الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 05 / مايو 22:02

الإستيقاظ ليلاً.. مشكلة لها حلول

أماني حصادية -
نُشر: 03/01/11 13:43,  حُتلن: 08:00

 توقف الطفل عن الإستيقاظ ليلاً لا يعود عليك وحدك بالمنفعة، بل على طفلك وعائلتك أيضاً

الطفل أيضاً في حاجة إلى الراحة، ليس فقط بعد أن يصبح في الشهر الثالث أو السادس من عمره

يُعتبر الإستيقاظ ليلاً قاسماً مشتركاً بين الأطفال في الشهور الأولى من أعمارهم. وهو قد يتحول إلى مشكلة إذا أساء الأهل التعامل معه بشكل صحيح. ذلك أنّ الإستيقاظ ليلاً يصبح منهكاً للأهل الذين لا يتمكنون من التمتع بالنوم، كما أنّه منهك للطفل نفسه.
معظم الأطفال يستيقظون مرّات عدة من نومهم ليلاً. وهناك أسباب عدة لذلك، منها الشعور بالجوع أو بالبرد، أو لأن ثيابه مبللة، أو لأنّه ممغوص.. إلخ.


صورة توضيحية

في معظم الحالات، يتوقف الأطفال عن الإستيقاظ ليلاً عندما يصبحون في الشهر الثالث من العمر، ولكن هناك أطفالاً يستمرون في الإستيقاظ من النوم حتى بعد أن يصبحوا في عمر السنة، وأحياناً أكثر من سنة، الأمر الذي يتسبب في فقدان الأهل أعصابهم نظراً إلى حاجتهم إلى النوم والراحة.
والطفل أيضاً في حاجة إلى الراحة، ليس فقط بعد أن يصبح في الشهر الثالث أو السادس من عمره، بل منذ ولادته. والإستيقاظ في الليل أمر طبيعي. ولكن ما هو غير طبيعي هو عدم القدرة على العودة إلى النوم ثانية، وهذه هي مشكلة الطفل.
لكن مشكلته هذه لا تؤثر فيه وحده فقط، بل في العائلة بكاملها. وبالنسبة إلى الأهل، فهي تسبب لهم القلق والإضطراب في النوم ليلاً، وتحد من قدرتهم على العمل نهاراً. أمّا بالنسبة إلى الطفل، فهناك جوانب أخرى للمشكلة، وهي أنّه في حاجة إلى مساعدة الآخرين لكي يتمكن من العودة إلى النوم. ففي كل مرّة يستيقظ الطفل من نومه، يبقى صاحياً إلى أن تأتي إليه أُمّه وتهدئ من روعه، وهو الأمر الذي يتوقعه منها وينتظره دائماً بطريقة أو أخرى، مثل إعطائه قنينة الحليب، أو تغيير حفاظه إن كان مبللاً، أو هدهدته، أو حتى نقله إلى جانبها في السرير.

منفعة للجميع
لذا، فإن توقف الطفل عن الإستيقاظ ليلاً لا يعود عليك وحدك بالمنفعة، بل على طفلك وعائلتك أيضاً. إذن، لابدّ من الإنتهاء من ليالي القلق والبدء في ليالي الراحة. وكان يمكن لهذا التحول أن يتم بسهولة أكبر لو بدأت الأُم في تطبيقه في الشهر السادس، والأفضل الثالث من عمر الطفل، حيث يكون أكثر قدرة على التكيف، وأقل عناداً وتشبثاً برأيه. ولكن أكثر قدرة فعلياً على التعبير عن نفسه وآرائه.
وهنا يجب أن تكون البداية صحيحة. فقد دلت الدراسات على أنّ الأطفال الذين يذهبون للنوم ليلاً لوحدهم، من دون الأُم، يكون لديهم الإحتمال كبيراً أن يعودوا للنوم وحدهم أيضاً عندما يستيقظون ليلاً ولا يجدون أحداً بالقرب منهم. فإذا كنتِ تساعدين طفلك على النوم بالبقاء بالقرب منه إلى أن ينام، فهذا يعني أنك تعملين أيضاً على إطالة عادة استيقاظه ليلاً.

