الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 28 / أبريل 16:01

إبراهيم صرصور:أوباما يُصْدِرُ شهادة دفنٍ لِدَوْرِهِ في الشرق الأوسط

كل العرب
نُشر: 10/12/10 10:34,  حُتلن: 14:13

ابراهيم صرصور في مقاله:

لقد جاءت المبادرة العربية لتنقذ شيئا من ماء الوجه العربي ، إلا أن ( أوباما ) بقراره الأخير ، مزق الكفن/ المبادرة العربية ، وكشف عن حقيقته التي لم تخف على عقلاء وشرفاء الأمة

أصبح واضحا انه ومن خلال طبيعة العلاقة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو والرئيس الأمريكي أوباما ، انه لا أمل في التوصل إلى بداية جادة لمفاوضات قد تفضي إلى حل

هنالك أكثر من دليل يشير إلى أن الرئيس الأمريكي الحالي يعاني من أزمة ( مصداقية ) حقيقة ، خصوصا وأنه اندفع – بحق طبعا – في بداية عهده كأول رئيس أسود في اتجاه تحويل اتجاه بوصلة السياسة الأمريكية الخارجية

في الوقت الذي كشف فيه موقع ( ويكيليكس ) جانبا محدودا من الواقعِ المظلم لغير واحد من الأنظمة العربية في تآمرها ضد قضاياها الوطنية والقومية الكبرى ، وخدماتها الجليلة للإدارات الأمريكية المتعاقبة المنحازة لإسرائيل الطاغية ، وكأنها نسخة جديدة لحالة ( ملوك الطوائف ) الغابرة التي مهدت لسقوط الأندلس ، وتوشك اليوم أن تسقط القدس قلب القضايا العربية والإسلامية وإلى الأبد ، وفي الوقت الذي أعطت فيه الجامعة لعربية من خلال ( لجنة متابعة تنفيذ ما يسمى بمبادرة السلام العربية ) ، الفرص تلو الفرص للرئيس الأمريكي ( أوباما ) من اجل الضغط على نتنياهو وحكومته بهدف تمديد قرار تجميد الاستيطان في فلسطين المحتلة بما في ذلك القدس تمهيدا لاستئناف مفاوضات السلام العبثية ، تخرج علينا الخارجية الأمريكية مؤخرا لتصدر رسميا باسم ( أوباما ) ( رخصة الدفن ) لدوره كوسيط نزيه في عملية سلام الشرق الأوسط ، من خلال الإعلان عن توقف ضغطه على نتنياهو بخصوص تجميد الاستيطان ، ودعوته إلى البحث عن بدائل أخرى لاستئناف المفاوضات في ظل اغتيال إسرائيل العلني والحثيث لما تبقى من الوطن الفلسطيني قاعدة الدولة الفلسطينية المتوقعة ... قلت ( رخصة دفن ) ، لا ( شهادة وفاة ) ، لأنني ما آمنت يوميا وبالذات منذ دخل ( اوباما ) البيت الأبيض ، أن شيئا ما تحت الشمس سيتغير في اتجاه ممارسة ضغط حقيقي على إسرائيل لتحقيق تقدم حقيقي في اتجاه ( سلام شامل وعادل ودائم !!! ) في منطقة الشرق الأوسط .. فعملية السلام ماتت منذ زمن طويل ، وما مبادرة السلام العربية إلا الكفن الذي لُفَّتْ به حتى لا ترى الشعوب العربية مدى التشوه الذي أصابها بسبب الاحتلال الإسرائيلي والتواطئ الغربي ، والذل العربي ...

النظام العربي الرسمي
لقد جاءت المبادرة العربية لتنقذ شيئا من ماء الوجه العربي ، إلا أن ( أوباما ) بقراره الأخير ، مزق الكفن / المبادرة العربية ، وكشف عن حقيقته التي لم تخف على عقلاء وشرفاء الأمة ، ( وَبَصَقَ ) مباشرة في وجه النظام العربي الرسمي ، الذي أوغل في خدمته لأمريكا من خلال اقتراحاته لضرب إيران عسكريا ، أو المطالبة بتشكيل قوة عربية ضاربة بدعم أمريكي للقضاء على حزب الله في لبنان ، أو بالتنسيق مع إسرائيل للقضاء على حماس في قطاع غزة أثناء حرب ( الرصاص المذاب ) عام 2008/2009 ، وذلك حسب ( ويكيليكس ) وفي ذمة ، ولا أظنه كاذبا ...

