لبس: "فيلم نازك يقدم خدمة سياسية للمؤسسة الاسرائيلية وأعتبره فشلا ذريعا سجّل نتيجة لتشويه الفكرة بشكل ملحوظ

"اقولها لك وبشكل واضح ان الحركة الاسلامية ليست الوحيدة التي تطرح المواقف الوطنية على الساحة الاجتماعية والسياسية وحتى انها ليست القوة الأولى في هذا المضمار ولم تكن يوما كذلك حتى في السابق"

أراد اسامة لبس من مدينة الناصرة ان يطرح موقفه من فيلم نازك الوثائقي عبر موقع العرب، فأرسل مقاله الذي اشاد من خلاله بتقنية ومهنية الفيلم ودقته من جهة وانتقد طرحه وفكرته من جهة أخرى.
لزوار موقع العرب نقدم لكم المقال الذي ارسله لنا اسامة لبس منتقدا فيه صديقه مخرج الفيلم رامز قزموز الذي سيرد على ما جاء في المقال في وقت لاحق. اليكم المقال بكامله:
"لقد دعاني الصديق رامز قزموز لحضور ومشاهده فيلم نازك، هذا الفيلم الوثائقي الذي اجتهد وتعب كثيرًا لكي يخرجه بأفضل شكل ممكن، ليوصل فكرته التي طالما تحدث عنها باسترسال وبقناعة تامة "حرية المرأة واستقلالها، كرامتها ووجودها".

