الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 26 / أبريل 13:02

جريس بولس: ألعلاقة السليمة بين العروبة والإسلام والحلم العربي

كل العرب
نُشر: 03/09/10 14:18,  حُتلن: 14:36

جريس بولس في مقاله:

نحن في فلسطين نحلم بان تكون "القدس العربية" عاصمة الدولة الفلسطينية الأبديّة "بروكسل" الامة العربية

ثقافة المسيحي العربي هي إسلامية. اذا يجب العمل لكن على قاعدة التفاعل بين مفهومي العروبة والاسلام وليس على قاعدة التنافر بين المفهومين

مضمون كلمة "عربي" تغير  فلم تعد تقتصر دلالتها على افراد القبائل الرُحّل الذين كانوا هم سكان شبه الجزيرة العربية بل اصبحت تدل على "المواطنين" في هذا العالم العربي المتسع الارجاء

وجد عالمان، أحدهما أكبر من الآخر كثيراً، هما : العالم الإسلامي والعالم العروبي، وكان الاول يشتمل على الثاني.

ومع مرور الزمن امتد العالم الاسلامي الى الهند والصين والى اقصى حدود افريقية من الغرب، بينما ظل العالم العربي محصوراً في البلاد التي بلغ فيها التعريب من العمق درجة نجم عنها ثلاث نتائج دائمة: سيادة اللغة العربية واتخاذها لغة قومية، واقتباس العادات العربية ومناهج التفكير، واستيطان جماعات كبيرة من العرب وامتزاجهم باهل البلاد.

والعالم العربي اليوم هو هذه الاقطار التي استمر تاثر الكثرة الغالبة من سكانها بتلك المؤثرات الثقافية والاجتماعية.

وقد تغير مضمون كلمة "عربي" تبعاً لذلك، فلم تعد تقتصر دلالتها على افراد القبائل الرُحّل الذين كانوا هم سكان شبه الجزيرة العربية بل اصبحت، مع الزمن، تدل على "المواطنين" في هذا العالم العربي المتسع الارجاء، وليس المقصود بالمواطن اي مستوطن فيه، وانما يقصد به افراد الكثرة الغالبة من السكان الذين ينحدرون من سلالات – ان لم تكن ذات دم عربي خالص – فقد غلب عليها التعريب وطبعها بطابعه، واصطبغت عاداتها وتقاليدها بصبغة عربية، وادل تعريف بهم ان يقال انهم هم الذين اصبحت العربية لغتهم الاصلية. وبذلك يطلق هذا اللفظ على المسيحيين كما يطلق على المسلمين، ويشتمل فرقهما المختلفة. اذ ان مرد الامر ليس الى اعتناق الدين الاسلامي، وانما الى مقدار الثأثر بالتعريب.

ان إشكال العروبة والإسلام يبدو للبعض صعباً. لكنه، بحسب رؤيتي التي اؤمن بها، معادلة بسيطة اذا ما اعيدت المسائل الى طبيعتها.

فالعروبة تعبير عن إطار قومي في الزمان والمكان المحددين.

مفهوم الإسلام
اما الإسلام فهو دين. هذا اولاً، لكنه لايقف عند حدود فهم الدين كمجرد شعائر وطقوس وايمان، إذ أن الإسلام تخطى هذا الفهم الى مستوى اشمل واعمق، انه مكوِّن ثقافي وحضاري ونفسي وتراثي لهذه الامَّة، وبهذا المعنى فهو احد المضامين الاساسية، ان لم يكن الأجل للقومية العربية. ولهذا يمكن القول ان ثقافة المسيحي العربي هي إسلامية. اذا يجب العمل لكن على قاعدة التفاعل بين مفهومي العروبة والاسلام وليس على قاعدة التنافر بين المفهومين.

التطرق الى العروبة
بإمكاننا ان نتحدث عن الاسلام في ايران دون التطرق الى العروبة ولكن لا نستطيع التحدث عن الاسلام في العالم العربي بمعزل عن العروبة كما لا يمكن الحديث عن العروبة بمعزل عن عمقها الاسلامي الثقافي والحضاري.

بعد ما نوهنا اليه، هناك إشكاليات تفرض علينا ان نحلّها ذلك بان العروبة والاسلام يتعرضان لتناقضات وتفاعلات وتشويهات ويواجهان تحديات كبرى كالاصالة والحداثة، استحقاقات التطور وتقدم العلوم وغيرها.

وهذه مهمة تواجه القوى القومية والقوى الاسلامية على حدٍّ سواء، لكن الاسلام ليس حكراً على احد.

التراث الاسلامي
فانا تقدمي في فكري – يساري الثقافة، والتراث الاسلامي جزء مهم من بنيتي الفكرية، معني بالاسلام بقدر اي حركة سياسية اسلامية، فانا معجب الى حدّ الجنون بالإمام عليّ بن ابي طالب طيب الله ذكره، اقرأ أدبه بنهم وشعره بشغف، وان رزقني الله إبناً ثالثاً سأدعوه عليّاً فيكون اخاً لرفول ولميخائيل، كما ان القومية العربية مكون اصيل من مكوناتي. هكذا انا، إنني في حال إنسجام كامل مع قوميتي العربية ومسيحيتي وثقافتي الاسلامية وفكري التقدمي.

وفي نهاية مقالي دعنا ايها القارىء ان نحلم سوية بالحلم العربي، الذي لا يجوز ان يغيب عن المخيّلة؟ مهما طال الزمان وهو إقامة الإتّحاد العربي اسوة بالإتّحاد الاوروبي.

تطبيق الحلم العربي
ان تطبيق الحلم العربي عندنا أسهل من تطبيقه في اوروبا، ففي اوروبا خمس وعشرون لغة، في حين ان بيننا نحن العرب لغة واحدة، وفي اوروبا ثقافات متعددة فيما يجمعنا نحن العرب ثقافة مشتركة عربية واسلامية. وفي تاريخ اوروبا الحديث حروب طاحنة بين دولها، كالحربين العالميتين، بينما تاريخ العرب الحديث لم يشهد مثل هذه الصراعات والنزاعات، وبين العرب والدول العربية مصالح متبادلة كما بين دول اوروبا، اضافة الى ذلك لا تنقصنا العقول والاموال.
ونحن في فلسطين نحلم بان تكون "القدس العربية" عاصمة الدولة الفلسطينية الأبديّة "بروكسل" الامة العربية.

فما احوجنا نحن العرب الى اقامة الإتّحاد العربي كما الإتّحاد الاوروبي الذي اعتبره اعظم مشروع تنمويّ في التاريخ الحديث.

اختتم مقالي هذا بتحية عروبية خالصة الى كل المقاومين الصادقين ضد الظلم في العالم عامة وفي الوطن العربي خاصة.

مقالات متعلقة