كان هذا الرد متوقعا بل وحتميا في ظل انهيار النظام العربي الرسمي ، وخنوع الشعوب العربية بدعوى حكمها بالحديد والنار ... يبقى السؤال : ماذا بقي للعرب بعد الآن ، وكيف سيكون تصرفهم ؟؟؟ !!! ...

أصبح واضحا انه ومن خلال طبيعة العلاقة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو والرئيس الأمريكي أوباما ، انه لا أمل في التوصل إلى بداية جادة لمفاوضات قد تفضي إلى حل ، ناهيك عن التوصل لاتفاق سلام حقيقي يضع الأمور في نصابها ويعيد الحقوق إلى أهلها ، ونعني بها طبعا حقوق الشعب الفلسطيني والأمة العربية ...

العلاقة بين الرجلين
توهم بعضنا من خلال ما اعترى العلاقة بين الرجلين من بعض الأزمات في بداية حكم ( أوباما ) ، أن عهدا جديدا قد بدا في العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية ... عهد مختلف ستوضع الأمور ولأول مرة في نصابها ، وسيعلم نتنياهو أن أيام ( الدلال !!! ) قد انتهت ... لقد توهمنا ذلك لقلة عقولنا وسذاجتنا ، وسرعان ما ( ذاب الثلج وبان المرج ) كما نقول في أمثلتنا العامية ... لا ننكر مطلقا أن أزمة ما ، طفت على السطح في العلاقة بين الإدارة الأمريكية الحالية وبين حكومة نتنياهو ، لكننا لم نستطيع أن نجزم مطلقا بسبب العلاقة الإستراتيجية الموروثة بين الدولتين ، بمدى ما يمكن أن يشكله ذلك من ضغوط أمريكية جادة تغير المشهد الشرق أوسطي لمصلحة ما تسميه الأدبيات السياسية ( بالمصالحة التاريخية !!! ) ... كانت شكوكنا حول هذه المسألة كبيرة جدا ، بحيث لا تستطيع أن تمحو من ذاكرة كل عربي أو فلسطيني انحياز أمريكا غير المحدود والمنهجي لإسرائيل ، ودعمها لها بالمال والسلاح ، وحمايتها بالفيتو من أن تصل إليها يد العدالة الدولية ، بغض النظر عما ترتكبه من جرائم ضد الإنسانية ، وما تنفذه من انتهاكات يومية للقانون والشرعية الدولية ...

 أزمة المصداقية
هنالك أكثر من دليل يشير إلى أن الرئيس الأمريكي الحالي يعاني من أزمة ( مصداقية ) حقيقة ، خصوصا وأنه اندفع – بحق طبعا – في بداية عهده كأول رئيس أسود للولايات المتحدة ، في اتجاه تحويل اتجاه بوصلة السياسة الأمريكية الخارجية نحو تحقيق هدفين أساسيين ، الأول ، مد الجسور التي حطمها سلفه بوش الابن ، بين أمريكا والعالم العربي والإسلامي ، والثاني ، وضع قضية الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني على سكة الحل الجذري بناء على الشرعية الدولية ، على قاعدة أن الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة عموما وفي القدس الشرقية خصوصا ، هو العقبة الأكبر والأكثر تعقيدا أمام تحقيق تسوية حقيقة شاملة وعادلة ودائمة ...

فخ القراءة المتفائلة
لعل أوباما ومستشاروه قد وقعوا في فخ القراءة المتفائلة أكثر من اللزوم للطبيعة الإسرائيلية التي وصلت إلى وضع أصبحت معه فوق القانون الدولي ، وخارج قواعد اللعبة المتفق عليها في الأعراف الدبلوماسية بين الدول والأمم المتحضرة ، وذلك للأسباب التي ذكرت سابقا ، ولسبب آخر إضافي ، وهو جهل العالم أو تجاهله المتعمد – وهو ما نميل إليه - للفارق الهائل بين حالة التعاطف التي حظي بها اليهود يوم كانوا مضطهدين في العهد النازي وهو ما نشاركهم فيه كعرب وكمسلمين كان لنا دورنا في حماية اليهود على مدار التاريخ الطويل ، وبين حقيقة أن اليهود اليوم وبعد إقامة إسرائيل انتقلوا من دور الضحية إلى دور المجرم الذي يمارس الجريمة الرسمية المنظمة كجزء لا يتجزأ من بنيته التحتية الفكرية ، وذلك فيما تنفذه من ممارسات ضد الشعب الفلسطيني إنسانا وأرضا ومقدسات .

