الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 28 / أبريل 23:02

أم زكي اليهودية الايرانية تروي قصتها وكيف بكت على قبر الرسول وادت مناسك الحج

امين بشير مراسل
نُشر: 04/01/11 22:44,  حُتلن: 21:45

أم زكي تروي لمراسل موقع العرب:

يوم وصولي الى الديار الحجازية دمعت عينيّ وانهمرت الدمعة حارقة – دمعة الراحة النفسية والأبدية من عناء الدنيا وفي تلك اللحظة علمت سبب محبة المسلمين لمكة والمدينة
 
استذكرت كل العناء الذي لازمنا منذ قررنا الإرتباط أنا وأبو زكي ووقفت أمام الخالق عز وجل ملحة بالرحمة والغفران وأملي كبير بأن الله قد غفر لنا ما كان لنا من أعمال وهي صفة الله أن يكرم من زاره وألح في دعائه

حرقوا بيتنا في تل ابيب بعد حرب 1967 ولم يكفيهم ان احتلوا القدس والجولان والضفة

كانت النظرات نحونا مريبة في كل مكان..في تل ابيب حيث سكنا وهربنا وفي سخنين عندما حضرنا اليها في عام 1977

بلور فرج شاهين من مدينة سخنين تبلغ من العمر 66 عاما وهي اصلاً من يهود ايران الذين وصلوا للبلاد بعد اعلان قيام إسرائيل وكانت تبلغ من العمر يومها 16 عاما, وصلت الى مدينة تل أبيب مع أفراد عائلتها والتقت بالشاب محمود شاهين وأحبا كل الآخر ولم تمض سوى أشهر حتى أعلن عن زفافهما وكان حينها محمود شاهين يعمل أجيراً في منطقة تل أبيب وقد عانى الإثنان الأمرين نتيجة قرارهما الإرتباط بالرغم من موافقة ورضا عائلة بلور كونها قد منحتها حرية الإختيار.

لا مع ستي بخير ولا مع سيدي بخير
تقول بلور فرج شاهين "تزوجت محمود شاهين بعد وصولي مع عائلتي للبلاد بتسعة أشهر, وقد نظر اليّ اليهود في تل أبيب على أنني خائنة لهم فكيف أجرؤ على الزواج من شاب عربي وأن نسكن معاً في تل أبيب خاصة وأن الفترة المذكورة كانت مشحونة بين العرب واليهود في ظل حروب عديدة وصادف ذلك مع حرب الـ 67 فتركنا المنطقة لعدة أيام وعند عودتنا للمنزل شاهدناه أطلالاً ودماراً بعد أن قامت مجموعة عنصرية من اليهود بإضرام النار فيه, وكأن الإنتقام جاء بعد هزيمة الدول العربية واحتلال سيناء والجولان والضفة الغربية وقطاع غزة, فقد كان ينظر اليهود الينا وكأننا عائلة عربية كون أن زوجي عربي فلم يكن مرغوبا بنا في الوسط اليهودي كذلك كان غير مرغوب بنا في الوسط العربي كون أنني يهودية "لا مع ستي بخير ولا مع سيدي بخير" فكانت تلك الظروف من أقسى الظروف التي تمر علينا فانتقلنا الى بيارات بيت دجان لتستمر المعاناة هناك في ظل أن الله رزقنا بخمسة أبناء أكبرهم الإبن زكي, وقد درس الأبناء في المدارس اليهودية وتعلموا المنهاج اليهودي وحتى العادات والتقاليد اليهودية وكنا نصر أن نعلمهم أيضاً العادات العربية واللغة العربية ليكون توازن بين هذا وذاك ليحافظوا على انتمائهم العربي وفي العام 1977 كان القرار جازم بأن نعود الى سخنين حيث مسقط رأس أبو زكي.

