الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 06 / مايو 03:02

معامل تكرير الأمم المتحدة- جوني منصور

كل العرب
نُشر: 01/06/10 12:50,  حُتلن: 17:58

- جوني منصور :

*الأمم المتحدة تعمل كمعامل التكرير لاستخراج ما تريده مناسبًا لسياسات اسرائيل والولايات المتحدة

* جريمة أخرى ترتكبها المؤسسة الاسرائيلية بشقيها السياسي والعسكري باعتدائها الارهابي على قافلة اسطول الحرية

* الموقف التركي السياسي بوصوله إلى أروقة الأمم المتحدة مر في معامل تكرير الأمم المتحدة التي تشرف عليها وتسيرها وتدير شؤونها

* قرارات الإدانة الصادرة عن الأمم المتحدة ما هي إلا حبر على ورق ولا قيمة لها وتنفع للتوثيق الورقي، ولمنح الأنظمة العربية وصفة طبية تريحهم نفسيًّا وضميريًّا

تعتبر عدد من الدول في العالم وبينها كل الدول العربية أن منظمة الأمم المتحدة ساحة بارزة لعرض شكاواها وقضاياها المصيرية، وأن هذه المنظمة ميدان جيد لإظهار التزام هذه الدول بالشرعية الدولية وما يتبعها من سلوكيات ديبلوماسية. وها هي جريمة أخرى ترتكبها المؤسسة الاسرائيلية بشقيها السياسي والعسكري باعتدائها الارهابي والجنوني على قافلة اسطول الحرية وكسر الحصار عن غزة الذي فرضته اسرائيل ببركة راعي السلام الأكبر الولايات المتحدة وبدعم خفي من عدد من الدول العربية. هنا جاء دور منظمة الأمم المتحدة في عرض ما لديها من وسائل لمعالجة هذه الجريمة. فتقدمت تركيا ومجموعة الدول العربية في مجلس الأمن التابع للمنظمة المذكورة بطلب عقد جلسة طارئة للتداول في اتخاذ قرار حاسم ومصيري بالنسبة للجريمة وبالنسبة للوضع الراهن في المنطقة في بعض جوانبه.
وكان خطاب وزير خارجية تركيا أحمد اوغلو في معظم فقراته قاسيا ومليئا بالتهم التي كالها للطرف الاسرائيلي، إنما خفف من لهجة العقوبات التي من المفروض في مثل هذه الحالة فرضها على اسرائيل، بحيث اكتفى بأن تقوم اسرائيل بالاعتذار لذوي الضحايا، وأن تشكل لجنة تحقيق حيادية. الموقف التركي السياسي بوصوله إلى أروقة الأمم المتحدة مر في معامل تكرير الأمم المتحدة التي تشرف عليها وتسيرها وتدير شؤونها وتمولها إدارة البيت الأبيض كجزء من الظهور في العالم بمظهر قائد اللعبة الدمقراطية المهيمنة اليوم على سياسيي العالم والتي تحاول الولايات المتحدة تسويقها بكل ثمن.
المشكلة ليست في جرأة تركيا عبر مندوبها أو وزير خارجيتها، إنما في حسابات سياسية بدأت كل دولة تعمل وفقًا لمصالحها فيما لو مالت إلى التشديد من الشجب والاستنكار.
ومقابل هذا، فإن عدم قيام الأمم المتحدة بفرض عقوبات على اسرائيل الطرف الأساس في الاعتداء على سفن الحرية، لهو إشارة قوية وعلامة مركزية للدول العربية أن الأمم المتحدة تعمل كمعامل التكرير لاستخراج ما تريده مناسبًا لسياسات اسرائيل والولايات المتحدة. إن التردد العربي في اتخاذ خطوة حاسمة وقوية تجاه تعنت اسرائيل وقياداتها السابقة والحالية لهو دليل قاطع على أن ساحة الأمم المتحدة هي أفضل مكان لتبرئة اسرائيل مما تقوم به ضد الشعب الفلسطيني، وأن العرب بإمكانهم اللجوء إلى هذه المنظمة متى شاؤوا فأبوابها مفتوحة أمامهم، ولكن قراراتها لن تخرج من هذه الأبواب إلا بعد أن تمر مراحل تكرير. والنتيجة تبييض صفحة اسرائيل وإلقاء اللوم والمسؤولية على الأطراف الأخرى عربية كانت أو تركية كما هو الحال في مثل هذا الوضع.
وكل من يتتبع مسيرة نشؤ ونمو وتطور الأمم المتحدة ليلحظ أن وجودها مرهون برضا وقبول وموافقة الولايات المتحدة، وأن اللعبة السياسية في هذه المنظمة تتحكم بها الولايات لمتحدة وبعض الدول الاوروبية وليس في كل المجالات. ويمكن فحص ذلك ابتداء من قرار التقسيم من العام 1947 والذي تم شراء أصوات دول أعضاء في المنظمة للتصويت إلى جانب اتخاذه، وذلك لصالح المشروع الاستعماري الصهيوني(وقد كشف النقاب قبل أسابيع عن هذه الصفقات مؤرخ اسرائيلي امتلك في السابق ضميرًا حيًّا، واسمه بيني موريس)، وانتهاء بقرار الإدانة من الأمس. كل قرارات الإدانة لم تتجرأ بفرض عقوبات على اسرائيل. الولايات المتحدة بفعل حقها في استخدام حق النقض الفيتو تعرقل قرارات الإدانة القاسية، وما بالكم إذا احتوت القرارات عقوبات؟
من هنا ندرك أن قرارات الإدانة الصادرة عن الأمم المتحدة ما هي إلا حبر على ورق ولا قيمة لها وتنفع للتوثيق الورقي، ولمنح الأنظمة العربية وصفة طبية تريحهم نفسيًّا وضميريًّا، بأنهم فعلوا شيئًا من أجل القضية الفلسطينية. إلى الآن لم تتجرأ دولة عربية منفردة أو مجموعة من الدول العربية في طلب عقد جلسة خاصة للأمم المتحدة لفك الحصار حالاً وسريعًا وفتح المعابر في غزة. وإن ذكِر الموضوع فهو لا يرقَ إلى درجة فرض عقوبات في حال رفض اسرائيل الانصياع إلى قرارات الأمم المتحدة.
لذا، بات على الدول العربية أن تدرك أن ساحة الأمم المتحدة هي للتسلية السياسية ولعرض كلامي فقط وتسجيل مواقف، بينما الحاجة إلى بناء استراتيجية أشد واقوى في التعامل السياسي والعسكري مع اسرائيل. هل يطلع صباح جديد حاملاً معه هذا التمني؟!
 

مقالات متعلقة