الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 02 / مايو 20:02

شوقية عروق منصور- ارزة وزيتونة بحبة قطايف

كل العرب
نُشر: 04/09/10 14:50,  حُتلن: 07:47

 شوقية عروق منصور:

الكبرياء يحاول شد الابتسامات المقهورة لكن تكتشف ان خلف بريق الكبرياء سنوات من الانتظار القاسي المبطن باللجوء والضياع

 نخجل حين يحاول المذيع طرح اسئلة بسيطة جداً مثل – ماهي عاصمة دولة فلسطين ؟ - ولا يجد اجابة ، ونخجل اكثر حين لايعرفون اين تقع القرى والمدن التي قدموا منها

حزن مجبول بالتعب الطويل ، حارات وازقة ضيقة ، بائسة ، الفقر يصرخ من خلال الوجوه والجدران والغرف الملتصقة بعضها ببعض، بطريقة عشوائية مزرية لا تليق بحياة كريمة ، والاطفال يلعبون في ساحات تكاد ان تكشف ان لا طفولة هنا ، بل عبء بشري لا ذنب له ، رضي ان يلعب بصمت امام الظلم المفروض ، قد يحاول الكبرياء شد الابتسامات المقهورة لكن تكتشف ان خلف بريق الكبرياء سنوات من الانتظار القاسي المبطن باللجوء والضياع في بلاد العرب اوطاني .

برنامج يخرج عن الروتين ويقف على سكة حديد تنادي قطار العمر الراكض ، ( ارزة وزيتونة ) برنامج يوحي بعناق الارز اللبناني مع الزيتون الفلسطيني ، لكن هذا العناق الرومانسي الموصول بحالات الشقاء هو جزء لايتجزأ من المسيرة لبنانية فوق الجسد الفلسطيني المتشرد القابع في المخيمات .

 ظروف المخيمات الصعبة
(ارزة وزيتونة ) برنامج يبث على الفضائية الفلسطينية خلال شهر رمضان ، عبارة عن لقاءات مع فلسطينين – رجال ونساء - يعيشون قي المخيمات الموجودة في لبنان ( مخيم البدواي ، المية ومية ، برج البراجنة ، عين الحلوة وغيرها ) ، ومع اننا نعرف ظروف المخيمات الصعبة وكيفية العيش فيها ومعاني اللجوء الا ان هذا البرنامج يفتح ابواب القهر على طولها وعرضها ويشير الى الظلم الواقع على هؤلاء الذين حرمتهم الاقدار من وطنهم فكانوا مجرد ارقام في السجلات اللبنانية والفلسطينية .

الغياب لايام ثم العودة الى الوطن
المدن والقرى الفلسطينية التي قدموا منها مختلفة ، من جميع انحاء فلسطين ، الذين التقى ويلتقي معهم المذيع يومياً اكدوا انهم خرجوا من فلسطين وهم على يقين ان الغياب لايام ثم العودة الى الوطن ، لتتحول بعد ذلك الأيام الى سنوات جافة وبدلاً من زرع الآمال وتربية التفاؤل يشعرون ان النفق مظلم يطبق على رقابهم ولا نهاية لعتمته .

الجهل يفوز بخجل
جغرافية الوطن البعيد عبارة عن ذاكرة مهترئة ، وحين يسال المذيع – ماهر شلبي - الفلسطينين عن قراهم ومدنهم يسقط أكثرهم في فخ عدم المعرفة ، كأن الوطن يسكن اعماقهم برائحته فقط والجهل يفوز بخجل ، مع ان معرفة تفاصيل الوطن للاجىء هو هويته الحقيقة التي يبرزها امام ضميره اولا ً وامام العالم الذي ظلمه ثانياً وايضاً لاستمراية الحكاية التي ينقلها الأحفاد ، ليس الوطن اغنية وديوان شعر ورواية- وانا كنت من القرية الفلانية - ، الوطن مدى تمسك الفلسطيني بالحكاية الفلسطينية جيداً ومعرفة كل شيء عن الوطن المسلوب ، لأن أمية الأوطان هي التي أوصلت حالتنا العربية الى هذا الدرك ، ولا معنى وقيمة لفلسطيني لا يعرف تاريخ قضيته ويعرف تفاصيل التفاصيل .

نخجل حين يحاول المذيع طرح اسئلة بسيطة جداً مثل – ماهي عاصمة دولة فلسطين ؟ - ولا يجد اجابة ، ونخجل اكثر حين لايعرفون اين تقع القرى والمدن التي قدموا منها ، خاصة الاجيال الصغيرة الذين لا يعرفون قرى ومدن الاجداد ..

بؤس وجهل عالم المخيمات
برنامج ( ارزة وزيتونة ) فضح بؤس وجهل عالم المخيمات ومن يقودهم من زعماء يتحاربون على الكراسي والنفوذ ، اذ لايوجد تعبئة وطنية ترسخ الثقافة الفلسطينية ، وان الموجود عالم مهمش سياسياً واقتصادياً ، ويتكلمون بالم عن الحصار المفروض عليهم من قبل الحكومة اللبنانية بخصوص الأعمال والوظائف التي يحتكرها اللبنانيون -اذ ممنوع على الفلسطيني الاقتراب منها فقط- يحق لهم الأعمال السوداء الشاقة فقط - .

ونسال هنا منظمة التحرير وباقي التنظيمات الفلسطينية عن دورهم في تعبئة الأجيال الذين هم وقود المستقبل ، ام سياسة الاستسلام ومهادنة الواقع والسلام الاقتصادي ومفاوضات ابو مازن وثوار دايتون هم خلطة التعبئة التي ستقدم للأجيال .

ثمن الاستشهاد
والمؤسف ايضاً فضح ثمن الاستشهاد ، معاناة اهالي الشهداء مع الفقر المدقع ، مع ان الشهيد لا ثمن له ، لكن وراء الشهيد عائلة تريد العيش بكرامة واحترام ،وغالباً ثمنه ثلاثون او خمسون دولاراً ، كيف تستطيع اسرة العيش بهذا المبلغ المزري في هذا الزمن المشبع بالغلاء ؟؟ في ظل الفساد والفضائح المالية الفلسطينية ، من حق ام وزوجة وابنة الشهيد الفلسطيني ان تسال عن راتب يحترم آدميتها ويصون كرامتها من التسول ، فلم تعد مسالة الشهادة وساماً يعلق على الصدر في زمن الجوع والبطالة ونكران الدم الذي دفع فداءاً للوطن والاستخفاف بعطاء الذين ذهبوا .

ان الذين يتنعمون بثراء الثورة ويمتلكون القصور والسيارات الفارهة وحساباتهم في البنوك العالمية يعلمون ان وراء ذلك دماء زكية طاهرة آمنت بحقها في الدفاع عن الوطن وليس عن فئة تأكل الوطن .

اقترح ان يدخل برنامج ( ارزة وزيتونة ) موسوعة ( غينس ) للنفس الطويل والأنتظارالذي مازال متوهجاً . اما الذين يزيفون الحقائق ويحشرون الشعب الفلسطيني في اكبر – سدر كنافة – وهذه الأيام دخلوا موسوعة ( غينس ) بأكبر حبة قطايف صنعها بعض محلات الحلوى في بيت لحم ، هؤلاء لا يستطيعون تغطية شمس الحقيقة المخيفة المذلة بسكر وحلاوة الهروب من جحيم المخيمات.

مقالات متعلقة