وضع حساس
وتابعت ام زكي:منذ اليوم الأول الذي وصلنا فيه الى سخنين شعرنا بنظرات غير مرحبة بوجودنا فيها وبالرغم من ذلك كان إصرارنا أكبر, فقررنا أن نتعايش مع تلك الظروف مهما كانت فهذه البلدة هي مسقط رأس زوجي وفيها تربى وترعرع وهي الأحق بنا من غيرها فتوالت الأيام وانتقلنا للسكن من منزل بالإيجار الى آخر وكانت النظرات ما زالت تلك النظرات التي تلاحقنا أينما ذهبنا فكان الأولاد يلعبون مع أبناء جيراننا وإذا وقعت أي مشادة كلامية أو تشاجر الأطفال كانوا ينعتون أولادي بأبناء اليهودية وقد تناسوا أنهم أبناء محمود شاهين أبو زكي, وقد استطعت أن أندمج مع كل هذه الأفكار المسبقة عني وكنت أتلاشى الوقوع بأي صدام مع أحد وأتجنب كل مكان يمكن أن أكون محرجة فيه". وتضيف أم زكي "أبو زكي كان بالنسبة لي الرئة التي أتنفس بها فقد علمني آداب العرب وأخلاقهم وعلمني كيف أكون وطنية وأخدم أهلي وأبنائي الأمر الذي ساهم الى حد كبير في العلاقة الطيبة التي كانت تربطه مع اخوتي وأخواتي وأفراد عائلاتهم فعائلتي اليهودية كانت متفهمة للوضع الحساس الذي نعيشه وكانت نعم العون لنا وتعاملوا مع أبو زكي بمقام والدهم وحتى اليوم فكلما كانوا في زيارة لنا وأقبلوا على أبو زكي كانوا يقبلون يده اليمنى ويضعونها على جباههم احتراماً وتقديراً له واستمرت العلاقة هكذا حتى يومنا هذا ويكاد لا يمر أسبوع حتى يزوروننا في سخنين".



تأدية مناسك الحج
وتسترسل أم زكي وتقول "منذ سنوات وأنا أتردد على المسجد الأقصى المبارك وأصلي فيه وكم كانت أمنيتي واشتياقي أن أزور قبر الرسول محمد صلى الله عليه وسلم من كثر ما سمعت عنه وعن أفعاله من أبو زكي ومن خلال مشاهداتي للدروس الدينية في قنوات التلفزة فكانت متعتي أن أصلي مع من يصلي في المسجد النبوي في المدينة المنورة من خلال التلفزيون, وأقسم بالله أنني كنت أشاهد نفسي وأنا أصلي في المدينة أثناء نومي, وكنت أستيقظ في الصباح وأنا أشعر بإرتياح ويوماً أفشيت السر لزوجي ولبناتي فعبروا عن دعمهم لي بأن أؤدي مناسك العمرة أو الحج إلا أنني رفضت ذلك في هذا الوقت كون أنه ما زال بناء البيت لم يكتمل وأن ثلاثة من الأبناء لم يتزوجوا بعد, وأكدت لهم أنه يوم أن ننتهي من بناء المنزل وتزويجهم عندها يمكن السفر لأداء مناسك الحج إلا أن أبو زكي أصر أن يؤدي مناسك الحج فكنت الداعمة له في ذلك, ومضت عدة سنوات وفي العام الماضي سافر إبني سامي لتأدية مناسك العمرة وعند عودته أخبرته بأن يتجهز للعام القادم لأكون رفيقته في تأدية مناسك الحج, فكان من الأبناء تردد كون أن صحتي لا تلائم وضع الحج فخافوا على سلامتي إلا أني أكدت لهم بأني مستعدة كل الإستعداد وإذا قدر الله لي أن أؤدي مناسك الحج فسأؤديها وأعود وإذا لم يقدر الله لي ذلك فسأكون بمجاورة رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام, فاقترح الأبناء علي السفر بالطائرة كون ذلك الأقل تعباً وجهداً فرفضت ذلك وإصراري كان كبير السفر بالحافلة وبنفس الوقت رفضت أي شاقل واحد من أي من أبنائي لأن الحج يجب أن يكون من مال الإنسان نفسه, فأنا مؤمنة بأن الدين لله تعالى وأن الله لا ينظر الى صورنا ولا الى وجوهنا ولكن ينظر الى قلوبنا وأفعالنا, فأنا مقتنعة أنني أخاف الله ومبدأي أن الدين يسر وليس عسر, فأنا تعلمت منذ نعومة أظفاري وأنا في ايران أن الناس سواسية وهذا الذي كنا نشعر به مع المسلمين هناك".

