- النائب محمد بركة

* المعدل السنوي لعدد السجناء الجنائيين العام 11 ألف سجين

* رغم نسبتهم من بين السجناء فللسجناء العرب "هوستيل" واحد من أصل واحد

* 7 مركزين عرب في البلدات العربية من أصل 42 مركزا في جميع انحاء البلاد

* واحد من كل الف مواطن يهودي سجين جنائي مقابل واحد من كل 500 مواطن عربي

* 42% من السجناء الجنائيين هم عرب ولكنهم 10% ممن يتلقون خدمات اعادة التأهيل الرسمية

* نسبة السجناء العرب العالية انعكاس لسياسة تمييز عنصري متعددة، بدءا من الأوضاع الاقتصادية وصولا إلى جهاز القضاء

- رامز جرايسي

* مطلب مشاركة السلطات المحلية بتمويل مركزين لإعادة التأهيل يشكل عائقا أمام السلطات العربية

بحثت اللجنة البرلمانية لمكافحة المخدرات والإدمان على الكحول، برئاسة النائب محمد بركة، هذا الأسبوع، وفي جلستين متتاليتين، قضية اعادة تأهيل السجناء الجنائيين في مسعى لعدم عودتهم إلى دائرة الجريمة بأشكالها، ففي حين كانت جلسة لبحث الموضوع بشكل عام، تركزت الثانية في أوضاع السجناء العرب لتتكشف معطيات رسمية مذهلة عن سياسة التمييز ضد السجناء العرب، إلى درجة أن المدير العام الجديد لسلطة تأهيل السجناء، الدكتور حاييم إيلوز، اختار افتتاح كلمته قائلا: بالملخص فإن الميزانيات المخصصة للسجناء العرب اقرب إلى الصفر.




وكان النائب بركة قد بادر إلى عقد هاتين الجلستين، في إطار مبادرته العامة لوضع مسألة إعادة تأهيل السجناء على الأجندة اليومية لمكافحة الجريمة، في عدة مسارات، ومن بينها السعي لإعادة انخراط السجناء الجنائيين، ومدمني المخدرات في سوق العمل، ودمجهم بشكل طبيعي في المجتمع.
وعرض مسؤولو سلطة تأهيل السجناء ومن بينهم المدير العام إيلوز، وفرحات فرحات، معطيات عامة عن السجناء الجنائيين وعن العرب خاصة، ومن بين هذه المعطيات، أن عدد "النزلاء" في مختلف السجون الإسرائيلية ومنها سجون الاحتلال 24 ألف سجين وأسير، من بينهم 11 الف أسير فلسطيني وسجين جنائي من المناطق المحتلة منذ العام 1967، واعتمادا على المعطيات الفلسطينية الرسمية الحالية التي تتحدث عن ما بين 8 آلاف إلى 9 آلاف اسير فلسطيني، فإن عدد السجناء الجنائيين من مناطق 67، يتراوح ما بين 3 آلاف وألفين سجين جنائي.
ويبلغ عدد السجناء الجنائيين بمستويات وجرائم ومخالفات مختلفة بالمعدل السنوي 11 الف سجين، من بينهم 8500 سجين يلائمون المواصفات التي توجب اعادة تأهيلهم، والباقي من المحكومين باحكام قصيرة، اضافة إلى ذلك هناك 1500 عامل اجنبي غير مرخصين معتقلين قبل ترحيلهم، ويتم سنويا اطلاق سراح 6500 سجين جنائي.
أما من حيث توزيع السجناء فيتضح أن 58% من السجناء الجنائيين هم من اليهود، و42% من العرب، وحسب سلطة التأهيل، فإن معدل السجناء الجنائيين اليهود بلغ واحد من كل ألف مواطن يهودي، في حين أن معدل العرب واحد من كل 500 مواطن عربي.
ومن المعطيات الأخرى، أن 96% من السجناء الجنائيين رجال و2% نساء و2% من جيل الأحداث، كذلك فإن 31% من السجناء الجنائيين اليهود هم من المهاجرين الجدد، الذين هاجروا إلى البلاد في العقدين الأخيرين، رغم انهم يشكلون 20% من اليهود في البلاد.