الإنزعاج من الصوت العالي
إذا كان الطفل غير مرتاح جسدياً، فإن ذلك يجعل عملية العودة للنوم ثانية أمراً صعباً. حاولي أن تكون درجة حرارة الغرفة التي ينام فيها طفلك معتدلة، فالأطفال الذين يتقلبون كثيراً في فراشهم أثناء النوم، لا يبقون تحت الغطاء لفترة طويلة. لذا يجب إلباس الطفل بيجاما سميكة في ليالي الشتاء الباردة، ثمّ التخفيف من ثيابه في فصلي الربيع والخريف. أما في فصل الصيف، فاتركيه لينام في حفاظه فقط، خاصة في ليالي الصيف الحارة، إلاّ إذا كانت غرفته باردة. في هذه الحالة، يمكن الإكتفاء بإلباسه بيجاما خفيفة وإستخدام غطاء خفيف. حاولي معرفة إن كان طفلك يفضل النوم في غرفة مظلمة أم في غرفة مضاءة بنور خفيف, ثمّ تصرفي على هذا الأساس. أمّا إذا كان ينزعج من الأصوات العالية، فاغلقي باب غرفته حتى ينعم بنوم هادئ.
وإذا كان جو المنطقة حيث تعيشين حاراً، يمكنك إستخدام مروحة عادية، أو مروحة سقف لتلطيف جو الغرفة. فالصوت الخفيف الذي يصدر عن المروحة يمكن أن يخفف من الضجيج خارجها. وإذا شعرتِ بأن طفلكِ يمكن أن ينام مرتاحاً حتى عند سماعك وأنتِ تتحركين في المنزل، فاتركي باب غرفته مفتوحاً جزئياً.
معظم الأهل يخطئون عندما يسرعون إلى غرفة الطفل عند سماعهم أدنى صوت، فينتهي بهم الأمر إلى إيقاظه، في حين كان من الممكن عودته للنوم ثانية، لأنّه قد يكون غير مستيقظ تماماً عند دخولهم الغرفة. فالمشهور عن الأطفال أنهم يصدرون أصواتاً أثناء النوم. لذا، من المهم أن تدرك الأُم أن معظم الأصوات التي تصدر عنهم لا تتطلب الإسراع إلى الإستجابة لها. وبالطبع، عليها التأكد من الصوت ومن سلامة الغرفة أيضاً.
أمّا إذا ارتفعت الأصوات لتصبح عويلاً، فعندها عليها الإسراع إلى غرفته للتأكد من أنّه لا يشكو من إرتفاع في الحرارة، أو أنّه ليس مبللاً او ملفوفاً بغطائه وغير قادر على الإفلات منه، ويستحسن أن تسوي فراشه وتعدل من نومه إذا استدعى الأمر، كما يجب تغيير حفاظه إذا كان مبللاً أو متسخاً. ولكن يجب عدم نقله من سريره أو إضاءة الغرفة، إذ من الممكن أن يعود للنوم ثانية بسهولة. أما إذا وجدته واقفاً في سريره، فعليها وضعه ثانية في فراشه والتربيت على ظهره بلطف.

