اسرائيل كفيلة بافشال مؤتمر الخريف في انابوليس

عشية انعقاد مؤتمر الخريف في انابوليس الذي دعت اليه الادارة الامريكية دعى التجمع الوطني الديمقراطي لعقد مؤتمر في الداخل الفلسطيني يهدف الى التأكيد على التمسك بالثوابت الفلسطينية التي تمسك بها المرحوم الشهيد ياسر عرفات في مؤتمر كامب ديفيد(2) وعدم التفريط باي من هذه الثوابت في مؤتمر انابوليس اذا ما عقد. هذا داخل الوطن، وفي الوقت ذاته فقد تداعت فصائل المعارضة الفلسطينية لعقد مؤتمر في دمشق ايضا للتصدي لمؤتمر الخريف في انابوليس. ان المراقب المتابع لتطورات الامور بكل ما يتعلق بمؤتمر الخريف كما يسمى يستطيع ان يجزم بفشل هذا المؤتمر قبل انعقاده او فيما اذا انعقد، لان الطرف الاساسي الذي من المفروض به ان يقدم التنازلات السياسية وعلى الارض وهو الطرف الاسرائيلي غير مستعد لذلك. وقد صرح رئيس كتلة فتح في المجلس التشريعي عزام الاحمد في مطلع هذا الاسبوع بأن المحادثات التحضيرية بين الوفدين الفلسطيني والاسرائيلي للتحضير لمؤتمر الخريف قد وصلت الى طريق مسدود بسبب التعنت الاسرائيلي.
وفي الحقيقة ومن المؤكد بان الولايات المتحدة وادارة بوش التي دعت لعقد مؤتمر الخريف هي في الاساس غير جادة بايجاد حل للقضية الفلسطينية، وانما لديها اجندة اخرى تندرج في التحضير لتوجيه ضربة عسكرية لايران. ولذلك هي تسعى لاقامة تكتل في الشرق الاوسط من دول عربية واسرائيل لدعم هذا التوجه الامريكي.
ولتعزيز تحقيق هذا الهدف فان ادارة بوش بحاجة الى تحقيق انجاز معين على الساحة الفلسطينية تقدمه هدية للانظمة العربية الموالية لها ولكسب ود الشعوب العربية من اجل تسهيل تنفيذ الضربة لايران. وعلى الرغم من ان اسرائيل هي اكثر المعنيين بل هي المحرك الرئيسي لتوجيه ضربة الى ايران فهي غير مستعدة لدفع اي ثمن مطلوب منها على الساحة الفلسطينية من اجل انجاح اقامة هذا التكتل الموالي لامريكا في المنطقة والموافق على توجيه الضربة لايران. لان اسرائيل ما زالت متمسكة بمبدأ " جني الثـّّمار بدون دفع اي ثمن " فهي تريد بل تسعى لتوجيه هذه الضربة لايران دون ان تدفع اي ثمن مقدما مع العلم بان اسرائيل ستدفع الثمن الاكبر من حيث الخسائر في حالة حدثت المواجهة لان ردة الفعل الايرانية على اي عدوان عليها سيوجه في الاساس ضد اسرائيل. ومن المؤكد بان اسرائيل سوف تخسر في هذه المواجهة خسارة كبرى لم تخسرها من قبل في اي حرب سابقة.
ان المتفحص للخارطة السياسية في اسرائيل وخاصة التركيبة الحزبية للكنيست يصل الى نتيجة ان هناك اكثرية عددية في الكنيست ضد اي تنازل يهدف الى اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. فاحزاب المعارضة اليمينية والدينية مثل الليكود واسرائيل بيتنا والاتحاد الوطني وأجودات يسرئيل تملك مجتمعه (36) عضو كنيست. ويضاف اليها من احزاب الائتلاف الحكومي حزب شاس (12) عضوا والمتقاعدين (7) اعضاء ليصبح المجموع (55) عضوا يضاف اليهم (20) عضو كنيست على الاقل من حزبي كديما والعمل ابرزهم ايهود وباراك وزير الدفاع رئيس حزب العمل ووزير المواصلات شاؤول موفاز ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني ووزير الامن الداخلي افي دختر وغيرهم كثيرون الذين يرفضون تقديم التنازلات المطلوبة لتحقيق تقدم على المسار الفلسطيني.
وفي المحصلة فان ما يزيد عن (75) عضو كنيست يرفضون تقديم مثل هذه التنازلات وهذه اغلبية ساحقة في الكنيست قادرة على افشال اي محاولة مما يسمى قوى الاعتدال داخل حكومة اولمرت وقادرة على اسقاط هذه الحكومة في الوقت المناسب.
وبناء على ذلك يمكن البتّ في ان مؤتمر الخريف ( انابوليس ) اذا ما عقد سوف يفشل في احداث اختراق سياسي حقيقي وربما سيكون هناك بعض الانجازات الاقتصادية واللفتات الانسانية هنا وهناك للطرف الفلسطيني لكن مثل هذه الانجازات لا تتطلب عقد مؤتمر دولي بل يمكن ترتيبها في اجتماع محلي في مدينة اريحا مثلا.
وبالتالي فلا داعي للقلق لان الطرف الاسرائيلي كفيل بافشال هذا المؤتمر كما اسلفنا او حتى بتعطيل عقده خاصة وان الطرف الفلسطيني المشارك ما زال يصر على قضية بحث القضايا النهائية ووضع سقف زمني لانهاء المحادثات وتطبيق الاتفاق وهذا ما يرفضه الطرف الاسرائيلي رفضا قاطعا لا هوادة فيه كما أن بعض الأطراف العربية تشترط لحضورها قبول اسرائيل بالجدول الزمني للحلّ النهائي وهذا ما ترفضه إسرائيل. ولهذا يمكن الجزم بان السلام لن يتحقق في عهد حكومة اولمرت الحالية المعرّضه للسقوط في اي لحظة ولا في عهد ادارة الرئيس بوش الحاقدة، التي بقي لها عام اخر على الاقل.