الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 02 / مايو 23:02

وفد التواصل إلى لبنان والرسائل التي وصلت والتي لم تصل !؟- بقلم: سعيد نفاع

كل العرب
نُشر: 31/07/10 17:56,  حُتلن: 07:30

ألأردن أثبت ورغم أنه لم يكن بحاجة لإثبات، أنه لم يكن ولن يكون حجر عثرة في طريق مشروع وطنيّ إنسانيّ


تقدمة
التواصل هو ديمومة اللقاء مع من تجمعك وإياه أواصر مشتركة بخروجك من عزلة قُطعت الأواصر معه قسرا أو طوعا، وهو في جوهره عمل ثقافيّ معرفيّ . ويحمل أسمى معانيه حين يكون ليس فقط بتجديد ما انقطع جسديّا حياتيّا، وإنما بتجديد ما انقطع وجوديّا في الإثراء المتبادل وتراكم الوعي والتجربة وتوسيع المدارك والآفاق في المشترك الحياتيّ والوطنيّ والقوميّ والإنسانيّ، وعندما يكون هذا الوجوديّ هو المستهدف من عدوّك يصير التواصل مع من تجمعك وإياه القواسم المشتركة ليس حاجة حياتيّة ماديّة وإنما حاجة حياتيّة جوهريّة دونها الحياتيّة الماديّة لا تساوي شيئا.
رغم المعنى والجمال أو البلاغة في كلمة "التواصل" والذي استمدته من جمال لغتنا إلا أنها لم تكن من الكلمات المتداولة حتى أمد قصير. دخلت القاموس السياسيّ بقوة حين أُطلق على مشروع الزيارات الأهليّة لعرب ال-48 إلى سوريّة "مشروع التواصل"، ولاحقا على مؤتمر ميثاق الأحرار العرب الدروز (المعروفيّون الأحرار) والتقدمي الاشتراكي اللبناني في عمّان الأردن آب ال-2001، "لقاء التواصل القوميّ".

انقطاع المشروع
أواخر ال-2007 حين فتحت وحدة التحقيقات والجرائم الدوليّة الإسرائيليّة (يحبال) التحقيق مع رئاسة وفد التواصل إلى سوريّة أيلول ال-2007 وقف المشروع، فخسر أهلنا في ال-48 بكل شرائحهم وبالذات ذوو اللاجئين رافدا قويّا لتعزيز وجودهم، رافدا وطنيّا وقوميّا وإنسانيّا. ووضع أصحاب المشروع اللائمة على الأردن وإن لم يكن رسميّا فعلى الأقل ميدانيّا، وليس معنى ذلك أن السلطات الإسرائيليّة براء، فهذه حاربت وتحارب المشروع بكل ما أوتيت من قوّة لكن دونها وإيقافه الكثير، وأهم هذا الكثير إصرار أهلنا في الداخل على مواصلته، لكن تقديم الموقع أدناه و-7 أعضاء رئاسة وفد أيلول ال- 2007 إلى سوريّة (من أصل 8 أعضاء) والتحقيق مع متواصلين آخرين من كل أبناء شعبنا، واستمرار وقوف المشروع أعطاها الإشارة أن الردع فعل فعله.
المغامرة التي قام بها بعض المغامرين المنشقين عن المشروع ولدواع ذاتيّة انتهازيّة في السنة الماضية 2009، وبدعم من وتنسيق مع بعض جهات حزبيّة وحركيّة محاولين تجديد المشروع وفشل هذه المغامرة المدوّي، أسقطا على إحياء المشروع إسقاطات سلبيّة وأثارا بقوة أكبر أسئلة كانت مطروحة منذ انقطاع المشروع:
• هل فعلا الأردن وبالتنسيق مع إسرائيل هو المانع أمام استمرار المشروع مثلما رُوّج ؟!
• هل فعلا هنالك شخصيّات سياسيّة داخلية استطاعت أن تفشل المحاولة عام 2009 حسب البيانات التي وُزّعت حينها بغزارة؟!
• هل سوريّة هي المسئولة والتي لولا أن "الله ستر" كان المغامرون عام 2009 سيتظاهرون على حدودها المشتركة مع الأردن احتجاجا على تراجعها ؟!
• هل فعلا استطاعت إسرائيل الرّدع بملاحقة متابعي المشروع قضائيّا؟!
• أم أنّ الذين رأوا أنفسهم قيّمين على المشروع أوقفوه لغرض في نفس يعقوب، وأمام الرغبة الجماهيريّة كان لا بدّ من إيجاد مسئول، فوقع الاختيار على الأردن؟!
هذه الأسئلة كان من الصعب الإجابة عليها أجوبة شافيّة فالحديث يدور عن دول وأروقتها وأجنداتها وهذه ليست في متناول يد أحد، ويدور عن مشروع هام وبالذات وبسبب أهميّته الوطنيّة والقوميّة والإنسانيّة لا مجال للتلاعب فيه ولا إلى استعماله أداة في مناكفات وصراعات حزبيّة أو حركيّة، وحين استُعمل هكذا وفشل صعّب أكثر الأجوبة.