مسار تدريجي:
على الأُم مساعدة طفلها على تعلم تهدئة نفسه بنفسه، وألا ينتظر منها القيام بذلك. أمّا إذا تطلب الأمر مساعدتها، فعليها الإكتفاء بالتربيت على ظهره بلطف والاقتراب منه وترديد كلمات بصوت منخفض ثمّ الإنتظار حتى يهدأ، وليس حتى ينام. بعدها، عليها إفهمامه بهدوء أنها ذاهبة إلى سريرها لتنام هي أيضاً، ثمّ مغادرة الغرفة حالاً. وإذا عاد إلى البكاء، وهذا إحتمال كبير، فعليها الإنتظار مدة خمس دقائق قبل العودة إليه ثانية، وإستخدام الوسيلة نفسها لتهدئته. وإذا استأنف البكاء، عليها اتباع الطريقة نفسها. في كل مرّة تعود فيها الأُم إلى غرفة طفلها عليها إضافة خمس دقائق إلى مدى إنتظارها خارج الغرفة، إلى أن تصل المدة إلى عشرين دقيقة بين زيارة وأخرى. ففي نهاية الأمر، من المؤكد أنّه سيعود إلى النوم لوحده، ومن المنتظر أن تقل عدد مرات بكائه في ما بعد. وقد يتوقف عن البكاء نهائياً في الليلة الرابعة أو الخامسة، مع أنّه قد يبكي أحياناً عندما يستيقظ، لكنه سيعود للنوم وحده.
وإذا بدا أن طفلك يخاف إذا ترك لوحده، أو أنّه يعاني أحلاماً مزعجة ليلاً، فعليك معالجة هذه المشاكل تماماً مثل مشكلة إستيقاظه ليلاً. أمّا إذا كان نومه مضطرباً ويستيقظ كثيراً في الليل، فعليك مراجعة الطبيب للتأكد من أنّه لا يشكو من إنقطاع النفس.
في بعض الأحيان، يستمر الأطفال في الإستيقاظ مرّات عدة بين ساعات النوم الأولى وساعات الفجر، حتى لو اتبع الأهل كل النصائح والتوصيات المتعلقة بالنوم. وفي العديد من هذه الحالات، تكون الأسباب تحسس الطفل من الحليب ومنتجاته، أو عدم قدرته على هضمه، خاصة حليب البقر، ما يسبب الأرق لمثل هؤلاء الأطفال. ولن يشعر الطفل بالراحة إلاّ بعد التخلص من ما تناوله من هذه الأطعمة.
وتبدأ معاناة الطفل من الأرق عادة بعد الفطام، والبدء في تناول حليب يختلف عن حليب الأُم، أو بعد خضوعه لعلاج طبي سبب له إضطراباً في نومه، أو إذا كان هناك في الأساس أشخاص في العائلة يعانون حسّاسية من بعض الأطعمة، أو من عسر هضم، حيث من المحتمل أن تنتقل هذه المشكلة إلى الطفل بالوراثة، أو إذا كان الطفل في الأساس يعاني رشحاً دائماً، أو إلتهاباً في الأذن، أو إسهالاً، أو ربواً وضيقاً في التنفس. عندها، لابدّ من مراجعة الطبيب المختص لمعالجة الأمر قبل أن يستفحل.