الجرائم اليومية ضد الفلسطينيين
ما زال الغرب والولايات المتحدة يتعاملون مع إسرائيل القوة العسكرية الأعتى في الشرق الأوسط ، والرابعة على مستوى العالم ، والمحتلة لأراضي الغير بالقوة المسلحة ، والمنفذة للجرائم اليومية ضد الفلسطينيين ، والساعية إلى تهويد كل شيء بما في ذلك القدس والمسجد الأقصى المبارك ، وفرض سياسة الأمر الواقع عبر نشر طاعون الاستيطان على أوسع نطاق ، ما زالوا يتعاملون معها رغم التغيير الجذري وانقلاب الصورة المتعلقة بأوضاع اليهود ، كما لو أن الزمن ظل متجمدا عند أعتاب النازية في أربعينات القرن الماضي ، وكما لو أننا لا نعيش في العام 2010 من القرن الواحد والعشرين ...

روح  الدروشة
لم يأخذ أوباما ومستشاروه هذه الحقائق بعين الاعتبار ، وما عرفوا أن إسرائيل قد شبت عن الطوق ، وخرجت عن الصف ، فما عادت تحتكم لشرعية دولية إلا بقدر ما تخدم أجندتها المتطرفة ونزعتها المهيمنة الطاغية ، حتى أصبحت ( كالبلطجي ) الأرعن في الحي ... صُدِمَ أوباما ( بقلة حياء إسرائيل !!! ) كما نقول في لغتنا الدارجة ، لأنه تعامل مع إسرائيل بروح ( الدروشة !!!) ( وطيبة القلب !!! ) ، التي يُعْرَفُ بها العرب المسلمون ، وأوباما له هذه الجذور وفيه هذا ( الشِِّرِش !!! ) كما يبدو ... ربما لم يتصور أوباما أن إسرائيل ستتحداه إلى درجة تهديد مصداقيته ، وستهينه – مهما ادعت غير ذلك – برفضها لكل توجهاته ( وتوسلاته !!! ) ولكل إغراءاته المادية والسياسية التي وصلت حد فتح الخزينة الأمريكية لإسرائيل ، وتزويدها بالطائرات الحديثة ، ومنع أي قرار في مجلس الأمن يعترف بفلسطين دولة مستقلة في حدود 1967 ، والتعهد بعدم تمديد الاستيطان لأكثر من الأشهر الثلاثة المطلوبة ، إلى آخره من الإغراءات ... فاوضت إسرائيل ( أوباما ) وحاولت ابتزازه إلى أبعد الحدود ، لكنها في الوقت ذاته بدأت كعادتها بخطى حثيثة في إحكام قبضتها الاستيطانية في القدس الشرقية ، وأنحاء الضفة الغربية المحتلتين ، في ذات الوقت الذي كانت تتم فيه المفاوضات بين نتنياهو والقيادة الأمريكية سواء على الأرض الأمريكية أو في إسرائيل .

التصرفُ الإسرائيلي
صَدَمَ التصرفُ الإسرائيلي الإدارة الأمريكية الجديدة ، فقد توقعت من إسرائيل أن ( تُمْسِكَ خاطر!!! ) الرئيس أوباما أمام الرأي العام على الأقل ، وأن ترضى بالاشتراطات التي حددها اوباما ولو صوريا ، على أن تنفذ عكسها ميدانيا كما كان يحصل مع الإدارات السابقة في بعض المنعطفات المشابهة ، وأن ( تُبَيِّضَ وجهه !!! ) أمام العرب والمسلمين الذين علَّقوا عليه آمالا كبيرة وعريضة في أن يأتي لهم ( بكبد الحوت !!! ) ... لم يحصل ذلك كله ... لذلك خرس اوباما ، وما عاد يقوى على مواجهة الرأي العام كما كان يفعل في الماضي ، وصمت صمت أهل القبور ، فما عاد يقوى على الإدلاء بأي تصريح له علاقة بالشرق الأوسط ... لم ينجح ( ميتشيل ) أيضا ، الذي أنفذه أوباما في مهمة شبه مستحيلة لإنقاذ ما تبقى من مصداقيته ، في أقناع إسرائيل بالتجاوب ولو جزئيا مع المطالب الأمريكية ، وكذلك فشل ( بايدين ) وكذلك فشلت ( هيلري كلينتون ) وزيرة الخارجية ...

