أولاً يَحقُ لي , أو واجبٌ عَلي أن ابتدأ كَلماتي بالتحيةِ لَكم جَميعاً لمن يُشاركني هذه السطور ولمن يَتعذرُ عَليه ذلك .
ها قَد أصبحنا أمام بوابة النهاية , حَيثُ سَنخرجُ مُخترقين حواجزَ الأعوام , ونسَبحُ في سَنةٍ جَديده
لا نَعلم ما تُخبئ لنا , ولا نُدرك ما قد نواجه
نَكتفي بالتبريكات والتَمنيات بسنةٍ أفضل من سابقيها , نَسيرُ نَحو المجهول لأننا نَملُك الجرأة على تجربةِ ما هو جَديد ومُختلف .
نَدفنُ سنة ماضيه , ونَعودُ مع مولود جَديد إلى الآن لم نَعلم كَيفية تَحديد جِنسه , ونِيته نحونا .
لَن اكتفي بتوديع ذاك العام المُنصرم , ولن أذرُفَ الدموع لشدةِ الألم الذي عايشتهُ في هذا العام
بَل سأُجالس نَفسي
وأستذكرُ كُلَ ما كان
لَيس ما يَخصُني فَقط
بل , كُلَ ما دار من حولي من أحداث كُنت أنا عَلى عِلمٍ بها .
لن أُبارك العالم الجديد , طالما هُناك عُراةٌ وجوعى , ومتسولين , ومُشردين , يجبون هذه الطُرقات المُظلمه , يُصارعون البردَ تارةً ويُذيبون الحر تارةً أُخرى .
لن أُهنئ أحداً , طالما هُناك من الظُلام والمظلمين ما يَكفي لأن يُدمر العَيش ألهني .
لن أرقُصَ فرحاً وطرباً إحتفالاً بالعالم الجديد , طالما هُناك أُمهاتٌ تَصرُخ ألماً , وأطفالٌ تَبكي , ورِجالٌ تَدمع , عَلى وَطن طال بَحثُنا عَنه , وتاهت المساعي لتحريره , مع كُل إستمرارية إغتيال لعائلات لا تَحملُ في طياتها سوى دفئ البيت الصغير , ومشاعر المحَبةِ التي إلى ألان لا زالت تُصارع البقاء بَيننا ولم تَسمح لأحدٍ سَلبها إيانا .
بماذا سأفرح ؟
هل لأن هُناك مَن يُثبت أن العرب فاقت سخافتها الحَد , وأن الجَهل قَد وَصل الذروةِ ؟
لماذا أنتُم سُعداء لهذه ألدرجه ؟ لاستقبال عامٍ أخر , أم لخلاصكُم مما مَضى وبذلك تُبرئون أنفُسكم من كل الأحداث التي جَرت في العالم 2010 وهكذا أنُتم أحرار من كُل عبئٍ قَد يُلقى على عاتقكم .
كَيف تتجرؤون عَلى توديع عام كان اسود بالنسبةِ لَنا كَعرب , لا يَجب أن نُودع , بل يَجبُ أن نسَعى لإصلاح ما كان , وأن نَبدأ بنثر الزهور , ونَبذ الأشواك عَن السُبل التي قَد نسير بها في عامنا هذا
كثيراً ما وُجه إلي هذا السؤال !
أينَ ستحتفلين برأس السنه ؟
رأس ألسنه ؟
هل يَحقُ لي أنا كعربيةٍ فلسطينيه أن أحتفل ؟؟
وهُناك من الأطفال المُضطهدين في أنحاء هذا الوطن , لَم يَعيشوا الطفولة ولم يُدركوها إلى الآن لم يُشاهدون منذُ ولادتهم سوى الدماء , والدمار والخراب , يَسيرون بين جُثث بَعضهم البَعض بحثاً عَن الوالدة والأب والأخ, والصديق , أطفالٌ لا تُغطي أجسادهُم العاريةِ سوى كرامتهم التي إلى ألان يَرفضون التنازُلَ عَنها .
أن أرى بأم عَيني دموع أطفال تستنجد بضعفي وأنا أعلم بالرغم من أنني أفوقُهم عُمراً إلا أنهم يَملكون من القوة أضعاف ما أملُك , أراها تَبكي أمامي ولا يَسعُني سوى الوقوف أمامها والبُكاء , لماذا أفرحُ بقدوم عامٍ وطالما أن الأوضاع لا زالت كَما هي ولَم أجدَ أي تغيير حتى لو جذري بهذا بالوضع الذي نُعايشه .
