الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 30 / أبريل 09:01

العلاقة التاريخية بين ثورة يوليو وعرب (48)- بقلم: تميم منصور

كل العرب
نُشر: 21/07/10 11:32,  حُتلن: 15:04

- تميم منصور في مقاله:

* مسيرة الثورة وانتصاراتها بمثابة عناوين لكتب وموسوعات يطالعون صفحاتها يومياً

* الثورة بالنسبة للشريحة الفلسطينية الشبه ضائعة الضوء الذي خفف من ظلمة النكبة، كانت مسيرة الثورة وتقدمها وانجازاتها السياسية

* سخريات القدر أن يسمح نظام مبارك بالتطاول على قدسية هذه الثورة عندما يسمح لسفيره في تل أبيب اقامة احتفال بذكرى الثورة بحضور العشرات من القادة

من تبعات نكبة الشعب الفلسطيني ظهور سلسلة من الأسماء والاصطلاحات الجديدة داخل معاجم اللغة ومعاجم الجغرافية والتاريخ والسياسة، لهذه الأسماء معاني سياسية هامة يحملها الفلسطيني في قلبه خلال ترحاله وأماكن تواجده. من هذه الأسماء والاصطلاحات (عرب 48)، هذا ما يُعرّف به العرب الفلسطينيون الذين تشبثوا بتراب وطنهم بعد أن احتلته العصابات الصهيونية وأقامت كيانها السياسي فوقه، وهناك من يُعرّفهم "بالفلسطينيين داخل الخط الأخضر"، أي خط الهدنة الذي وافقت عليه الدول العربية سنة 1949.

عرب اسرائيل
أما من يجهل ظروف وجود هؤلاء فيُعرّفهم "بعرب اسرائيل"، مع أنهم يرفضون هذه التسمية ويعتبرونها التفافاً حول هويتهم الفلسطينية لأن اسرائيل معنية بهذا الاسم وتعتبره بابا من أبواب الأسرلة والاندماج. كانت هذه الفئة حتى نكسة 1967 مجهولة وضائعة بين كثبان النسيان والعجز العربي، وبين الهزيمة والصدمة التي سببتها النكبة.

هروب الجيوش العربية

عندما هربت الجيوش العربية التي جاءت لتسليم فلسطين وليس لتحريرها، تركت وراءها حوالي 150 ألف فلسطيني، معظمهم قرويون رفضوا الاقتلاع من أرض الوطن، رغم أن ملك الأردن عبد الله بن الحسين حاول اقناعهم وخداعهم للنزوح من وطنهم وارضاءاً لاسرائيل لكنهم رفضوا مطالبه لأن اسرائيل كانت تتمنى أن لا يبقَ عربياً في وطنه، وقد ذكر دافيد بن غوريون في مذكراته } كنت أتمنى أن أرى فلسطيني واحد يتنفس داخل فلسطين.

هوية قومية ثقافية
هربت الجيوش العربية وتركت هؤلاء يواجهون مصيرهم، تركتهم رهائن بأيدي العصابات الصهيونية، ومنذ سنة 1949 حتى سنة 1967 عاشوا داخل غيتو اسرائيلي داخل قراهم، احاطتهم اسرائيل بستار حديدي سياسي واعلامي وثقافي واقتصادي، لم يسمع عنهم أحد تقريباً، غالبية الشعوب العربية لم تعرف بوجودهم وربما حتى اليوم، بذلت اسرائيل كل جهودها من خلال محاصرتهم لمصادرة هويتهم الوطنية والقومية والثقافية لكنها فشلت في ذلك باعتراف قادتها فقد احتفظ الفلسطينيون ممن يعرفون بعرب 48 بعروبتهم وانتمائهم الفلسطيني بفضل مجموعة من الثوابت التي كانت متوفرة لديهم، في مقدمة هذه الثوابت ثورة يوليو في مصر وقائدها جمال عبد الناصر.

شريحة فلسطينية شبه ضائعة
كانت هذه الثورة بالنسبة لهذه الشريحة الفلسطينية الشبه ضائعة الضوء الذي خفف من ظلمة النكبة، كانت مسيرة الثورة وتقدمها وانجازاتها السياسية والثقافية والاعلامية بمثابة المرشد والموجه لعرب (48) كانت بالنسبة لهم بمثابة الصحافة اليومية يتابعونها من اذاعة صوت العرب والقاهرة ومن شاشة التلفزة المصرية.

