البروفيسور سليم زاروبي

كل الدول المتطورة ودول الأسواق الصاعدة كالهند والبرازيل تخصّص أكثر من %2 من الناتج القومي لقضايا البحث والتطوير

اهم الاسباب التي تحدو بالدول المتطورة الى دعم الأبحاث العلميّة البحتة:"*ازدياد كمية المعرفة التي من الممكن الاستفادة منها

بدعوة من مؤسسة "جدل" للدراسات والتنمية، وبالتعاون مع المركز الثقافي الفرنسي في الناصرة، عقدت يوم الثلاثاء 21.12.2010 في مبنى المركز الفرنسي ندوة فكرية بحضور جمهور من المهتمين تحت عنوان "سياسات تمويل البحث العلمي: علم، دولة، مجتمع" قدمها عالم فيزياء الفلك بروفسور سليم زاروبي المتخصّص في ابحاثه حول "أصل الكون وتطوّره".

بروفسور سليم زاروبي من الناصرة حاز على اللقب الاول والثاني في الفيزياء من معهد التخنيون في حيفا، وعلى اللقب الثالث من الجامعة العبرية في القدس. وعمل لاحقا في جامعة بيركلي في كاليفورنيا، ومن ثم انتقل الى معهد "ماكس بلانك" لفيزياء الفلك في ميونخ وحاليّا بروفسور في جامعة "خروننجن" في هولندا.
هذا وقد رحبت الصحافية ياسمين مخلوف سكرتيرة المركز الفرنسي ومركزة برامجه الثقافية بالحضور معلنة عن ترحيب المركز الفرنسي بكافة النشاطات الثقافية والفكرية في المدينة من منطلق دعم المركز للانفتاح على كافة الحضارات في العالم والتفاعل معها. وأدار الندوة الناشط السياسي والاجتماعي زاهر بولس مدير "جدل".
وتطرقت المحاضرة الى السؤال العام: لماذا تدعم العديد من الدول المشروعات العلمية التي هدفها "العلم من أجل العلم – العلم المحض؟ بمعنى آخر، ما هي أهميّة العلوم المجرّدة لحياة الناس بمعزل عن نتائجها العملية غير المعلومة مسبقَا؟
فعلى سبيل المثال تقوم المجموعة الاوروبية حاليا بالتخطيط لبناء تلسكوب لرصد الاجرام السماوية في الفضاء تبلغ تكلفته ما يقارب ال 2 مليارد دولار. والسؤال هو: لماذا ترتضي هذه الحكومات تحمّل أعباء التكاليف من أجل رصد الفلك؟
ويشرح زاروبي: "تقسم الابحاث العلميّة الى ثلاثة أنواع، الأول: أبحاث علميّة محضة دون أي اعتبار لتطبيقاتها العمليّة، كدراسة الفلك أو الرياضيّات المجرّدة. والثاني، أبحاث علميّة تدمج الفهم الأساسي لقوانين الطبيعة مع استخدامها في تطبيقات عمليّة، كمحاولة فهم تركيب المادة الوراثيّة، الدي. أن، اي، من أجل استخدامها لأهداف طبيّة. أمّا الثالث فينصب على استعمال المعرفة العلميّة فقط من أجل التطبيقات العمليّة كالهندسات على أشكالها أو من أجل استخدامات تجارية أو عسكريّة، وأسباب دعمها جليّ للعيان . والسؤال الأساسي يتمحور حول تمويل النوع الأول من الأبحاث العلميّة رغم عدم وضوح جدواها المباشرة للمجتمع".

2% من الناتج القومي للدول المتطورة للبحث والتطوير
ويضيف: "من الجدير بالذكر أن كل الدول المتطورة ودول الأسواق الصاعدة كالهند والبرازيل تخصّص أكثر من %2 من الناتج القومي لقضايا البحث والتطوير كاليابان التي خصصت عام 2008 نحو %3.4 من ميزانيتها والسويد %3.9، وللأسف، فإن أي من الدول العربيّة لا تنتمي الى هذه المجموعة، رغم امكانياتها الواسعة".
ويخلص زاروبي الى ان اهم الاسباب التي تحدو بالدول المتطورة الى دعم الأبحاث العلميّة البحتة:"*ازدياد كمية المعرفة التي من الممكن الاستفادة منها *خلق شركات جديدة لتزويد احتياجات المشاريع العلميّة الضخمة *تزويد المجتمع بكادر من الباحثين ذوي مهارات عالية *خلق آليات وتقنيات علميّة جديدة ذات منفعة في مجالات شتّى إضافة الى المجال الذي طوّرت من أجله *تطوير شبكات إجتماعيّة- علميّة *تعزيز قدرات المجتمع على مواجهة وَحَل المعضلات التقنيّة التي تواجهه *وكذلك من أجل الفوائد غير المتوقّعة من مثل هذه الابحاث *أضافة الى هذه الاسباب الاقتصاديّة بأساسها التي تجعل الدول المتطورة تدعم هذه الابحاث، هنالك عوامل هامة لا تذكر رسميّا وهي: حب الانسان للمعرفة ولفهم الطبيعة والكون من حوله وكذلك انبهار الناس باكتشاف خفايا الطبيعة والكون".
وينهي زاروبي: "قد يصح في النهاية الاجابة على السؤال الكبير لماذا تموّل هذه الأبحاث باستحضار عنوان ديوان عبقري الشعر العربي والانساني، ابو العلاء المعرّي، اللزوميّات- "لزوم ما لا يلزم".
وعقّب المحامي رياض ابو أسعد، رئيس الهيئة الادارية لمؤسّسة "جدل" بعد الندوة على ان هذه المواضيع الفكرية تقف في مركز أجندة المؤسسة وستطرح من زوايا مختلفة وبابعادها السياسية والاجتماعية وستعقد لاحقا ندوة حول المخطوطات القديمة وعوائق بحثها وتحقيقها ونشرها حيث يقبع الالاف منها، فائقة الاهميّة، في اقبية الارشيفات بانتظار خروجها الى النور لجمهور المهتمين الواسع.