زرع القنابل الموقوتة في حياة الفلسطينيين، كانت خطة عسكرية قام بتنفيذها الجيش الإسرائيلي

ثلاثة عمال فلسطينيين أصيبوا أثناء قيامهم بترميم إحدى العمارات التي أصابتها قنابل الجيش الاسرائيلي في البلدة القديمة في مدينة نابلس

ما زالت القنابل النووية التي ألقيت على هيروشيما تمنح هداياها البشعة لأطفال اليابان على الرغم من انتهاء الحرب العالمية الثانية منذ 46 عاماً، إلى ان الذكرى تجسدت بتشوهات خلقية ما زالت أجيال اليابان تحملها بين طيات أجسادهم، وها هم الفلسطينيون يحصدون الهدايا ذاتها من قبل الجيش الإسرائيلي، فآلاف القنابل التي ألقيت على المدن الفلسطينية في الضفة الغربية في اجتياح الجيش الإسرائيلي في العام 2002، لم تنفجر بعد وما زالت رهبة الفلسطينيين من انفجارها تخلق الذعر في كل مكان، فهل هذا ما كانت ترغب به الحكومة الإسرائيلية عند إلقائها، أن تبقي الفلسطينيين في حالة من الرعب والقلق؟

أثناء تجولي في شوارع مدينة نابلس يوم أمس، كان الهلع يسيطر على كل إنسان وقف يستطلع أسباب تطويق الشرطة لمداخل البلدة القديمة، عندها يمكن للمتفرج رمي إبرة على الارض ليسمع رنينها، فالجميع يعرف ما الذي وقع، لكن لا احد يرغب في الحديث عن الموضوع، فالصدمة ما زالت تؤثر على الجميع، حاولت الاستفسار من أصحاب المحلات التجارية القريبة من المكان عن أسباب التجمهر وتطويق المكان، إلى أنني لم أحصل سوى على كلمات مقتضبة: " إنفجار لإحدى القنابل الاسرائيلية"!!.
الحديث عن قنبلة وبهذا الهدوء؟ استغربت الامر بداية لكن بعدها عرفت من أحد رجال الشرطة الموجودون في المكان أن الحادثة لم تكن الأولى، فقد إعتاد أهالي المدينة على هذه الحوادث.

انفجار في نابلس وإصابة 3 عاملين!!
رغم الانسحاب الإسرائيلي من المدن الفلسطينية في الضفة الغربية بعد اجتياح قاسٍ، ما زالت آثاره ترتمي بين أيام أهالي المدن الفلسطينية التي ما زال يعثر بين جدران بناياتها على العديد من الذكريات المؤلمة التي تودي بحياة البشر في هذه المدن، بالرغم من انتهاء الاجتياح في العام 2002.
وأصيب يوم أمس الأحد ثلاثة عمال فلسطينيين أثناء قيامهم بترميم إحدى العمارات التي أصابتها قنابل الجيش الاسرائيلي في البلدة القديمة في مدينة نابلس، والتي بدأت أعمال الترميم فيها منذ أيام، حيث كان العمال يقومون بإكمال أعمالهم في رفع العمارة التي تهدم العديد من أجزائها لكن قنبلة انفجرت في المكان، خلفها الاجتياح الإسرائيلي قبل أعوام، وبينما طوقت الشرطة الفلسطينية المنطقة، وقامت بأعمال بحث عن قنابل أخرى جاهزة للانفجار تم نقل المصابين الثلاثة إلى مستشفى رفيديا في المدينة.

ثأر إسرائيلي لمقاومة فلسطينية قديمة
زرع القنابل الموقوتة في حياة الفلسطينيين، كانت خطة عسكرية قام بتنفيذها الجيش الإسرائيلي لتسهيل عملية القضاء على الفلسطينيين بأعداد كبيرة، ففي الاجتياح الإسرائيلي لنابلس قبل 8 أعوام أكد رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلية الضعف الإسرائيلي اتجاه القضاء على المقاومة بجملته الشهيرة: " كيف يخرجون من مخابئهم ويفجرون العبوات ويشتبكون معنا ونحن مسيطرون على كل شبر من البلدة القديمة؟؟ والقناصة في كل بيت من بيوت البلدة القديمة؟؟؟ وكيف يعودون إلى مخابئهم من دون أن نراهم؟؟؟؟".

زرع القنابل الموقوتة
وعندها لمعت فكرة جديدة للقضاء على أعداد أكبر من أهالي المدن الفلسطينية وهي جديرة بالاستخدام على مدى أعوام من الاجتياح، وهي زرع القنابل الموقوتة في كل مكان يمكن أن يصله البشر داخل المدن وبالأخص البلدات القديمة في مدن الضفة الغربية، التي لم يستطع الجنود الإسرائيليون آنذاك الدخول إليها، لمواجهتهم مقاومة صعبة، وبذلك يبقى الفلسطينيون في حال ترقب لتوقيت انفجار هذه القنابل.

ابتسامة الترحيب لم تتلاشى
رغم الألم لم تتلاشى الترحيبات من قبل اهالي نابلس بضيوفهم، فسرعان ما انتهى الحظر عن المرور في البلدة القديمة، وانتهت معه لحظات الصدمة، فعادت الحياة الطبيعية غلى مجراها في المدينة، وعدنا إلى التجول بين ازقتها القديمة، التي باتت ترتقب زيارات الضيوف من مناطق ألـ48، أسبوعياً حتى بات أصحاب المحلات التجارية يستطيعون الجزم ان كنت من الناصرة أو من بلدة آخرى، فكم هي جميلة نابلس بأحيائها القديمة، وبإبتسامة الا وسهلا المرسومة على شفاه أهلها، رغم الالم".