إنتصارات مسيرة الثورة عناوين لكتب وموسوعات

كانت مسيرة الثورة وانتصاراتها بمثابة عناوين لكتب وموسوعات يطالعون صفحاتها يومياً، من هذه العناوين قوانين الاصلاح الزراعي واتفاقية الجلاء التي تعتبر نقطة تحول في تاريخ حركة التحرر العربية، ومن العناوين الهامة صرخة الاسكندرية يوم 26 يوليو سنة 1956 التي أعادت قناة السويس الى أبناء الشعب العربي في مصر بعد احتلال دام حوالي ستة عقود من الزمن، من العناوين أيضاً بناء السد العالي وتحرير الشعب المصري من التبعية والجهل والفساد والمحسوبية، هذا الى جانب النهضة الفنية والثقافية والاقتصادية، لكن تبقى أبرز هذه العناوين، ربط مصر بعجلة القومية العربية وتزعُمها لقيادتها وطرح افكاراً جديدة كالوحدة القومية والسياسية، ووحدة الهدف.

يقظة قومية
كانت الثورة بكل فعالياتها وتفاعلها مع الأحداث الحبل السري الذي أمد عرب 48 بالأمل، كما أمدهم باليقظة القومية والوطنية وخفف من حصارهم وعزلتهم، كانت الأله التي استخدموها في التربية القومية خاصةً لدى الأجيال التي ولدت بعد قيام اسرائيل كما كانت الأله التي استخدمها أبناء عرب 48 لمقاومة الأسرلة والابتعاد عنها، لأنهم وجدوا البديل والند القومي والوطني لهذه الأسرلة. كانت الخطب التي القاها الرئيس الخالد جمال عبد الناصر طوال مسيرة الثورة مدرسة ومرجعية تحمل كل معاني قيم الحرية والاجماع القومي وكل الأبعاد الفكرية بمفاهيمها الفلسفية والبسيطة، عاش عرب 48 مع تطورات الثورة بمدها وجزرها ساعةً بعد ساعةً ويوماً بعد يوم، اعتبروا انجازاتها وانتصاراتها أعياداً ونصراً لهم وللعرب جميعاً.

الثورة وقائدها لم يكونا ملكاً لمصر وحدها
لم يتغير موقفهم وارتباطهم بالثورة بعد نكسة سنة 1967، العكس هو الصحيح فقد تضاعف ايمانهم بزعيم الثورة جمال عبد الناصر وبقي بالنسبة لهم الرمز الذي يستحق ثقتهم، صورة معلقة على جدران كل منزل من منازلهم، لم يكن ذكرى قيام الثورة عيداً قومياً في مصر وحدها، لقد امتدت جذور هذه المناسبة ووصلت الى قلب كل فلسطيني من عرب (48)، كان عيد الثورة عيداً لهم، يلزمون بيوتهم كي يعيشوا مع هذا الحدث التاريخي وما سيقوله الزعيم جمال عبد الناصر. هذا يؤكد أن الثورة وقائدها لم يكونا ملكاً لمصر وحدها، بل ملكاً للعرب جميعاً وفي مقدمتهم الفلسطينيون.

قطار الثورة يتقدم فوق سكة الزمن
بعد ردة السادات في كامب ديفيد وتأمره على الثورة وقيامه بتطويق مدها القومي، جاء من يعرفون بعرب (48) الى مصر، يدفعهم الشوق كي يتلمسوا ويعانقوا وادي النيل ولكي يشاهدوا من بناه واقامه جمال عبد الناصر.
اليوم وقطار الثورة يتقدم فوق سكة الزمن ويقف في محطة الثامنة والخمسين لقيامها، لا زال عرب (48) يعتبرونها مرجعيتهم القومية والوطنية الأولى، يتمسكون بمبادئها ومبادىء قائدها، أحزابهم القومية تفتح أرشيفاتها أمام الأجيال الشابة التي لم تعايش الثورة، هذا اضافةً الى اللقاءات والمهرجانات التي تقام بهذه المناسبة.

سخريات القدر
لكن من سخريات القدر أن يسمح نظام مبارك بالتطاول على قدسية هذه الثورة عندما يسمح لسفيره في تل أبيب اقامة احتفال بذكرى الثورة بحضور العشرات من القادة والزعماء اليهود الذين حاربوا الثورة وانجازاتها وتأمروا عليها وعلى قائدها، في مقدمة هؤلاء سفاح أطفال قانا في لبنان شمعون بيرس، وسفاح أطفال غزة ايهود براك وسفاح الأسرى من الجنود المصريين بينيامين بن اليعزر.

مقالات متعلقة