الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 27 / أبريل 22:02

الطبيب سائق التاكسي- بقلم: سبأ رياض هبرات-كفركنا

كل العرب
نُشر: 23/06/10 12:40,  حُتلن: 14:44

سافر نبهان إلى رحلة عمرة وحطت طائرته في جدة واضطر لطلب تاكسي أجرة ليقله إلى مكة المكرمة .
وأثناء وقوفه في الموقف تقدم إليه شاب يافع تعلو على محياه البسمة، حسن الهندام وبكل أدب بادره السلام ثم قال:- عمي الحاج هل ترغب بسيارة توصلك إلى مكة؟ فقال نبهان نعم وبكل أدب حمل الحقائب ووضعها في السيارة وتوجها إلى بيت الله الحرام.
وكما هو المعتاد في الأسئلة التقليدية بين السائق والمسافر ما اسمك ,بلادك ,عملك .ومن خلال الحديث علم نبهان بأن سائق التاكسي يتعلم في كلية الطب وهو في سنته الأخيرة.
فسأله نبهان وكيف ذلك طالب الطب ويعمل سائق تاكسي ,فأجابه الطالب السائق المؤدب يا حاج قصتي طويلة وسنصل مكة وان سردت لك قصتي لن انته من سردها خلال النصف ساعة ,فأصر نبهان ان يحل اللغز وطلب من الطبيب ان يسرد له القصة.
فقال السائق الطبيب كنت مبعوثا متميزا لدراسة الطب في إحدى جامعات تكساس بالولايات المتحدة الأمريكية وأمضيت ست سنوات هناك تقريبا ولم يتبق سوى التطبيق ثم سنة الامتياز وفي تلك السنة حدثت حادثة مفجعة لأغلب أفراد أسرتي .
والحمد لله على كل حال ثم استرسل قائلا: أظنه لا يخفى عليك حادثة الباخرة المصرية التي غرقت في مياه البحر الأحمر (عبارة السلام). كان أهلي جميعا على متن تلك الباخرة حيث كانوا متوجهين في رحلة علاجية لوالدتي في مصر والحمد لله على قضائه وقدره فقد استشهد أهلي جميعا حيث انتقل الى رحمة الله والدي ووالدتي وثلاثة من إخوتي واثنتان من أخواتي ولم ينج سوى أخي عادل الذي كان عمره حينها السنة والنصف وأختي هند التي تكبره قليلا ذات السنوات الأربع .
كنت حينها في الخارج في آخر سنة دراسية لي ولكنها إرادة المولى ,فتلقيت الخبر من أقاربي فحزمت حقائبي وتركت كل شيء وعدت لترتيب أمور إخوتي فلقد أصبحت في غمضة عين مسئولا عن طفلين يتيمين .
بدأت اعد العدة لتولي رعاية إخوتي وكنت مصرا على ألا يتولى رعايتهما غيري حيث سئمت من بقائهما بين أقاربي .
واجهت صعوبة بالغة لرعاية هذين الطفلين لاسيما أنهما لا يزالان في سن الطفولة وكوني لم أتزوج بعد زاد من تلك المعاناة، فقررت الزواج لأتمكن من رعايتهما.. بدأت ابحث وخصوصا أن الاختيار لم يكن سهلا ومن التي ستقبل بان تكون أما لطفلين .
فتذكرت كلمات أبي وهو يمازحني أثناء إجازاتي في العطل الجامعية قائلا زوجتك جاهزة تنتظر الطبيب كي يعود, وكان يقصد ابنة صديق له كان يحبه .
فكرت واستخرت واستشرت أقاربي فأقدمت متوكلا على الله لاسيما أني اعتبرت أن هذا الزواج تحقيقا لرغبة والدي فلعله يكون برا بوالدي بعد موته وصلة بمن يحب ,
وذات ليلة زرت صديق والدي في بيته كي أستشيره وقبل أن أتقدم رسميا لطلب يد ابنته فأجابني مباشرة قائلا يا بني لن تجد ابنتي شابا خيرا منك ليكن موعدنا غدا زرني غدا مع بعض أقاربك لخطبة ابنتي .
فحضرت أنا وبعض أعمامي إلى منزل صديق والدي ورحب بنا في بيته أجمل ترحيب وقد لفت نظري وجود رجل في مجلسه يظهر على سماته الصلاح لا نعرفه ولم يعرفنا به .
بعدما تحدثنا قليلا وأخبرناه برغبتنا قال توكلنا على الله والتفت إلى يمينه قائلا لذلك الرجل تفضل يا شيخ اكتب عقد النكاح، أي أنه اعد العدة لعقد الزواج في حينه واحضر المأذون .
تفاجأت حيث لم أكن مستعدا نفسيا وماديا فبادرني والد البنت قائلا خير البر عاجلة وبدأ المأذون بكتابة عقد النكاح فسألني عن الصداق فتلعثمت قليلا حيث لم أرتب نفسي ففاجأني والد البنت مرة أخرى (ولن أنساها ما حييت) فقال اخرج محفظتك يا بني، كم فيها من المال، فأخرجتها ووجدت فيها مائة ريال فقال والد البنت ذاك صداق ابنتي هذا هو مهرها فكتب ذلك في العقد .
قبل أن ينتهي المأذون من كتابة العقد التفت الى والد العروس وقال الديك شروط يا ولدي قلت: ابعد كل هذا الإحسان والكرم من والد زوجتي أتراه يكون لدي شروط .
ففاجأني والد العروس للمرة الثالثة قائلا بل لديك شرط ويجب ان يكتب ذاك وهو أن تقوم ابنتي بتربية ورعاية أخويك الصغيرين .
تزوجت وأنا سعيد وتقدمت للجامعة لإتمام سنة الامتياز في احد المستشفيات هنا، والآن أحاول أن أحسن وضعي المادي بان اعمل كسائق سيارة أجرة في أوقات الفراغ. كنت دوما موقنا "إن مع العسر يسرا" وان الفرج مع الصبر .
ليتنا نعتبر من أحداث القصة وان نتق الله في أنفسنا وفي أولادنا وبناتنا ,فكان سائق التاكسي نعم طبيب المستقبل,وعروسه حورية من حواري الجنة ,وعمه ابو زوجته كان له عوضا عن أبيه الشهيد .
وللجميع لا تنسوا زيارة المسجد الأقصى

مقالات متعلقة