الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 06 / مايو 05:01

محمد صادق الحسيني- الحريري في حضن ولاية الفقيه!

كل العرب
نُشر: 30/11/10 08:51,  حُتلن: 08:56

محمد صادق الحسيني في مقاله:

لا احد في لبنان ولا في ايران يريد لسعد الحريري ان يكون جزءا من محور اقليمي على حساب محور اقليمي

سعد الدين الحريري هو الآخر لم يعد هو رجل الاعمال الشاب والابن الاصغر الذي ياتي بعد بهاء الدين في الخبرة والتجربة

الرجل لا يزال يصغي الى فريق من المستشارين الذين يريدون ادارة حكومة الوفاق الوطني بالكيدية والمناكفة اكثر مما يصغي الى عقلاء قومه

 

رفيق جاء الى ايران يومها مساهما اساسيا في معادلة رعب 1996 المائلة لصالح المقاومة، في حين ان الابن الذي يزور العاصمة الايرانية يأتي اليها وهو مثقل بمعادلة طيش فيلتمان الفتنوية الجهنمية الشيطانية

لم يكن الابن الوحيد للرجل لكنه كان المرشح الوحيد المقترح يومها من قبل والده ليمثله في مهمة احتضان طهران اقليميا ونسج علاقات استراتيجية معها لمكانتها التاريخية التي لا يمكن اهمالها، خدمة للبنان والمنطقة، في الوقت الذي كان يعمل آخرون من نفس الاقليم لمنع حتى قطع غيار الطائرات المدنية من الوصول اليها خدمة للولايات المتحدة الامريكية على خلفية ان ايران هي البلد الاكثر تمردا على الاحادية الامريكية والعصية على التطويع والاحتواء!

نص تاريخي
هذا الكلام ليس تحليلا او تخمينا بل هو نص تاريخي من جزأين الاول لمستشار الراحل رفيق الحريري والشاهد على عصره المنفتح على ايران وعلى حزب الله اللبناني الصديق والزميل مصطفى ناصر، وهو ينقل موقف رجل لبنان المقتول غدرا والذي كان بمثابة وصيته لابنه سعد الدين قبل ثلاثة عشر عاما، تاركا اياه في عاصمة بلاد فارس ليقوم بمهمة احتواء التناقض الذي ابتليت به المنطقة بين مصالح الاقليم المشتركة وايديولوجيا الهيمنة الامريكية!

الابن المؤتمن
اما الجزء الثاني من الكلام فهو نقل عما افرج عنه الديبلوماسي الامريكي المخضرم مارتن اندك من مذكراته في كتاب اخير له يشير فيه الى امير سعودي مشهور ومعروف في صداقته التاريخية لعائلة بوش. يقول المسؤول الامريكي السابق بانه كان من المتحمسين يومها لحصار ايران الصاعدة في المنطقة على حساب ايديولوجيا الغرب ظنا منه بان توسيع نطاق الحصار وتضييقه على الدولة الفتية يمكنهما ان يخضعا معادلة المقاومة والممانعة الفتية في المنطقة في حينه لصالح معادلة ايديولوجيا الهيمنة ومنطق الاحتكار والقوة الأحادية! لكن ايران اليوم وهي تستقبل الابن المؤتمن من قبل ابيه على مصالح لبنان والاقليم كما يفترض، والحامل لإرث هذه الوصية كما يريد له محبوه هي بالتاكيد غير ايران التي تعرف عليها الحريري الأب!

الاستكبار العالمي
صحيح ان الحصار لا يزال مضروبا عليها من قبل قوى الاستكبار العالمي، الا ان ايران اليوم باتت اقرب ما تكون الى دولة عظمى صارعت الامريكيين في اكثر من نزال وانتصرت عليهم ولا تزال تصارعهم في اكثر من حلبة لاحتواء الفتنة والطيش الاستعماريين اللذين تريد واشنطن اشاعتهما في اكثر من قطر عربي واسلامي في الاقليم! بالمقابل فان سعد الدين الحريري هو الآخر لم يعد هو رجل الاعمال الشاب والابن الاصغر الذي ياتي بعد بهاء الدين في الخبرة والتجربة، والذي يمكنه الاسترسال في معادلة تجريب الصيغ المختلفة في فعل الخطأ والصواب على طريقة الهواة بعيدا عن ثقل مسؤولية رئيس حكومة كل لبنان من ألفها الى يائها، اي من سوليديرها التجاري البراق الى مقاومتها المسلحة الباسلة الى كسروانها الى عكارها الى طرابلسها الى صيداها الى صورها الى بنت جبيلها ومارون رأسها الذي رفع كل رأس!