أسامه لبس

كثيراَ ما تحدثنا، وتناقشنا وتحاورنا يا صديقي رامز حول هذا الموضوع، كثيرة هي النقاط التي اتفقنا عليها، وقليلة هي النقاط التي اختلفنا حولها، الأمر الذي جعلنا نطيل النقاش ونجابه التشعب والغوص في بحور الجدل دون أن نخاف الغرق، لأن التجانس الفكري بيننا كان يجعلنا نصعد من الأعماق ونعود للسطح مع وضوح أكثر ومعرفه أكبر لما هو موجود هناك عميقًا.
أقولها لك يا صديقي أني تفاجأت كثيرًا وبهرت من التقنية العالية، والمهنية، والدقة، اِن كان على مستوى التسلسل بطرح الأفكار، أو التصوير، أو الموسيقى، أو الإخراج بشكل عام، فاستطيع القول بحسب رأيي المتواضع كإنسان أتذوق هذا الفن ولا أمتهنه أنه عمل جميل، ولكن...
الفكرة من الموضوع هي الأمر الأساس، وطريقة طرح الفكرة وعرضها من ناحية ثانية هو امر لا يقل اهمية عن الفكرة نفسها  لانه دون طرح وعرض صحيحين  تتشوه الفكرة وبالتالي لن تنقل بالشكل الصحيح للمتلقي وهو المشاهد في هذه الحالة، وهنا استطيع القول ايضا بحسب رأيي وبتواضع ان فشلا ذريعا قد تسجّل، نتيجة لتشويه الفكرة بشكل ملحوظ، الامر الذي اساء ليس فقط للمخرج او للقائمين على هذا العمل بل ايضا لجمهورنا العربي القاطن في الدولة، واليك شرحي للأمر.
الم تجد يا صديقي رامز عملاً آخر غير عمل الشرطة لكي توضح من خلاله فكرتك التي اوافقها بالكامل؟.. اتعتقد حقا ان جهاز الشرطة هنا في بلادنا هو جهاز رسمي خدماتي عادي نستطيع الالتحاق به بشكل طبيعي دون اشكالات لتقديم الخدمات لجمهورنا الكريم على مبدأ "الشرطة في خدمة الشعب"؟!!!!
يا صديقي رامز وأنت سيد العارفين. جهاز الشرطة كان ولا يزال بالنسبة لشعبنا جهازا قمعيا سلطويا يطبق سياسة التمييز ضدنا وبأبشع الأشكال والطرق، ومهما حاولت المؤسسة الحاكمة "الحكومة" ان تجّمل شكل وعمل الشرطة لكي تسوق برنامجها السيء والمرفوض الا وهو الخدمة المدنية او الشرطة الجماهيرية، فلن تفلح لان هناك الشرفاء والمثقفين وكل الواعين من ابناء شعبنا مثلك يا رامز الذين يتصدون وسيتصدون مستقبلاَ لها وسيضعون الموقف الصحيح والاجابة القاطعة، وهي اننا لسنا انتهازيين متأسرلين ولسنا استهلاكيين نتعاون لنحصل على الفتات، بل نحن شعب أبيّ احتلت ارضه سنة 1948 ولنا حقوق غير مقرونة بالواجبات ولن نقبل اي نوع من انواع التجنيد الاجباري ان كان للجيش او الشرطة  او اي خدمة جمهور ضمن هذا الاطار. و فقط حين يتم الاعتراف بنا كأقلية قومية وينتهي الاحتلال وتقوم الدولة الفلسطينية العتيدة وينتهي النهج الصهيوني الكولونيالي، عندها من الممكن أن نكون جزءًا لا يتجزأ من جمهور هذه البلاد متعدد القوميات والاديان والافكار، وأن نكون فعلاَ مواطنين في دولة دمقراطية حقيقية.
لقد عرضت ضمن هذا الفيلم نقيضين لا ثالث لهما. الاول هو نازك وكأنها جزء من التقدميين الذين يطالبون بحق المرأة في هذا المجتمع المتخلف من ناحية ومن الناحية الاخرى الشرطية التي هي جزء من مؤسسات الدولة، والثاني هو الحركة الاسلامية لطرحها الاصولي المتخلف المجحف بحق المرأة من ناحية ومن ناحية ثانية أصحاب الخط الوطني الذين يرفضون الالتحاق بالشرطة من منطلقات وطنية.
 السؤال المطروح يا رفيقي هو: هل الصراع ما بين التحضر والتخلف هو فقط بين هذين النقيضين كما رأينا في الفيلم؟ وهل المواقف الوطنية التي أنت نفسك تتبناها تطرحها الحركة الاسلامية فقط وكأنه لا يوجد سواها في الساحة الاجتماعية والسياسية؟
اقولها لك وبشكل واضح ان الحركة الاسلامية ليس الوحيدة التي تطرح المواقف الوطنية على الساحة الاجتماعية والسياسية وحتى انها ليست القوة الأولى في هذا المضمار ولم تكن يوما كذلك حتى في السابق. كثيرون على مدى التاريخ دفعوا الغالي والنفيس مقابل وضعهم للمواقف المشّرفة سياسيا ولم يكونوا ابدا من الحركة الاسلامية بل كانوا من ذوي الفكر التقدمي المتنور.
اقولها لك بوضوح ان الذي يشاهد هذا الفيلم يرى بشكل جلي العربي الاسرائيلي الذي يتحدث اللغة العربية المخلوطة باللغة العبرية ويخدم بجهاز الشرطة و كأنه أمر طبيعي يتحدث عن المشاكل الاجتماعية كحرية المرأة كما هو حال الاوروبي الذي يعيش اجواء استقرار على جميع المستويات، واعتقد انه هذا هو النموذج المتكامل للعربي الجيد بنظر السلطة الحاكمة الذي يستهلك دون تحليل عميق ويعيش ويتعاون دون احترام لذاته وقيمة لتاريخه.
اردت فيلما تطرح من خلاله فكرة اجتماعية نقية وحصلت على فيلم يقدم خدمة سياسية للمؤسسة وهنا اقولها لك وللجميع انه ليس هناك قضايا اجتماعية او اقتصادية بشكل نقي فكل القضايا مربوطة ايضا سياسيا، وساذج برأيي من يعتقد غير ذلك، فنحن نقرأ سياسة ونشاهد سياسة ونشرب سياسة ونأكل سياسة ونحيا سياسة ونموت سياسة".