الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 07 / مايو 23:02

تميم منصور- هل حقاً الطيرة هي المدينة الأجمل؟

كل العرب
نُشر: 28/11/10 15:46,  حُتلن: 08:40

تميم منصور:

نعترف بوجود بيوتاً جميلة مثلها مثل بقية المدن والقرى العربية، هذه البيوت أقيمت بكد وعرق أصحابها

حصول الطيرة وغيرها على مثل هذه الجوائز الفارغة من كل المضامين الحضارية لا يغيّر ولا يبدل من حالها البائس

هناك مقاييس ثابتة ومعروفة لجمال المدن، من يريد معرفتها يجدها في مدينة رعنانا وكفار سابا وكوخاف يئير وهرتسليا وغيرها

يقولون بأن النقد يفتح مغاليق الأمور ويعبد طرق الإصلاح ويقوّم الأخطاء والشعب الذي لا يتحمل النقد يصعب عليه اللحاق بمواكب الحضارة، من داخل هذه الفرضيات جاء هذا المقال.

المدينة الأجمل
عندما قرأت بأن بلدتي الطيرة حصلت على جائزة "المدينة الأجمل" بين المدن والقرى العربية في البلاد انتابني السرور والحزن في آنٍ واحد، سررت ليس لأنني اقتنعت بأن الطيرة جديرة بهذه الجائزة أو لأنها تتمتع بمقاييس الجمال التي لها علاقة بالمدن، سررت لأن الجائزة التي حصلت عليها جعلتها تتصدر وسائل الاعلام المتوفرة لدى المواطنين العرب فترة وجيزة، ما افرحني أيضاً أن الحصول على هذه الجائزة ربما ينعكس على الكثير من المواطنين في الطيرة، فيعمق انتماءهم أكثر إلى بلدتهم ،ويضاعف من حرصهم على المحافظة على النظام المتبع داخل المدن الحديثة المبني على ان سعادة الفرد مبنية على سعادة الجميع، ومع ذلك يبقى الاهتمام بالنظام والنظافة وتذوق الجمال بحاجة الى تعبئة وثقافة دائمة داخل الأسرة وداخل المدرسة والمقهى والمطعم والشارع والسيارة والعرس، وكافة المؤسسات في المدينة.

قصة الجندي القروي
أما الجانب الذي أحزنني بعد نيل هذه الجائزة فقد ذكرني بقصة الجندي القروي الذي سيق الى الحرب رغماً عن أنفه زمن العثمانيين، وقد استغل مرور القطار الذي أقله مع الكثير من أمثاله بالقرب من قريته، فاستغل انشغال الحراس وقفز من القطار كي يعود الى أهله ويتخلص من "سفر برلك"، بعد أن اختفى القطار عن أنظار الجندي سار باتجاه قريته فصادفه أحد الفلاحين الذي كان يعمل في حراثة أرضه، لقد عرف الجندي والفلاح كليهما الآخر وجلسا يتحدثان عن أحوال الدنيا، سأل الجندي الفلاح من هو مختار قريتنا اليوم؟ فأجابه الفلاح باستغراب! ألم تعرف أن المختار هو والدك، دهش الجندي مما سمعه من الفلاح وأخذ يبكي في الحال، فثارت ثائرة الفلاح وخاطب الجندي: ماذا دهاك أيها الولد؟ لماذا بكاؤك هذا؟ يجب أن تفرح لأن والدك أصبح مختاراً، فرد عليه الجندي والدموع تنهمر من عينيه، ما جعلني أبكي هو: اذا كان أبي الساذج الأمي البسيط قد أصبح مختاراً هذا يعني أنه لم يبقَ في قريتنا رجلاً مناسباً لتولي هذه المهمة، هل ماتوا جميعاً؟

حال الطيرة وهمومها
هذا هو بيت القصيد: فاذا كانت الطيرة بحالها وهمومها وحالات النقص التي تعاني منها هي أكثر المدن والقرى العربية جمالاً فيا حسرتاه على هذه المدن والقرى اذاً ما هو حالها؟ الغريب أننا عندما نزورها لا نلاحظ وجود فوارق ملفته للنظر بينها وبين الطيرة( كلنا في العنصرية هم )، لا نعرف ما هي الأماكن التي زارتها اللجنة واعتمدت عليها وما هي المقاييس التي وضعتها في ميزان الجمال.
نعم نعترف بوجود بيوتاً جميلة مثلها مثل بقية المدن والقرى العربية، هذه البيوت أقيمت بكد وعرق أصحابها، إلا أن هذه البيوت مبعثرة هنا وهناك وهذا شيئاً طبيعياً لكن الإشكال في جماليتها أن غالبية هذه البيوت محرومة منذ سنوات وحتى اليوم من صمامات هذا الجمال المقتصرة على البنية التحتية وفي مقدمتها الطرق المعبدة والتوزيع الجغرافي للمؤسسات الخدماتية والعيادات الصحية وغيرها.

