الصحافي كاتس: أحتقر القضاة لسهولة إصدارهم "أمر منع النشر"

بروفيسور شنعار: أكثر ما يقلقني هو صمت المواطن تجاه ما يحصل في سلطة البث

الصحافي عواودة: مهنية الصحافي الإسرائيلي مشروطة بعمله ضمن النطاق الصهيوني

القاضية دورنر تلتزم بفتح دورات للصحافيين اليهود في مجال حقوق الإنسان بالتعاون مع إعلام

ضمن أسبوع حقوق الإنسان، عقد مركز "إعلام" بالتعاون مع معهد "والتر ليبخ"، ومركز "أجندة" ومركز "كيشيف" لحماية الديموقراطية في الأسبوع الفائت مؤتمرًا دراسيًا تحت عنوان: البث العام، الديموقراطية والإعلام.

أفتتح المؤتمر د. أمل جمّال مدير مركز "إعلام" ومعهد "والتر ليبخ" مرحبًا بالجمهور، حيث أشار إلى أن هذا اليوم الدراسي يأتي ضمن عمل "إعلام" في مجال الحقوق الإعلامية، وبالتزامن مع أسبوع حقوق الإنسان، وأكد جمّال على أهمية القيام بفعاليات في المؤسسات الإسرائيلية لإختراق الحواجز التي يضعها المجتمع اليهودي أمام الأقلية الفلسطينية في إسرائيل. بدورها قالت ممثلة مركز أجندة السيدة دانا فينكلير أن أجندة تعمل وبشكل يومي على محاولة دمج العرب في المؤسسات الإعلامية الإسرائيلية، مما يوضح أهمية عقد مؤتمر مماثل يتم من خلاله فهم التحديات والعقبات أمام الصحافي العربي في الإندماج والعمل بمؤسسات إعلامية إسرائيلية. وذكر يزهار بيئر مدير عام مركز "كيشيف" بدوره عمل المركز على حماية الديموقراطية في إسرائيل عبر رصد الإعلام الإسرائيلي والتنبيه من العنصرية التي تبثّها وسائل الإعلام الإسرائيلية تجاه الفلسطيني، سواءً داخل أو خارج الخط الأخضر.
ضم المؤتمر حلقتي نقاش؛ تناولت الأولى البث العام في إسرائيل والضغوطات السياسية عليه، حيث أفتتح الجلسة بروفيسور يرون إزراحي- وهو أستاذ في العلوم السياسية في الجامعة العبرية في القدس- وأِشار من خلال حديثه إلى أنه من الصعب تعريف إسرائيل على أنها ديموقراطية، مؤكدًا أن البث العام في إسرائيل سلطوي ويقمع الأقليات، ومنها الأقلية الفلسطينية والتي يتعارض خطابها مع السياق الصهيوني. ميّز إزراحي بين البث العام والبث السلطوي مشيرًا إلى أن الأول يضع المواطن في صلب أجندته، فيما يشكّل الآخر بوقًا دعائيًا للسلطة الحاكمة. وقال إزراحي إن البث السلطوي في إسرائيل يدّعي أنه يسمع صوت الأغلبية، متجاهلاً أن الصوت الذي يُسمع هو صوت الأغلبية المتطرفة والتي تتنكر لأغلبية سياسية، موضحًا أن الأمر مماثل لتسمية الإحتلال في الضفة الغربية بالإدارة المدنية في حين أن المصطلح لا يختلف بالمضمون عن الحكم العسكري.
من ناحيته رأى بروفيسور دوف شنعار- محاضر في قسم الإعلام في نتانيا- أن البث العام "ولد من خطيئة" واستمر في تلك الخطيئة، مدعيًا أن البث العام أقيم لأهداف سياسية وبقي خاضعًا للضغوطات السياسية، بل وأصبحت العلاقة السياسية بين العاملين في البث العامة والسياسيين إحدى معايير العمل. وقال بروفيسور شنعار "إنه ليس من الداعمين للإعلام التجاري والذي يخضع لإعتبارات رأس المال"موضحًا أن هنالك حاجة لدعم البث العام وليس القنوات الجارية. أضاف بروفيسور شنعار أن أكثر ما يقلقه اليوم هو صمت المجتمع حيال ما يحدث في سلطة البث العام، حيث يقوم بدفع رسوم الإشتراك لسلطة البث، في حين لا يحصل على المضامين المرجوّة.

