الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 05 / مايو 22:02

الهستيريا تجتاح اسرائيل- بقلم: د.جوني منصور

كل العرب
نُشر: 03/06/10 13:46,  حُتلن: 14:41

- د.جوني منصور في مقاله:

* المؤسسة الاسرائيلية وشرائح واسعة من المجتمع الاسرائيلي مصاب بلوثة من عوارض الهستيريا الاخلاقية

* الاعلام الاسرائيلي تجند لا ليقوم بمهمته المهنية بقدر ما أن يكون موجها لتحركات السياسة داخل اسرائيل ومؤسساتها

من الواضح أن المجزرة المخطط لها والتي ارتكبتها اسرائيل بحق دعاة فك الحصار عن غزة قد اصابت العالم بأسره في صميمه. ومن الواضح أيضا أن هذه المجزرة قد أصابت المجتمع الاسرائيلي في صميمه. ولكن شتّان ما بين الاصابتين. فالأولى إصابة لحاملي رسالة سلام وعدل واستقامة، بينما الثانية لحاملي روح عدوانية وتوجهات دموية. وكان المجتمع الاسرائيلي قد استفاق يوم الاثنين الماضي على مجزرة ارتكبتها مؤسسته السياسية والعسكرية. والمجزرة هذه تندرج في سلم المجازر التي ارتكبتها اسرائيل بحق الشعب الفلسطيني والعرب عبر العقود الستة الأخيرة على الأقل، إضافة إلى مسلسل الجرائم التي ارتكبتها العصابات الصهيونية قبل العام 1948. ومن الثابت أن المجتمع الاسرائيلي غائص حتى أنفه بالتربية العسكرية وأسس المجتمع المُعسكر. والقرارات التي تصدر عن قيادات اسرائيل ليست فقط سياسية إنما عسكرية هي أيضا، ولا يختلف اثنان في هذا الشأن.
أما ما رشح عن المجزرة من سلوك وتصرفات قام بها قياديو وإعلاميو اسرائيل فهو الهستيري في صميمه. فرئيس الحكومة نتنياهو والذي تلكأ في عرض وجهة نظره، لم يُقدّم اعتذار حكومته وبلاده لحكومة تركيا وشعبها، بل إنه كال التهم يمينًا ويسارًا، مشيرًا إلى أن العالم منافق، وأن اسرائيل وشعبها ملاحقين وأن ما قام به جنود اسرائيل هو في عينه الدفاع عن النفس، حتى لو كان ذلك في عرض البحر وهو بالعُرف الدولي قرصنة. إنما بلغت الهستيريا الاسرائيلية أن مصطلحات كالقرصنة غير مستعملة مطلقًا في قاموس المؤسسة الاسرائيلية، وأن قتل ابرياء هو شرعي وطبيعي في حدود تعريفاتها بالدفاع عن النفس. إن مصدر هذه الهستيريا ان اسرائيل ما زالت تتعامل مع العالم من منطلق القوة والعنف كأسلوب في تثبيت وجودها، ناسية أو متناسية أن عالم القرن الحادي والعشرين لم يعد يحتمل هذا السلوك بالمطلق.

الاعلام الاسرائيلي
وتجند الاعلام الاسرائيلي لا ليقوم بمهمته المهنية بقدر ما أن يكون موجها لتحركات السياسة داخل اسرائيل ومؤسساتها، وإلى الترويج المضلل لسياسات واساليب يقترحها لمعالجة قضايا وشرائح مجتمعية وعلى رأسها كيفية معالجة الاقلية الفلسطينية في اسرائيل. وهنا، وفي مجال عوارض الهستيريا التي لحقت باسرائيل هذا الأسبوع انضمت جوقات الإعلاميين الاسرائيليين المجندين لخدمة المشروع السياسي للحكومة الاسرائيلية إلى المروجين لفكرة أن اسرائيل وشعبها وأمنها مستهدفين من قبل العالم أجمع ومن خلال اسطول الحرية بالذات.
أما العارض الهستيري الثالث الذي أصاب اسرائيل فكان في قدس أقداس الدمقراطية الاسرائيلية التي تتبجح المؤسسة الاسرائيلية بكونها الوحيدة والفريدة من نوعها في الشرق الاوسط. قامت هذه المؤسسة ـ الكنيست ـ بكشف عورتها وعيوبها عندما انطلقت زخّات من الشتائم والإهانات والتهديدات والمواقف البذيئة من قبل أعضاء يمينيين متطرفين نحو النائبة حنين زعبي التي قامت بواجبها الانساني والوطني تجاه شعبها المحاصر ومن خلال قنوات إنسانية وشرعية وعادلة. إن الهستيريا التي طغت على معبد الدمقراطية تحمل مجموعة من الدلالات على ارتباك المؤسسة وعلى تدني المستوى الاخلاقي والسلوكي لشلة من المتطرفين الذين استولوا على الكنيست الحالية وحولوها إلى رهينة لتوجهاتهم العرقية والعنصرية، إذ لا يمضي أسبوع إلا ويطرح قانون عنصري ضد الفلسطينيين في اسرائيل.
الخلاصة في هذا المجال، ان المؤسسة الاسرائيلية وشرائح واسعة من المجتمع الاسرائيلي مصاب بلوثة من عوارض الهستيريا الاخلاقية أولاً والتي يصعب علاجها بالطرق التي كانت مألوفة سابقًا، وتبدو واضحة الحاجة إلى منهجية اقليمية وعربية وعالمية لمعالجة سلوك اسرائيل ووضعها تحت طائلة القانون الدولي، وذلك بإحكام الطوق حولها لتنصاع إلى الشرعية الانسانية والدولية فيما أرادت ذلك.

مقالات متعلقة