الرحمة والغفران
وتؤكد أم زكي "أن يوم وصولي الى الديار الحجازية دمعت عينيّ وانهمرت الدمعة حارقة – دمعة الراحة النفسية والأبدية من عناء الدنيا وفي تلك اللحظة علمت سبب محبة المسلمين لمكة والمدينة واستذكرت كل العناء الذي لازمنا منذ قررنا الإرتباط أنا وأبو زكي ووقفت أمام الخالق عز وجل ملحة بالرحمة والغفران وأملي كبير بأن الله قد غفر لنا ما كان لنا من أعمال وهي صفة الله أن يكرم من زاره وألح في دعائه, ويوم عودتي وجدت الحاج أبو زكي وأبنائي جميعاً وأحفادي وإخوتي وأخواتي اليهود باستقبالي فكانت ساعات طيبة أعشها لم تمر علي من قبل, وعندها علمت بأن الله قد منحني الراحة والسكينة على أمل أن يمنحها الله للناس جميعاً".

علمني الصبر والمعاملة الحسنة مع الناس
وتتطرق أم زكي الى معاناة من نوع آخر قد تعرضت العائلة الى ضغوطات عندما بلغ الأبناء سن الثامنة عشرة فقد فوجئنا بالشرطة العسكرية التي طرقت باب منزلنا تطلب الأبناء للخدمة العسكرية كون أن أمهم يهودية الأمر الذي تصدينا له بكل قوتنا وكان موقفي مفصلي بالرفض التام والجذري ضد أن يقف أبنائي قبالة اخوانهم العرب والفلسطينيين فكان الرفض جازم ولا يمكن التراجع عنه مهما كانت الأسباب, وأكدت لكل من حاول معنا بأن أبنائي مسلمين وليس يهود, فأنا صاحبة مبدأ بأننا لا يمكننا أن نكون خونة لديننا وللمجتمع الذي نعيش فيه, وجاء اليوم الذي اعتقلت الشرطة أحد أبنائي باتهامه تهماً أمنية بأن شارك في رفع علم فلسطين وألقى الحجارة على دوريات الشرطة وأغلق شارع رئيسي الأمر الذي نفاه إبننا, فحاولوا ابتزازنا مرات أخرى فكان طلبهم التوقيع على التجنيد والإنضمام للجيش مقابل الإعفاء عن التهم الموجهة اليه, وعندها فضلنا أن يسجن إبننا على أن يحمل السلاح بوجه أبناء شعبه, فلا يمكننا التفريط بكرامتنا وكرامة زوجي أبو زكي الذي هو إنسان وطني منذ اليوم الأول الذي التقيت فيه وتعرفت عليه, وكان جوابي داخل المحكمة أنه سيسجن سنة أو اثنتين وسيخرج فلن نكون خونة , وفعلاً بعد سنة وشهر من سجنه تقدمنا بإستئناف للمحكمة واستطعنا من إطلاق سراحه , وقد جاء في قرار الحاكم ان اطلاق السراح جاء لعدم وجود أدلة كافية وذلك بهدف عدم تقديمنا شكوى لدفع الأضرار, وفي هذا السياق أنا أؤكد أن هناك حفنة من الناس ومقابل حفنة من الأموال مستعدون لبيع الأوطان في الوقت الذي نحن صمدنا أمام الضغوطات التي قد يتوقعها البعض وقد لا يتوقعها البعض الآخر وأصررنا على رفض الخدمة بكل أشكالها, فلا الشرطة ولا الجيش ولا الخدمة المدنية". أما عن علاقتها بزوجها أبو زكي فتقول بلور شاهين (أم زكي) :"تعلمت الكثير من أبو زكي فقد علمني الصبر والمعاملة مع الناس وحتى الطبيخ والعجين والخبيز فكان نعم الزوج ونعم الرفيق فقد كان محباً للناس جميعاً ويستحق كل الإحترام والثناء والتكريم.

مقالات متعلقة

14º
سماء صافية
11:00 AM
14º
سماء صافية
02:00 PM
13º
سماء صافية
05:00 PM
9º
سماء صافية
08:00 PM
9º
سماء صافية
11:00 PM
06:12 AM
05:31 PM
2.78 km/h

حالة الطقس لمدة اسبوع في الناصرة

14º
الأحد
16º
الاثنين
15º
الثلاثاء
14º
الأربعاء
17º
الخميس
16º
الجمعة
16º
السبت
3.83
USD
4.10
EUR
4.78
GBP
241761.26
BTC
0.53
CNY