الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 27 / أبريل 11:02

في ذكرى النكسة..مرتكزاتنا لمشروع اقتصادي وطني عصري- بقلم: لؤي المدهون

كل العرب
نُشر: 07/06/10 11:50,  حُتلن: 08:07

- لؤي المدهون في مقاله:

*  لا ولن ننتقص من أهمية الدور السياسي والدبلوماسي في انجاز الاستقلال الوطني كونه الأساس في نجاح وإنجاح اقتصاد وطني مستقل

* من أجل اقتصاد وطني لا بد من ضبط الإنفاق الحكومي الجاري، وإعطاء أولوية للإنفاق في مشاريع البنية التحتية والخدمات العامة، وتوجيه المعونات والقروض

عمدنا منذ سنوات طويلة هي من عمر السلطة الوطنية الفلسطينية مع العديد من الرفاق والشخصيات الوطنية والمجتمعية من أجل إيجاد برنامج وطني من أجل تحقيق الاستقلال الوطني بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، من خلال البناء على صعيد الجبهة الداخلية والذي لن يكون إلا بإقامة مجتمع ديمقراطي عصري يمتلك أسباب ومقومات الحداثة بوصفه رافعة للمجابهة مع الاحتلال.

إن مرتكزاتنا التي نصبوا إلى تحقيقها هي مرتكزات لا يمكن فصلها عن عملية النضال والتحرر كونها تتداخل بشكل مباشر بالنضال الوطني حيث تتمثل هذه المرتكزات بالبناء الديمقراطي والبناء الاجتماعي وبناء اقتصاد وطني مستقل يتجه نحو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، والذي نرى فيه نهجا أكثر ايجابية من الحديث والمناورات والمشاريع السياسية التي ترتكز في بنيتها الأساسية على الوقوف على الأطلال، وإحياء ذكرى النكبات والنكسات بفعاليات داخلية محلية تستذكر بها الآلام والجروح ومن ثم البحث عن ذكرى أليمة أخرى ليجتمع المنتفعون لإعداد الفعاليات والبيانات احياءا لذكراها، لذا كان لنا في ذكرى إحياء النكسة هذا العام وقفة مع الذات وقفة برؤية ايجابية تعتمد على النهوض بمؤسسات الدولة الفلسطينية والعمل على إرساؤها لإنهاء ما يسمى بالنكسة بإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967م ومن ثم العمل وفق مشروع وطني أخر يطمس من سجلات التاريخ ما يسمى بالنكبة .

إننا في مقالنا هذا لا ولن ننتقص من أهمية الدور السياسي والدبلوماسي في انجاز الاستقلال الوطني كونه الأساس في نجاح وإنجاح اقتصاد وطني مستقل يملك مقومات النمو الداخلية وتحقيق معدلات نمو عالية تخفف تدريجيا الاعتماد على المعونات والمساعدات الخارجية، وتسير بأفق اقتصاد لدولة مستقلة، الأمر الذي يتطلب فك الارتباط ما بين الاقتصاد الفلسطيني والإسرائيلي لإنهاء حالة التبعية، ويحتم ضرورة إنهاء العمل باتفاق باريس الاقتصادي، ورفض الاتحاد الجمركي مع دولة الاحتلال، والذي لن يكون إلا عبر القنوات السياسية الدبلوماسية التي تربطها علاقة تكاملية مع عملية البناء الاقتصادي المستند إلى خطة وطنية للتنمية؛ تكفل إنشاء بنك مركزي فلسطيني وإصدار عملة فلسطينية، وإتباع سياسة رقابة وإشراف فعالة وكفؤة على القطاع المالي والمصرفي وقطاع التأمين، وذلك بهدف المحافظة على الثروة الوطنية وتوجيهها نحو الاستثمار الداخلي والحد من استثمارها في الخارج وبغرض توفير التسهيلات الائتمانية الضرورية للقطاعات الإنتاجية المختلفة، خطة تكفل حرية الاقتصاد والمبادرة الفردية في نطاق التخطيط العام للدولة، وبما يضمن تحقيق العدالة الاجتماعية ومعالجة المشكلات والأعباء الاقتصادية والمعيشية للعمال والفئات الفقيرة وذوي الدخل المحدود، وذلك من خلال توفير الظروف الملائمة لنمو وتطور مختلف القطاعات الاقتصادية العامة والخاصة والمشتركة، وفق خطة وطنية اقتصادية تعتمد التكامل والتنسيق بين هذه القطاعات.

من أجل اقتصاد وطني لا بد من ضبط الإنفاق الحكومي الجاري، وإعطاء أولوية للإنفاق في مشاريع البنية التحتية والخدمات العامة، وتوجيه المعونات والقروض الخارجية لتحقيق هذه الأهداف، ووضع حد للاقتراض الحكومي لقروض قصيرة الأجل، وتقليص الجهاز الإداري الحكومي المتضخم وتحويل فائض الموظفين إلى المشاريع التنموية، والاكتفاء بجهاز كاف للخدمات الأساسية بأقل التكاليف، وإخضاع هذا الجهاز للرقابة الشعبية، والعمل على بناء الوزارات والهيئات والأجهزة ذات الصلة بعملية التنمية، وإنهاء حالة التداخل والتضارب والفوضى الإدارية، واعتماد سياسة إدارة اقتصادية تهدف إلى استقطاب الكفاءات والخبرات الفلسطينية المحلية ومن الخارج، بعيدا عن الفئوية السياسية والمصالح التنظيمية الضيقة، ووضع آليات وأنظمة تكفل تكافؤ الفرص في الوظائف الرسمية للموظفين، بما في ذلك أنظمة اختيار واضحة وصريحة تحول دون المحاباة أو المحسوبية، ووضع قوانين للمحاسبة ضد أية مظاهر للفساد والرشوة واستغلال النفوذ.