في ليلة احتفالي سَتكونُ هُناك ألاف الأمُهات اللواتي يحين عَلى أمل أن يرون أبناءهم بين أحضانهم عَن قريب ( أو كَما يُناسب حديثي هذا في السنةِ القادمة ) , إن كان ذاك الابنُ أسيراً سَقط بسبيل هناء والدته , أو طفل غادر بَيته بحثاً عن رزقٍ يُعيلُ به عائلته الصغير , التي سَقط رَبّ بَيتها شَهيداً , كَي يحيى أبناءه بحُريةِ مُطلقه .
هل سأكونُ إنسانةٌ حينما أُطلق ضحكات فَرحي عالياً وأتقهقهُ مع أصدقائي , وأغُض سَمعي عن وَجع مَريضٍ يُعاني ولا يَملكُ ثَمن شراء دواء يُخفف ألمه ولو قليلاً , فتاةٌ تَبحث عَن مُستقبل تَبنيه ولا تَجدُ مساحة بناءٍ مُناسبه , لأنه فَرض عَليها والدها التنازُل عَن أحلامها وطموحها , من أجل الزواج فهو لا يَستطيع منحها , ما قَد يَمنحُها إياه ذاك العريس أبن الخَمسينَ عاماً .
الشيء المُحزن , هو زيادة نسبة الفتيات اللواتي يلجئنَ لبيوت الدعارة كَي تؤويهم ,, فالإنجاز الحقير الذي كان في سنة 2010 هو تفوق عدد العذراوات في سِلك الدعارة , وأغلبهم من بين الثامنةَ عَشر وما فَوق .
حقاً هُنا سَنبكي , وسأسمح بذرف الدموع الآن فهذا حالٌ يُرثى له , لا يُبارك به .
أبكي عَلى جيلٍ شاب , يَجهُل من الحياة الكثير , ولا يَعلُم سوى مقاس عجلات سيارته , ونَوع سيجارته , وماركة حذاءه .
أتألمُ حينما تُظهر الأبحاث أن نسبة طُلاب المدارس الذين يَتعاطون المخُدرات أخذه بالإرتفاع , وأن من يَتسربون من المدارس بات عَددهم كثير ولا يَجدون أنسب من الشارع لتمضية وقتهم , وهكذا يَضيعُ جيلٌ شاب أخر .
ماذا سَيحدثُ بالعالم القادم ؟
وهذا سؤالٌ سَنستمر بسماعه حتى مَجيء 2012 ! عندما يَحينُ مَوعد رَفع يَدينا ملوحينَ وداعاً عام 2011... عِندها سَنملكُ الجواب اليقين .
كَيف لنا كَعرب أن نَحتفل , ولا زِلنا مُحتلين بوطن مُحتل
كَيف لَنا أن نغفو بَعد لَيلة توديع طويله , وهُناك من لا يَجدُ مأوى , ويَغفو عَلى أرصفة الشوارع ويَعصفُ عَليه البَرد مُمزقاً جَسدهُ الضعيف
أستغربُ كَثيراً من أولئك ألذينَ يُخططون كَيف سَيتمكنون من قضاء سَهرتهم , ولا يُفكرون بما قَد زرعناه للعام القادم
وأؤكد لَكُم , بأن ما لَم يَنبُت في عام 2010 سَينبتُ ويُزهر في عام 2011 فاحذروا مَحصولكم القادم .
وفي خِتام حَديثي
أتمنى أُمنيه صَغيره , هي أن يَملُكَ كُل إنسان , قوةٌ تُمكنه من رَدع الفساد الذي قَد يَستولي عَليه
وأن نَعودَ أحراراً في وَطنٍ يَنبضُ بالحُريه
هُناك ما هو أهم من سهراتنا
هُناك شعبٌ كامل , يَحتاجُ لذاك المَبلغ الذي تُقدم به عَلى شِراء تذكرةَ حَفلٍ , وملابس فاخره لمُناسبةِ أفخر .
أمعنوا النظر بأحوالنا ,, وأمضوا !
وكُل عام وضَميركم صَحواً , حَيٌ لا يَموت