الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 06 / مايو 03:02

نتشاجر كالصغار لكننا لا نحسن التصالح مثلهم، بقلم: وليد فريج

كل العرب
نُشر: 04/05/10 16:12,  حُتلن: 14:49

* نحن  جاهدين لاستنفاذ طاقاتنا وإمكانياتنا لتعمير حياتنا وبناء مستقبل أفضل لأبنائنا ومجتمعنا . من خلال تعظيم القيم

 * سباق على التعالي والاستكبار وأصبحت القيم في عرفنا وقاموسنا تنازل واستخفاف وسذاجة فأين الغرابة في أن يحل الشجار بفنائنا ومن حولنا

غريب هذا الزمان الذي هو قدرنا أن نعيش فيه ، لنرى كيف تبدلت أحوالنا وانقلبت رأسا على عقب، وبتنا في حيرة من أمرنا ، وعمت الفوضى وتجلت في كل تحركاتنا وسلوكياتنا . حتى كدنا نؤمن أننا لا نحسن ولا نتقن أي شيء وهكذا رويدا رويدا أضعنا طريقنا ، وانعدمت الأهداف وضاعت القيم في حياتنا ، وبتنا ننشغل في المظاهر البراقة ورغد العيش . فأصبح اكبر همنا التلذذ في اختيار أطيب الطعام ، والاستعداد لرحلة تعقبها رحلة أخرى ، ولا عجب بعد ذلك في أن تسوء أحوالنا ويحل الضيق والضنك والهم بفنائنا عند ذلك نتجرع مرارة العيش التي أصبحت تلاحقنا ، حيثما ذهبنا وفي كل مكان حللنا . في بيوتنا وأحيائنا ومدارسنا ، وبدل أن ننشغل في صنع حياة سعيدة لنا ولأهلنا وأبنائنا ومن جاورنا.
في أن نسعى جاهدين لاستنفاذ طاقاتنا وإمكانياتنا لتعمير حياتنا وبناء مستقبل أفضل لأبنائنا ومجتمعنا . من خلال تعظيم القيم التي نؤمن بها ، والأهداف التي تجمعنا ونتعاون لتحقيقها . بدل كل ذلك وإذا بنا نتراجع وننحدر ونهوي في واد من سفاسف الأمور وصغائرها ، وأصبحنا على استعداد للخوض في قضايا هامشية وعبثية حتى لو أخذت منا جل وقتنا . أصبحنا نتخاصم ونتشاجر لأقل موقف أو كلمة أو حتى نظرة قد تفسر على أنها ازدراء واحتقار وعدم اعتبار،وقطعت الأرحام والأوصال ويدخل الوسطاء من أصحاب الخير ليصلحوا الحال ، ولكن دون جدوى فشجارنا إن وقع وان كان تافها سيطول به المقام ، وعقود من الزمان لن تغير الأحوال ، وأصبح من المحال الجمع بين خمسة من الإخوان والخلان الذين كانوا بالأمس القريب يجمعهم الحب والصداقة والعرفان . إذا قل نحن أصبحنا كالصغار، في كل لحظة قد يتشاجرون ولصغائر الأمور هم متخاصمون ، لكنهم على الأقل يحسنون فن التصالح بلا ضغائن ولا تأويل ولا ظنون . أما نحن الكبار فلنا في كل يوم شجار. في العمل في البيت أو في الحي أو في المدرسة، فقدنا روح التعامل وفن التسامح . نفسر الكلمة ونغوص في الظنون ونعتبرها مقصودة للنيل من كرامتنا . بدرت من شخص كان بالأمس صديق حميم ، أو نظرة رمقني بها شخص مررت به فنالت من مشاعري، فهي في نظري مقصودة لازدرائي والتقليل من احترامي وهكذا دخلنا في دائرة ، ومتاهة من الحساسية المفرطة ، وكبرياء النفس الغير موزون بالعقل الراجح . فضاع عند ذلك حلمنا وقل صبرنا وبنينا لذاتنا هالة من القدسية ، التي لا نسمح لأحد بالمساس بها دونما اعتبار لمشاعر غيرنا . أنانية واعتبار وتقديس للذات وعدم الاستعداد للصفح والمسامحة والعفو لمن تجرئ فأهان ابن الأكرمين . نعم يمكن القول أن كل واحد منا يتسابق اليوم ليلبس عباءة ابن الأكرمين ، فهو سباق على التعالي والاستكبار وأصبحت القيم في عرفنا وقاموسنا تنازل واستخفاف وسذاجة فأين الغرابة في أن يحل الشجار بفنائنا ومن حولنا ، حيثما تحركنا . يصاحب سلوكياتنا ويتجلى حتى في مناسباتنا ومؤسساتنا . إذا لا شك أننا أصبحنا كالصغار نتشاجر يعلو صراخنا كلما جمعنا محفل أو مكان ، ولكن يطول بنا بعد ذلك الخصام والهجران لأننا لا نحسن التصالح والعفو، فقد أضعنا شيم السادة والكرام .
 

مقالات متعلقة