نجاح وفد التواصل إلى لبنان والأجوبة
جاء نجاح وفد لجنة التواصل برئاسة الشيخ عوني خنيفس رئيس اللجنة المنتخب في الخروج والوصول إلى لبنان وطريق الأردن وسوريّة بالذات، والتسهيلات الاستثنائيّة التي أعطيت له في الأردن وفي سوريّة التي فيها رافقته المراسم الجمهوريّة منذ دخوله الأراضي السوريّة، والحفاوة البالغة التي استقبل بها في لبنان وبدء من رئيس الجمهوريّة اللبنانيّة العماد ميشيل سليمان، وجاء الاستقبال الحافل في طريق الرجعة في سوريّة ممثلا بعضو القيادة القطرية لحزب البعث بسام جانبيه ممثِلا للأمين القطري المساعد محمد سعيد بخيتان والاستقبال الرسمي والشعبي الكبير في السويداء عاصمة جبل العرب وفي المقدمة أمانة الحزب والمحافظ ومشيخة العقل. جاء كل ذلك ليعطي الأجوبة الشافيّة على كل التساؤلات أعلاه وسقطت الكثير من الأقنعة والكثير من البيانات التي صدرت في حقّ متابعي المشروع المتحدّين.
ألأردن أثبت ورغم أنه لم يكن بحاجة لإثبات، أنه لم يكن ولن يكون حجر عثرة في طريق مشروع وطنيّ إنسانيّ، فقطع قول كل من تراجع أمام المشروع لأسبابه اليعقوبيّة ، وكشف الأقنعة عن وجوه المروّجين وكأن الأردن هو العقبة، طبعا لن نستبعد خروجهم للناس قائلين: "هذا ما كان ولكن يبدو أن الأردن غيّر موقفه!".
وسوريّة أثبتت ورغم أنها لم تكن بحاجة لإثبات أن المشروع بالنسبة لها بأبعاده الوطنيّة والقوميّة والإنسانيّة أكبر من كل الحسابات الصغيرة.
أمّا لبنان وبقرار سياسيّ تاريخيّ وبكل فعالياته، والتشديد على كل، ولأول مرّة في تاريخه يستقبل وفدا يحمل جوازات سفر إسرائيليّة دون الحاجة لاستعمالها وبثقابة بصر وبصيرة ورغم كل المزايدات من داخله ومن خارجه. ورعى الوفد بحفاوة قلّ مثيلها على كل المستويات وبدء برئيس الجمهوريّة ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء، وقيادات ميدانيّة وفي مقدمها وليد جنبلاط وطلال أرسلان.

أمّا الرسائل التي وصلت والتي لم تصل
الوفد ورغم لبوسه الظاهر المذهبيّ لكنه وطنيّ قوميّ بامتياز وليس هذا الأمر شعارا وإنما برسائله المرسلة، التي وصلت منها وقُرئت والتي لم تصل ولم تُقرأ.
عند كتابة هذه السطور كان الوفد في استقبال على يد القيادة القطريّة لحزب البعث العربي الاشتراكي السوريّ واستعدادا لاستقبال شعبي ورسميّ في رحاب سوريّة. ولذلك لا نعرف كيف ستتصرّف السلطات الإسرائيليّة لدى عودته، ما نعرفه أن أعضاء الوفد حاضرون لكل إمكانيّة ورسالتهم أنّا: مارسنا حقّا دون أن ننتظر إذنا ولن تردعنا المحاكمات وكما جاء في كلمة الوفد "الحقوق تُستل استلالا لا تُستجدى استجداء".
أمّا الرسالة الأخرى التي وصلت وقُرئت فهي أن الأردن وسوريّة ولبنان يدركون جيّدا معنى هذا التواصل عينيّا وإن كان لبوسه الظاهر مذهبيّا ولكنه يحمل معان وطنيّة قوميّة. وكل من راهن على وقف المشروع متهما تارة السلطات الأردنيّة وأخرى السوريّة وكأن الإسرائيليّة من ذلك براء أو تراجعه أمامها برّأها، سقط رهانه، وهذا الوفد شقّ له الطريق إن كان يمتلك من الشجاعة الكفاية ليجدده فأهل اللاجئين الفلسطينيين على أحر من الجمر وهذا هو العمل الوطنيّ وليس "تركيب بعض شيوخ أثبتت الأيام انتهازيتهم على المشروع".
ولكن الرسالة التي انطلقت ولم يصل إلا عنوانها وبصعوبة فهي التي أرسلت إلى أبناء شعبنا هنا في الداخل وذلك بسبب الحيّز الضيّق التي أفردته وسائل الإعلام الداخليّة في متابعة هذه الخطوة وأبعادها، ويحار المرء في فهم هذا التوجه عند هذا البعض ومنطلقاته وأسبابه ويروح يعطي خياله العربي الرحب أن يسرح قريبا وبعيدا عارفا في الكثير من الحالات الدوافع غير عارف مخمّن في القليل منها الدوافع.
لكن التي يعرفها المرء والتي يعرفها جزئيّا والتي لا يعرفها ومخمّنا فيها، تُفضي به إلى أمر واحد وفي أضعف الإيمان، أن بعض القيّمين على إيصال الرسالة في وسائل الإعلام لم يدركوا الأبعاد التي تحملها هذه الخطوة وطنيّا فلسطينيّا وقوميّا عربيّا ورأوها فقط من الباب المذهبيّ، متناسين أنّ هؤلاء الشيوخ عمليّا شقّوا بشجاعة طريقا أغلقته السلطات الإسرائيليّة مستعدين وعن وعيّ دفع الثمن، ولكن الطريق الذي جددوه هو كذلك وبالأساس طريق لأبناء شعبهم للتواصل مع شتاتهم وبعد إسقاط كل الأقنعة وقطع قول كلّ خطيب حال أو يحول دون التواصل وليس مطلوب إلا قليل من الإقدام.
ملاحظة: فعلا عاد الوفد التواصليّ قبل أن يُرسل هذا المقال للنشر وما كان من المخابرات الإسرائيليّة إلا أن تنتظره على المعبر لتتعسّف في معاملته، ولتسلّم أفراده دعوات للتحقيق كان الوفد والجموع التي انتظرته مستعدة لأكثر من ذلك.

مقالات متعلقة