70% من شوارع الطيرة وأزقتها غير معبدة
هل تعرف اللجنة صاحبة الشأن أن حوالي 70% من شوارع مدينة الطيرة وأزقتها غير معبدة، وأن شبكة الطرق المعبدة محرومة من الصيانة وأن غالبيتها بدون ارصفة، وأن وجدت هذه الأرصفة فهي بدون صيانة وتستغل مواقف للسيارات، ما رأي اللجنة بعشرات البيوت التي تكون محاصرة في أيام الشتاء لأنها غير مرتبطة بالطرق المعبدة الحديثة وبعيدة عن شبكات المجاري؟ هل شاهدت اللجنة أكوام النفايات المتواجدة على قارعة الطرقات المحيطة بالمدينة؟ هل شاهدت اللجنة عشرات سيارات القمامة والعربات المجرورةالمتوقفة في الشوارع وفي مداخل البيوت، هذه السيارات وحدها كافية بتشويه كل جماليات البيوت كما أنها تسبب الاختناق في المواصلات داخل المدينة،كما تسبب حوادث الطرق لأنها تحجب الرؤية عن السائقين، اضافة الى تلويث البيئة من وقودها.

حالة التسيب والفوضى
هل شاهدت اللجنة حالة التسيب والفوضى في حركة السير خاصةً في ساعات المساء مما حول السياقة في الطيرة لعملية شاقة، هل شاهدت اللجنة اكتظاظ السيارات بصورة رهيبة في مداخل المدارس في ساعات الصباح وفي اوقات انصراف الطلاب من المدرسة، في كل يوم تحدث طوشات واشكاليات كثيرة بين السائقين، أين قسم المواصلات في المدينة؟ يجب إيجاد الحلول اللازمة بسرعة قبل أن تحدث أكثر من كارثة واحدة.

تنظيم حالة السير
أن تنظيم السير في المدينة أهم من الجائزة وهو الجائزة بعينها، يجب وضع اشارات مرورية في الحال للأمان وتسهيل عملية السير كما يجب تخصيص مواقف خاصة لمبيت الشاحنات الكبيرة كما هو متبع في المدن اليهودية، ما رأي اللجنة في حالة الاختناقات والمواصلات في أيام السبت ، حياة الطيرة بكاملها ومصير المرضى والنساء والحوامل فيها جميعهم يتنفسون من رئة مدخل المدينة الجنوبي، لكن هذا المدخل يكون شبه مغلق طول ساعات نهار كل يوم سبت بسبب السوق، نحن مع وجود أكثر من سوق واحد في الطيرة ولكن يجب أن لا يكون هذا السوق على حساب راحة وأمان المواطنين خاصةً الذين يضطرون للخروج من المدينة في سيارات الاسعاف وغيرها. هناك مقاييس ثابتة ومعروفة لجمال المدن، من يريد معرفتها يجدها في مدينة رعنانا وكفار سابا وكوخاف يئير وهرتسليا وغيرها.

المقارنة!
ان ربع هذه المقاييس غير متوفرة في مدينة الطيرة أو أية بلدة عربية أخرى، كل من يريد معرفة مستوى الجمالية في الطيرة عليه مقارنتها مع المدن اليهودية القريبة والبعيدة وليس مع البلدات العربية لأنها بائسة وتعاني من العنصرية التي تعاني منها مدينة الطيرة. المقارنة مع المدن اليهودية تظهر الفوارق التي توفر للمواطن الهدوء النفسي والجسدي ووسائل الترفيه والملاعب الرياضية والحدائق العامة والنظام في المواصلات وغيرها، كم حديقة ألعاب للأطفال في الطيرة؟.
ان حصول الطيرة وغيرها على مثل هذه الجوائز الفارغة من كل المضامين الحضارية لا يغيّر ولا يبدل من حالها البائس، ولا يريح المواطن من أصوات المفرقعات ومكبرات الصوت وزمامير السيارات وضجيج التركتورات السريعة، هذه هي جوائز الجمال الحقيقية اللهم اشهد فقد بلغنا والله من وراء القصد.

مقالات متعلقة