دفع العرب إلى غيتو!!
تحدث الإعلامي زهير بهلول نائب مدير عام راديو الشمس ومحاضر في قسم الإعلام في كلية "عيمق يزراعيل" ومقدم برامج سابق في سلطة البث للجمهور عن تجربته، مشيرًا إلى أن العربي غير موجود أصلاً في البث العام، وقد تطرق إلى فيلم وثائقي عمل على إخراجه في السابق، وحاول أن يبثه في القنال الأولى لكنه مُنِع من ذلك. أشار بهلول إلى أن سلطة البث تحاول دفع العرب إلى "غيتو" خاص بهم أسماه "البث بالعربي"، في حين أنه لا يوجد بث بالعربي في التلفزيون الإسرائيلي.
وتطرق الصحافي ومقدم الأخبار حاييم يافين إلى عمله في سلطة البث، رافضًا الإدعاء أن هنالك إقصاء للعربي في سلطة البث، موضحًا أن الإقصاء موجود في التلفزيون التجاري وليس البث العام.
إفتُتحت الحلقة الثانية بكلمة لميّسرها د. أمل جمّال، والذي أستغرب من حصر النقاش في خانة الصراع العربي-الإسرائيلي، الشيء الذي يمكّن المجتمع الإسرائيلي من التنصل من التعامل مع عنصريته وشوفينيّته وإنغلاقه، ملقيًا كل شيء على الصراع والتهديدات التي يشملها، موضحًا أن المسألة هي أعمق من حصرها في البعد القومي، وهي تتعلق بالثقافة السياسية غير الديموقراطية للمجتمع الإسرائيلي. أشار جمّال إلى أنه من المفضل أن لا نقبل حصر النقاش في مسألة تمثيل العرب في وسائل الإعلام الإسرائيلية فقط، وإنما علينا التركيز على طبيعة القوى السياسية التي تلعب دورًا وتحتل أجندة الإعلام الإسرائيلي، والتي لا تتماشى مع الفكر الديموقراطي وإنما تبث أقوال عنصرية وتحريضية وبالتالي تمنع دخول العرب للأجندة الإعلامية كما يشاؤون هم.
وأكدت بدورها القاضية المتقاعدة داليا دورنير ورئيسة مجلس الصحافة حاليًا على أن الوضع الحالي يقلقها، خاصة وأنه وخلال حرب الخليج عملت الصحافة الإسرائيلية بمعزل عن المهنية الإعلامية مما إستدعى تشكيل لجنة لفحص مهنية الإعلام، مشيرة على أنه هنالك حاجة لسن قانون أساس "حرية التعبير" وقوانين أخرى تضمن حرية الصحافة وحرية العمل الصحافي لضمان مهنية الإعلام والصحافة، مثل قانون "حماية المصدر"، خاصة وأن الإعلام الإسرائيلي ومع غياب قانون مماثل يتغذى على ثقافة التسريبات وليس التحقيقات الصحافية، وأكدت القاضية دورنر على أهمية وجود إعلام نقدي والذي يتعامل مع الواقع بصورة نقدية.

الخارطة الاعلامية والإعلام الالكتروني
تطرق المحاضر في جامعة "بين" د. عميت شيخطر إلى التغييرات على الخارطة الإعلامية وخاصة كل ما يتعلق بالإعلام الإلكتروني، وقد ركّز من خلال حديثه على قانون "المعقّبون على المواقع" مشيرًا إلى أن القانون يهدف بالأساس إلى المس بحرية التعبير عن الرأي، وأنضم إلى القاضية دورنر في المطالبة بقوننة قوانين خاصة تضمن حرية التعبير والإعلام.
أكد أيضًا الصحافي وديع عواودة -محرر صحيفة "حديث الناس" ومراسل موقع الجزيرة- من خلال مداخلته على أن "كلاب الديموقراطية الإسرائيلية" تلعب دورًا هامًا بالحفاظ على الديموقراطية حينما يرتبط الأمر باليهود فقط، لكنها تتحول إلى أرانب وأبواق المؤسسة عند الحديث عن حقوق المجتمع الفلسطيني. أوضح عواودة من خلال كلمته تبنّي الإعلام الإسرائيلي رواية الجيش طوعًا، وأكثرَ من هذا الدفاع المستميت عن تلك الرواية متجاهلاً الرواية الفلسطينية أحيانًا ومحوّلها إلى "شيطان" في أحيان أخرى.
أبدى محرر الأخبار في موقع "والا" الإسرائيلي روعي كاتس هو الآخر قلقه من التقييدات في "الديموقراطية الإسرائيلية" على العمل الصحافي، معلنًا أنه "يحتقر" ما يقوم به القضاة من أوامر منع نشر تحجب الحقيقة عن القارىء موضحًا أن معظمها يصدر من قبل قاضٍ واحد ومحامي المتهم وفي ساعات متأخرة من الليل مما يثير الشكوك حول طرق إستصدار أوامر منع النشر.وذكر مسألة التحقيقات مع الصحافيين اليهود مشيرًا إلى أنها لا تهدف لفتح ملفات جنائية، لكنها تهدف إلى تفعيل الرقابة الذاتية للصحافي وهو أمر نجحت به الشرطة تقريبًا.