التمييز في اعادة التأهيل
وتقول معطيات سلطة التأهيل، إن عدد السجناء الجنائيين الذين تتم معالجتهم بالمعدل السنوي قرابة 3500 سجين، ومع أبناء عائلاتهم، يصبح عدد الذين يتلقون خدمات السلطة 9500 شخص بمعدل سنوي، وعلى الرغم من أن نسبة السجناء العرب 42%، فإن عدد السجناء الذين يتلقون خدمات سلطة التأهيل 350 سجينا بمعدل سنويا، بدلا من قرابة 1500 سجين كما هي نسبتهم من بين السجناء المُعالجين.
إضافة إلى هذا، فإنه حسب القانون فإن على السلطة المحلية أن تمول وظيفة مُركِز لمتابعة قضايا تأهيل السجناء في كل بلدة، وينتشر في البلاد 42 مركزا كهذا، ولكن 7 فقط منهم في بلدات عربية، وهذا يعود أولا إلى الأوضاع المالية الكارثية في السلطات المحلية العربية، إذ قال المدير العام ايلوز، إنه حيث يوجد لجنة معينة، أو محاسب مرافق للسلطة المحلية فلا يوجد مركز كهذا، بسبب التقليصات.
كذلك، فإنه حسب القانون فإن وظيفة مركز كهذا هي لكل 40 سجينا جنائيا، وهناك عدد كبير جدا من القرى العربية لا يوجد فيها هذا العدد بسبب قلة عدد السكان، وهنا طرح النائب بركة ملاحظة ساخرة من صيغة القانون الجاف قائلا، هل يعني أنه علينا تشجيع الجريمة التي فيها عدد اقل بقليل من 40 سجينا كي يستوفي شرط تعيين موظف؟.
إلى ذلك، فإن إحدى مراحل إعادة التأهيل الأولية، هي إرسال السجين بعد إطلاق سراحه بانتهاء مدة محكوميته أو خروجه بعد خصم ثلث الفترة إلى "نُزُل" أو "هوستيل" حسب المصطلح المستخدم، وينتشر في البلاد 7 بيوت كهذه، يقيم فيها السجين لفترة سنة ويزاول عملا خارجه ويعود للمبيت فيه، وهذا عدد بيوت لا يكفي بشكل عام.
إلا أن الأزمة تستفحل عند العرب، فعلى الرغم من نسبتهم فإن لهم هوستيل واحد، بامكانه أن يأوي 14 سجينا فقط، وعلى قائمة الانتظار بشكل دائم 20 سجينا، عدا عن عشرات السجناء الذين يواصلون بقاءهم في السجن لأنه ليس لهم مكان في الهوستيل، بمعنى انهم لا يحظون بخصم ثلث المدة، ومن أجل "تخفيف" الضغط، كما تقول سهام سعيد من بيت النعمة في حيفا، وهو الهوستيل العربي الوحيد، فقد تم تخفيض مدة الاقامة إلى 9 أشهر بدلا من سنة لدى اليهود.

ميزانيات شحيحة رغم فائدة اصلاح السجناء
وعرض مسؤولو السلطة معطيات كثيرة عن فائدة اصلاح السجين واعادته إلى المجتمع ليكون مواطنا عاديا قادرا على الانتاج وممارسة حياة طبيعية، وهذه فائدة لا تقتصر على الجانب الانساني الاجتماعي الاساس، بل أيضا على اقتصاد المجتمع والاقتصاد بشكل عام، وحسب هذه المعطيات، فإن كل شيكل يوظف في اصلاح السجناء يعيد ثمرة اقتصادية عامل 30 شيكلا، وهذه المعطيات من المهم ذكرها لنعرف مدى العقلية التي تسيطر على السياسة الاقتصادية التي لا تأبه بالنتائج اللاحقة وانما بالصرف المباشر.
فعلى الرغم من المعطيات المثبتة فإن الميزانية العامة لسلطة تأهيل السجناء هي 14 مليون شيكل فقط، في حين أن ما تصرفه الدولة على مصلحة السجون سنويا 2,2 مليار شيكل، من بينها 250 مليون شيكل لاعادة التأهيل داخل السجون.
وتقول المعطيات، إن 62% من السجناء الجنائيين يعودون إلى دائرة الجريمة والى السجن بعد اطلاق سراحهم، ولكن هذه النسبة تهبط إلى 10% لدى من تتم معالجتهم في سلطة التأهيل في الهوستيل، و16% لمن يتلقون اعادة التأهيل في السلطة ولكن من خلال تواجدهم في المجتمع، بمعنى أن زيادة قدرة السلطة على استيعاب عدد اكبر من السجناء سيخفض النسبة العامة لعودة السجناء الجنائيين إلى دائرة الجريمة.
ولهذا ليس صدفة أن المعطيات الرسمية تشير إلى أنه في حين ان نسبة العائدين إلى دائرة الجريمة تنخفض سنويا في الدول المتطورة، فإنها في إسرائيل تواصل ارتفاعها، ومنذ العام 2007 وحتى العام 2009 ارتفعت النسبة من 58% إلى 62%.