إن تنمية الاقتصاد الوطني يتطلب خلق المناخ الملائم لتنشيط وتطوير الاستثمار والقطاع الخاص، وبالتحديد القطاعات العاملة في مجالي الإنتاج والتصدير، الأمر الذي يتطلب وقف السياسية العشوائية التي تؤدي إلى زيادة نزعة الاستيراد والصفقات التجارية على حساب دعم وتشجيع الإنتاج الوطني، ووقف استخدام أجهزة السلطة للتدخل في فرص التنافس، وسن القوانين والتشريعات التي توفر مناخا مستقرا وديمقراطيا لعملية الاستثمار بهدف جذب المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال الفلسطينيين في الخارج والذين أبدى العديد منهم حماسا كبيرا للمساهمة في عملية إعادة إعمار الوطن وفقا لبرنامج الحكومة الثالثة عشر برئاسة الدكتور سلام فياض ، وذلك بتوفير المناخ الاستثماري والإداري المناسب، والمناخ السياسي الديمقراطي الملائم لجذبهم وتعزيز شعورهم بالانتماء الوطني، وإيجاد آليات ملائمة تتيح لهم المشاركة في رسم السياسة الاقتصادية الفلسطينية.

إن إنعاش الاقتصاد الوطني الفلسطيني يكمن في في إيلاء الصناعة الوطنية اهتماما خاصا، الأمر الذي يشكل مفصلا من مفاصل التنمية الاقتصادية ذات المضمون الاجتماعي، والتي تأخذ بعين الاعتبار مصلحة طرفي عملية الإنتاج "العمال وأصحاب العمل"، ولا تحمل عبْ التنمية على طرف دون الأخر، وتوسيع وإقامة الصناعات الصغيرة لتلبية احتياجات السوق المحلي وتعتمد بشكل أساسي على المواد الأولية المحلية وتساهم في التشغيل وإيجاد فرص عمل جديدة، وخلق المناخ الاستثماري لإقامة وتوسيع الصناعات المتوسطة والكبيرة القادرة على تأمين سلع بديلة للسلع المستوردة وخاصة الإسرائيلية، وفي ذات الوقت لديها إمكانية للمنافسة في أٍسواق الدول المحيطة، وإقامة المدن والمناطق الصناعية بالاعتماد على الموارد الفلسطينية ودعم الدول المانحة وعدم إخضاعها للقيود الإسرائيلية، وإقامة بنك وطني للإنماء الصناعي.

إن اقتصاد وطني مستقل يتطلب استعادة السيطرة الفلسطينية على كامل حصتنا من البحر الميت وثرواته، ووقف النهب الإسرائيلي للأحواض المائية الفلسطينية ولمياه نهر الأردن، وذلك كي تتمكن الدولة الفلسطينية من تلبية احتياجات الزراعة والصناعة والخدمات الأساسية والاستهلاك المنزلي، وإقامة محطات لتنقية المياه العادمة لاستخدامها للري الزراعي ومن أجل المحافظة على البيئة.

لا بد من تحقيق استقلالية قطاع الطاقة من خلال بناء محطات لتوليد الطاقة الكهربائية، وبناء منظومة كهربائية فلسطينية، والسيطرة على جميع الشبكات وخطوط الضغط العالي وتطويرها وتوسيع خطوط التوزيع للأنظمة الكهربائية لسد الحاجات الداخلية المتنامية، وربط الشبكة الفلسطينية بالشبكة الإقليمية للدول العربية المجاورة، وفك التبعية الكهربائية مع شركة الكهرباء القطرية الإسرائيلية، وتحقيق استقلالية قطاع المحروقات ببناء مصفاة نفط وطنية وباستيراد النفط من الدول العربية.

إن إنعاش اقتصادنا الوطني يتطلب إيلاء أهمية خاصة للقطاع السياحي وذلك بتطوير بنيته التحتية وتنفيذ المشاريع المختلفة في مجال بناء الفنادق والمؤسسات السياحية المختلفة، والحفاظ على الأماكن التاريخية والأثرية وترميمها وصيانتها وتأميمها، والتوسع في الحفريات والبحث عن الآثار ومحارة سرقتها وتسريبها والمتاجرة بها والعمل على استرداد من سلبته قوات الاحتلال خلال احتلالها للأراضي الفلسطينية، والعمل على إقامة شبكة من المتنزهات والحدائق والمرافق السياحية وتشجيع السياحة الداخلية، وتوعية وتعريف الأجيال الشابة بأهمية الكنوز الأثرية والسياحية في فلسطين.

وكان لا بد لنا في نهاية مقالنا أن نعرج على حل مشكلة السكن المتفاقمة بإقامة مشاريع إسكان صحية ورخيصة الكلفة ليتسنى للفئات الشعبية ومحدودي الدخل الاستفادة منها، وتقديم قروض إسكان ميسرة وطويلة الأجل للمستحقين لإقامة بيوتهم الخاصة في المدينة والقرية على حد سواء، وإعادة النظر في المخططات الهيكلية للمدن والقرى بغرض توسيعها وتطويرها وفقا لاحتياجات التطور الاقتصادي والتوسع العمراني لمواطنيها وبما يتلائم مع الحفاظ على البيئة.

مقالات متعلقة