الروتين الليلي:
يمكن أن يكون النوم تجربة سارة أو غير سارة، وتجربة يتطلع إليها كل الأفراد بمن فيهم الأطفال، عندما يقترب النهار من نهايته. وكل ذلك يعتمد على الآليات التي تتبع قبل النوم. وحتى يصبح النوم مهماً لكل أفراد العائلة. يجب اتباع روتين ليلي قبل النوم، والإلتزام به قدر المستطاع، لأن تطبيقه يريح الأطفال ويسهل عليهم عملية الإنتقال من مرحلة إلى أخرى. يجب تجنب الإخلال بتطبيق الروتين إلاّ إذا لم يكن هناك مفر من ذلك. والهدف منه هو خلق جو من الراحة والهدوء. وعند وضع الروتين يجب الحرص على أن تتلاءم شروطه مع إحتياجات العائلة كلها. ويمكن للأفكار التالية مساعدتك على وضع مثل هذا الروتين:
* الإستحمام: تقريباً كل الأشخاص، بمن فيهم الأطفال، يشعرون بالراحة والإسترخاء بعد أخذ حمام ماء ساخن. لذلك يعتبر الحمام بداية جيِّدة جدّاً للإستعداد للنوم.
* الإستعداد: لبس ثياب النوم التي يجب أن تكون مريحة وتتلاءم مع الجو، على أن تكون مصنوعة من قماش ناعم الملمس، حتى لا يسبب حسّاسية للطفل. كما يجب إستبدالها بثياب أخرى بعدما يصحو الطفل من النوم مباشرة، حتى يصبح قادراً على الربط بين النوم والبيجاما.
* تناول وجبة خفيفة: إذا كان طفلكِ يتناول عشاءه مبكراً، فهذا يعني أنّ هناك وقتاً طويلاً قبل تناول الإفطار. لذا، فإن إعطاء الطفل وجبة خفيفة قبل النوم يمكن أن يساعده على عدم الإستيقاظ ليلاً لشعوره بألم بسبب الجوع. فإذا كانت الوجبة خفيفة وجيِّدة، يمكن أن تطيل مدة نومه. ويفضل أن تجمع بين البروتين والكربوهيدرات، مثل القليل من اللبن، مع شرائح من الموز، وبسكويت مصنوع من القمح، أو قطعة جبن مع قطعة بسكويت هش مع كوب من العصير، أو عصير مُحلى مع بسكويت وكوب من الحليب.. إلخ.
* تنظيف الأسنان: من المهم جدّاً تنظيف أسنان الطفل قبل النوم، لإزالة كل ما يعلق بها من بكتيريا قد تتسبب في تآكل أسنانه وتسوسها. لذا، يجب تعويد الطفل على هذا الروتين منذ الصغر.
* القراءة: تمددي بالقرب من طفلك في مكان معيّن، ويفضل عدم تغيير المكان كل ليلة، وإقرئي معه قصة تكون مختارة جيِّداً، خالية من قصص الساحرات أو الأشرار أو الأشباح. وعندما يصبح الطفل في سن أكبر وأكثر قدرة على إدراك معنى الوقت والزمن، حددي وقت القراءة. وعند الوصول إلى نهاية وقتها، يجب تحذير الطفل حتى لا يفاجأ وينزعج عند توقفك عن القراءة.
* الإستماع إلى الموسيقى: إنّ الإستماع إلى موسيقى هادئة ومريحة للأعصاب أثناء القراءة، يمكن أن يكون إضافة جيِّدة للقراءة، على الإسترخاء، وبالتالي على النوم المريح.
* الحديث إلى الطفل: عند وضع الروتين، يجب الحرص على تخصيص بعض الوقت يومياً للحديث مع الطفل حول الوقت الذي أمضيتماه معاً، وعن مدى حبك له، وعن علاقتك مع عائلتك وجيرانك وأصدقائك.. إلخ.
* القول له: "تصبح على خير" هذه الخاتمة تساعد الطفل جدّاً على الإنفصال عن أوقات اللعب واللهو والدخول في وقت العزلة والنوم. فبدلاً من أمر طفلك بالذهاب حالاً إلى النوم، خذيه من يده واطلبي منه أن يقول "تصبح على خير"، لكل فرد من العائلة، وحتى لألعابه قبل الذهاب إلى النوم.
دعيه يحمل معه شيئاً إلى فراشه، مثل غطاء يحبه أو لعبة على شكل حيوان صغير، أو على شكل إنسان صغير. ضعي مثل هذه الألعاب فوق السرير وليس داخله، الأمر الذي يعطي الطفل شعوراً بالأمان، حيث تبدو هذه الألعاب وكأنّها حارس يقوم بحراسته. ثمّ عانفي طفلك وقبليه قبل مغادرة غرفته. ولا تترددي حتى لو استدعى الأمر منك ذلك، لأنّ البقاء بالقرب من طفلك حتى ينام يحرمه من فرصة تعلم عادة النوم لوحده، وقد يزيد أيضاً من مشاكل النوم لديه.

مقالات متعلقة