الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 07 / مايو 08:01

النسر الحر يتساءل عبر منبر العرب: كم وجهاً أملك ؟؟

كل العرب
نُشر: 13/09/10 12:59,  حُتلن: 14:12

عندما أنظر إلى المرآة كلّ صباح ،، لأنظف

أسناني أو أسرح َ شعري

فإنــّي أدرك تماماً وأنا احدّق في هذا الوجه

البشري الكالح ،، أنه ليس

الوحيد الذي أملك !!... هذا الوجه الذي قال

عن مثله الحطيئة :

أرى لي وجهاً قبح الله خلقه ـــ

فقــُبــّح َ من وجه وقــُــبــّح َ حامله !!ـ

فرحت أردد خلفه مع التصحيح

وانا ألصق وجهي بسطح المرآة :

أرى لي وجوهاً شوّه الله خلقها ــ

فقبــّحت من وجوه وقــبــّح َ حامــلــُها !!

حاولت أن أتخيل الحرباء ،، وكم من الألوان

يمكنها أن تتقمــّص ،، ثم ّ رحت

ُ أعدد منازل وجهي ،، فوجدتها

تفوق ألوان الحرباء ومنازل القمر ،، مع

فارق التشبيه في حالة القمر !!ـ

ففي كل مكان أذهب ُ إليه أحمل

ُ وجها مغايراً يناسب ذلك المكان ...

وكلّ مناسبة أختار لها وجهاً يلائمها ...

وكلّ شخص أتعامل معه أو أتحدث

إليه ،، آتيه بغير الوجه الذي

آتي به سواه ...

ثم ّ أعجب من نفسي وقدرتها على

حمل كل ّ أنواع هذه الوجوه !!ـ

أعجب أشدّ العجب من تغيير سحنتي

في كلّ موقف ومكان ومعاملة !!ـ

كيف أستطيع أن أكون في المسجد ملاكاً ؟؟

ومع الفساق فاسقاً أشدّ منهم فسقاً ؟؟

وفي البيت جباراً ومتسلطاً وحاكماً دكتاتورياً ؟؟

ووسط الشجعان فأرا ً وجباناً ومتخاذلا ً ؟؟

في مجتمعي أجرّ خلفي أذيال

الفضيلة ،، وأتدثر بكل أثواب السترة ؟؟

وفي الشطآن العارية أتعرّى حدّ خروجي من جلدي ؟؟..

كيف أتحدث مع الشيخ والكاهن

وكأنني أبو حنيفة أو بطرس الرسول ؟؟

وأنحدر في مجالس الفسق إلى حضيض الكلمة والخلاعة ؟؟

كيف أصير في مجالس الأدب ولشعر أبا الطيب المتنبي ؟؟

وأغدو ماجنا عاهراً ً داعراً مع عاهرة لا تطلب إلا جسدي ؟؟

كيف ــ وعلى نقيض ما يتساءل نزار ــ تعلمت من السلاحف

رذيلة الزحف ؟؟

ومن أسماك القرش رذيلة الإنقضاض ؟؟

ومن العلق رذيلة مص ّ الدّماء ؟؟

ومن معظم الشعراء خاصة والناس عامة رذيلة الشحاذة ؟؟

ومن حكام العرب ومستبديهم رذيلة أكل شعوبهم ؟؟

كيف ،، وفي هذا العمر القصير ،، نجحت في تعلم كل ّ هذا

وفي تقمص كلّ هذه الوجوه ؟؟

لماذا وكما يقول المسيح عليه السلام : لا أدهن رأسي ولحيتي

وأمسح شفتي ّ في يوم صومي لئلا يرى الناس أني صائم ؟؟

لماذا أجلس خلف شاشة الحاسوب ،، ككثير من الخلق ،، وأضفي

على نفسي هالة عظيمة ،، وكانني نبي مــُرسل ،، أو ملاك مـُنزل

وأنا في الحقيقة لا أساوي في الحقيقة شيئاً من فتيل أو

نقير أو قطمير ؟؟؟هل أحمل كل ّ هذه الوجوه لأنني ــ كما

يقول غروسيه ــ الخبثاء يخونون أنفسهم بأنفسهم ؟؟

هل أعطي الناس ــ كما يقول علي بن ابي طالب ــ من طرف

اللسان حلاوة ،، وأروغ كما يروغ الثعلب ُ ؟؟

أم كما يقول المتنبي ،، نيوبي بارزة لكني لا أبتسم ُ ؟؟

مــَن يجيبني عن كل ّ أسئلتي ،، لأمنحه كل ّ وجوهي ؟؟؟

مقالات متعلقة