المواطن الفلسطيني معين ديب:

ارتكاب قوات الاحتلال لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تقتضي تقديم مقترفيها للمحكمة

الواقع مختلف رغم الوعود التي سمعناها عن معاقبة من اقترف الجرائم بحق أبنائنا. هل دماؤنا رخيصة إلى هذا الحد؟

المجتمع الدولي وقف صامتاً أمام كل ما جرى ولم يحرك ساكناً، وهذا يعني تبنيه ضمناً للممارسات الإسرائيلية التي ارتكبت خلال الحرب وتفشي ظاهرة الإفلات من العقاب التي تبعت العدوان

اعتقد الفلسطيني معين ديب (44 عاماً) الذي فقد 11 من أفراد عائلته بينهم زوجته وأبناؤه الخمسة أن إسرائيل لن تفلت من العقاب هذه المرة على جرائمها خلال الحرب على غزة، لكنه بعد عامين على عدوان "الرصاص المصبوب" أصبح متيقناً بأن الأسباب التي جعلت إسرائيل فوق أي مساءلة في الماضي ما زالت قائمة، وأن المناشدات التي أطلقها الفلسطينيون في كل أرجاء العالم لمحاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين لا تعدو كونها صرخة في واد.

وقال: "الجميع اعتقد أن العالم لن يصمت أمام حجم الجرائم الإسرائيلية هذه المرة، خصوصاً وأنها متعددة وكثيرة وتم توثيقها من قبل عدة مؤسسات حقوقية". وأضاف: "لكن يبدو أن الواقع مختلف رغم الوعود التي سمعناها عن معاقبة من اقترف الجرائم بحق أبنائنا". وتساءل: "هل دماؤنا رخيصة إلى هذا الحد؟ أم أن ميزان العدالة في العالم لا يستطيع محاكمة دولة إسرائيل باعتبارها فوق القانون؟ أين يكمن الخلل"؟

الاعتداءات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين
ووثقت العديد من المؤسسات واللجان المحلية والدولية مجموعة كبيرة من الاعتداءات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، وخرجت بنتائج مفادها أن ارتكاب قوات الاحتلال لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تقتضي تقديم مقترفيها للمحكمة بحسب تقارير هذه اللجان التي يقف في صدارتها تقرير القاضي الجنوب أفريقي ريتشارد غولدستون الذي ترأس لجنة التحقيق الأممية في الحرب على غزة.

الإفلات من العقاب
وأكد "المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان" أنه وبعد مرور عامين على العدوان الذي يعد الحدث الأكثر وحشية في تاريخ الاحتلال، لم تظهر أية خطوات ملموسة نحو الالتزام بحق الضحايا المشروع في التمتع بحماية القانون بشكل متساوٍ والحصول على إنصاف قضائي فعال. وقال في بيان له: "المجتمع الدولي وقف صامتاً أمام كل ما جرى ولم يحرك ساكناً، وهذا يعني تبنيه ضمناً للممارسات الإسرائيلية التي ارتكبت خلال الحرب وتفشي ظاهرة الإفلات من العقاب التي تبعت العدوان". وأضاف: "وبالتالي، فقد تبنى المجتمع الدولي ضمناً ارتكاب جرائم دولية بشكل منهجي وعلى نطاق واسع".

الضغوط السياسية والمصالح الاقتصادية
وأرجع الحقوقي في مركز "الميزان" لحقوق الإنسان في غزة سمير زقوت أسباب عدم الأخذ بتوصيات التقارير الحقوقية بحرب غزة وتفعيل الدعاوى القضائية ضد القادة الإسرائيليين، إلى ضعف الإرادة الدولية خصوصاً وأن من سيتولى هذه المهمة هي دول ومؤسسات دولية تخضع للضغوط السياسية والمصالح الاقتصادية. وبين أن القرارات القضائية في الدعاوى المرفوعة ضد إسرائيل جراء تقارير نتائج التحقيقات الدولية كانت ضعيفة جداً مقارنة بما أحدثته هذه اللجان من تأثير على الرأي العالم في الكثير من الدول، لافتاً إلى بروز هذا التأثير من خلال حملات التضامن ووفود كسر الحصار التي تصل قطاع غزة من كل أرجاء العالم.

إدانة قادة إسرائيل
وأدت الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى استشهاد ما يزيد عن 1400 فلسطيني وإصابة نحو 5500 آخرين، إضافة إلى تدمير نحو 16.5 في المئة من البني التحتية والمنشآت من بينها 5000 آلاف منزل بصورة كلية. واعتبر زقوت أن قيمة التقارير الدولية كبيرة وتعد وثائق استراتيجية بيد الفلسطينيين يمكن من خلالها إدانة قادة إسرائيل متى سمحت الظروف الدولية بذلك، مشيراً إلى أن القضية تحتاج إلى جهود فلسطينية وعربية منظمة ومواقف دولية بعيدة عن ضغوط السياسة. وبحسب خبير القانون الدولي الدكتور عبد الكريم شبير، فإن الوقائع والتقارير والملفات القانونية تدين قوات الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، إلا أن النفوذ الصهيوني في العالم يحول من دون تقديم أي من قادة دولة الاحتلال لمحكمة الجنايات الدولية أو أي محاكم محلية في دول العالم.

تحرك فلسطيني وعربي
وشدد على أن تشتت الرواية والموقف الفلسطيني الرسمي وعدم استغلال الدول العربية لمصالحها في قضية محاكمة قادة الاحتلال، ساهم في تقليص فرص أخذ العدالة الدولية لدورها، مؤكداً أن العرب يمتلكون طاقات وعلاقات ومصالح يمكن أن تكون أدوات ضغط على الدول التي تخضع للضغوط الأميركية والإسرائيلية. واستبعد شبير إخضاع قادة إسرائيل السياسيين والعسكريين إلى أي شكل من أشكال المحاكمة في ضوء معطيات السياسية الراهنة، داعيا إلى تحرك فلسطيني وعربي موحد وضاغط للاستفادة القصوى من نتائج التحقيقات التي أجرتها العديد من المؤسسات الدولية في تبعات الحرب على غزة.