحه وأتراحه في هذه الحياة ، واعلمي بان السعيد في بيته سعيد هو في دنياه...
يا ابنتي! عندما أفارق هذه الدنيا ستنظرين يوما إلى صورتي ، اتمنى عندها منك أن تتتذكري وصيتي وتبتسمي ، وتذكري يا قُرة عيني بأن الابتسامة مفتاح القلوب!!!

أبوسنان

مقالات متعلقة