لقد أفسد الدلال الأمريكي والأوروبي إسرائيل ، فما عادت تفرق بين عدو وصديق ... الصديق عندها من أيَّدَها بلا تحفظ أو تردد وإن كانت على باطل محض ، حتى وإن كان عدو الأمس ، والعدو من اعترض عليها وخرج عن طوعها وإرادتها ، وإن كان على الصدق المحض ، حتى لو كان حليفها الأكبر الذي بدونه تصبح كريشة في مهب الريح ، ومن غير دعمه تصبح في لمح البصر نسيا منسيا ، وأثرا بعد عين ...

 الصحافة الأمريكية والإسرائيلية
هذه هي إسرائيل بكل حكوماتها التي لم يقدرها أوباما وإدراته حق قدرها ، حتى إصابته تصرفاتها واستخفافها واستهتارها بالذهول المُقْعِدِ وفقدان التوازن ... كنا نتوقع ولو من باب ( تفاءلوا بالخير تجدوه ) ، أن يكون فيما نقلته الصحافة الأمريكية والإسرائيلية من تشدد أمريكي في اللقاءات مع نتنياهو في أكثر من لقاء في البيت الأبيض ، إشارة إلى بداية عودة الوعي إلى فضاء الإدارة في البيت الأبيض ، خصوصا وأن العلاقة فيما بينهما وصلت حدا بناء على ما نقلته المصادر العبرية في حينه عن مصادر أمريكية أن اوباما أوضح لنتانياهو : " لن تعطيكم أمريكا من الآن فصاعدا حق الفيتو في مجلس الأمن كما اعتدتم من قبل ، إذا لم توافقوا على الشروط والمطالب الأمريكية وستترككم تواجهون لوحدكم الغضب العالمي في المحافل الدولية". ؟؟!!! ... وأن الرئيس الأمريكي بدا ينظر إلى نتنياهو على أنه ليس أكثر من ( دكتاتور ينتمي إلى طغمة أمثاله في العالم الثالث !!! ) ؟؟!!... لكن إعلان الخارجية الأمريكية مؤخرا تخليها الرسمي عن الضغط على إسرائيل بخصوص الاستيطان وبالضرورة غيره من الملفات الأكثر خطورة وتعقيدا ، جاء ليقلب الطاولة في وجه ( سذاجتنا !!! ) كعرب ، وليعيدنا من جديد ، أو هكذا يجب أن يكون ، إلى الواقع المر الذي ما زالت دولنا العربية والإسلامية تتجاهله متعمدة ، وهو أن أمريكا وإسرائيل دولة واحدة وروح واحدة ، وانه من دون أن يُجْرِيَ العرب تغييرا جذريا في سياستهم وتعاملهم مع أمريكا ، فلا يَتَوَقعُنَّ إلا مزيدا من ( البصاق !!! ) ذي النكهة الأمريكية في وجوههم ، ومزيدا من ( الانبطاح !!! ) الأمريكي في الأحضان الإسرائيلية الدافئة ... المعادلة بسيطة : كلما زاد العرب في انبطاحهم أمام أمريكا ، زادت أمريكا في انبطاحها أمام إسرائيل ، وكلما تشدد العرب في تعاملهم مع أمريكا ، تحررت الأخرى من قبضة إسرائيل ...

لجنة المتابعة العربية
بناء ما ذُكِر ، هل سَتُجْري ( لجنة المتابعة العربية ) المنبثقة عن الجامعة العربية في اجتماعها القريب على ضوء القرار الأمريكي الجديد والذي يعتبر بامتياز ( استسلاما !!! ) أمريكيا كاملا لإسرائيل ، تقييما جريئا للأوضاع بما يتناسب وهذا التطور الخطير ، من اجل لعب دور أكثر فاعلية لخدمة القضية الأم وهي القضية الفلسطينية والقدس الشريف ؟؟؟!!!... وهل ستعلن هذه اللجنة بدورها ( وفاة !!! ) المبادرة العربية للسلام ، أو على الأقل تعديلا في ديباجتها بحيث تصبح واحدة من الخيارات الإستراتيجية ، وليس ( الخيار الاستراتيجي الوحيد ) كما تُعَرَّفُ حاليا ، وهل ستضع الدول العربية جدولا زمنيا محددا لقبول المبادرة أو رفضها من قبل إسرائيل ، تصبح المبادرة بعدها لاغيه ، والمنطقة مفتوحة على كل الخيارات الأخرى ؟؟!!.. 

مقالات متعلقة