جرايسي: معطيات تضي ضوءا أحمر
وفي كلمته أكد رئيس اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية، رئيس بلدية الناصرة، أن هذه المعطيات مقلقة وخطيرة، ويجب ان تضيء ضوءا أحمر أمام الجهات المعنية، وقال إن القانون القائم الذي يقضي بأن تمول السلطات المحلية وظيفة المركز لمتابعة قضايا تأهيل السجناء هو قانون مجحف بحق السلطات المحلية في البلدات التي فيها اوضاع اقتصادية متدنية، وفي هذا المجال الغالبية الساحقة جدا من السلطات المحلية العربية.
وقال جرايسي، إن ما هو معروف إنه حيث تنتشر الأوضاع الاقتصادية الاجتماعية السيئة، تكون نسبة الجريمة أعلى، ولهذا فإن هذه البلدات تتلقى الضربات مضاعفة، إن كان من الجانب الاقتصادي، أو من جانب معالجة الظواهر السلبية التي تنتج عن هذه الأوضاع.

بركة يطلب برامج عينية وبحثها
وفي كلمته التلخيصية للجلسة قال النائب محمد بركة، إن نسبة الجريمة المرتفعة في المجتمع العربي مقلقة، ونحن لا نسعى إلى اخفاء الحقيقة أو البحث عن تبريراتها، فالمطلوب من المجتمع كمجتمع يجب ان ينفذ، ولكن من ناحية أخرى لا يمكننا تجاهل أسبابا موضوعية تساهم بشكل جدي ومباشر في رفع هذه النسبة.
وقال بركة، إن أول هذه النسب هو الأوضاع الاقتصادية الاجتماعية السيئة التي هي نتاج سياسة تمييز عنصري، كذلك فإن هناك انطباعا بأن جهات تطبيق القانون ليست حازمة في مهمة اقتلاع الجريمة طالما هي في داخل الشارع العربي، ويضاف إلى هذا، أن ارتفاع نسبة العرب في السجون يعود إلى ما أقرته أبحاث أكاديمية، من سياسة تمييز واضح في جهاز القضاء، فالأحكام التي تفرض على العرب تشكل أضعاف ما يفرض على اليهود في نفس التهمة، وكذا الأمر بالنسبة للإدانات.
وأضاف بركة في ما يتعلق بالتقرير والمعطيات الواردة، وقال مما لا شك فيه أن العقلية التي تسيطر على السياسة الاقتصادية في البلاد متحجرة إلى هذا الحد، فهي تنظر إلى الصرف المباشر دون الأخذ بالحسبان المردود الاقتصادي وليس فقط الاجتماعي في قضايا الرفاه والخدمات الاجتماعية، وما ورد هنا هو خير دليل.
ولخص بركة الجلسة بدعوة الحكومة إلى إعادة النظر بشكل جذري في ميزانية سلطة تأهيل السجناء، والى مساعدة السلطات المحلية العربية كي يكون بقدرتها تعيين مركزين لمتابعة قضايا التأهيل، كذلك طلب النائب بركة من سلطة التأهيل وممثلي وزارة الصناعة والتجارة، وإن أمكن اتحاد الصناعيين واتحاد الغرف التجارية، لوضع برنامج عيني لرفع مستوى تأهيل السجناء، على أن يتم عرضه لاحقا على لجنة مكافحة المخدرات والإدمان على الكحول لبحثه.