رعب نيسان
لا احد في لبنان ولا في ايران يريد لسعد الحريري ان يكون جزءا من محور اقليمي على حساب محور اقليمي آخر حتى يقول وهو على عتبة زيارة طهران بانه ابلغ الرئيس احمدي نجاد ذلك عندما زاره في لبنان مؤخرا، لكن على سعد الحريري وبعد ان يتذكر وصية والده الآنفة الذكر، ان يعرف ايضا بان مساحة المناورة التي كانت متاحة لوالده في زمن معادلة توازن رعب نيسان (إبريل) 1996 لم تعد هي نفسها في العام 2010، كما ان زمن تسعينات القرن الماضي الامريكي الهوى لم يعد هو نفسه الزمن بعد ان شهدت المنطقة لا سيما لبنان تحولات كبرى جعلت من المركب الامريكي مركبا يشارف على الغرق لا يمكن الرهان عليه من جانب اي عاقل!

معادلة شيطانية
هذا ناهيك عن ان ثمة فرقا اساسيا وكبيرا يفصل بينه وبين ابيه في هذا السياق ألا وهو ان والده كان قد جاء الى ايران يومها مساهما اساسيا في معادلة رعب 1996 المائلة لصالح المقاومة، وهو امر ادركته حتى الحاجة ام كامل كما لخصته في تصريحاتها الشهيرة لـالمنار في حرب تموز (يوليو) 2006 وهي تفدي كل ما تملك من ممتلكات تعرضت لعدوان الصهاينة لسيد المقاومة، في حين ان الابن الذي يزور العاصمة الايرانية اليوم ياتي اليها وهو مثقل بمعادلة طيش فيلتمان الفتنوية الجهنمية الشيطانية والتي ان لم يكن هو شخصيا له نصيب منها فلزملائه في التحالف نصيب بالتاكيد، وتاليا فهي ان لم تكن تضغط عليه مباشرة حتى لا نقع في مناكفة معه تشبه مناكفته مع زميله في حكومة الوفاق شربل نحاس فإنها تضغط بالتاكيد وبقوة على حلفائه في الامانة العامة لـ14 آذار وما تبقى من رموز ثورة الأرز الملونة! ومع ذلك كله فإن تدبير ومشيئة الرئيس احمدي نجاد والقيادة الايرانية ارادت ان تعامل سعد الدين كما عاملت اباه رفيق وان تستقبله استقبالا يليق بالراحل رفيق الحريري، اي في نفس المكان الذي استضافت فيه اباه - قصر سعد آباد - متفائلة بوصية الأب لابنه!

غياب الجسر الواصل بين الأب وابنه
ومع ذلك كله ثمة من يرى حلقة مفقودة في هذه الزيارة التي سماها سفير الجمهورية الاسلامية الايرانية في لبنان بالتاريخية، الا وهي غياب الجسر الواصل بين الأب وابنه والحافظ لسر ابيه وسر المقاومة اي المستشار مصطفى ناصر عنها، على امل ان لا يكون ذلك نوعا من تمكن وعاظ السلاطين او بعض المنتفعين الصغار من حديثي العهد بالسياسة والديبلوماسية من بقايا اليسار التائه من مطبخ صناعة قرار رئيس وزراء كل لبنان على حساب عصاميي عهد والده مثل النائب والوزير بهيج طبارة وغيره، متمنين في الوقت نفسه لسعد رفيق الحريري ان يكون حذرا ومتيقظا لما قد يكون قد اعد له البعض من مكائد عسى ان يواجههم بالحكمة والاتزان ليصدق المثل عليه الولد على سر ابيه! يبقى اخيرا وليس آخرا فان ثمة من لاحظ في ايران غياب وزير خارجية لبنان عن هذه الزيارة التاريخية وهو الذي يمثل زعامة تاريخية مهمة كزعامة الاستاذ نبيه بري، بالاضافة الى غياب ممثلي الزعيمين الدرزي وليد جنبلاط والمسيحي ميشال عون عنها وهم الزعماء الثلاثة الاكثر تاثيرا في صناعة قرار حكومي عاقل ومتوازن كما هو معروف للجميع، ما يجعل الانطباع السائد لدى المتتبعين بان الرجل لا يزال يصغي الى فريق من المستشارين الذين يريدون ادارة حكومة الوفاق الوطني بالكيدية والمناكفة اكثر مما يصغي الى عقلاء قومه الذين يريدون له النجاح في مهامه التاريخية بما يجعله على سر ابيه حقا! لكن المفارقة الاكبر ربما هي ان من كان يجاهر حتى يومين قبل الزيارة التاريخية بكل ما يتصل بسلاح المقاومة ومنعتها متهما اياها بالعمل لمشروع غير لبناني هو مشروع ولاية الفقيه، تراه يرتمي في احضان هذه الولاية دون ان يرف له جفن او ان يقر ويعترف بخطأ حساباته مع شريكه في المواطنة والحكم!

مقالات متعلقة