الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 30 / أبريل 03:01

الكوارث الكونية أسرار وعبر بقلم: إبراهيم صرصور

كل العرب
نُشر: 22/04/10 21:49,  حُتلن: 10:54

* الكون كله يقوم على قانون وضعه الله تعالى ، كما أن الكيانات البشرية لا تنضبط إلا بقانون يضعه الله

* الكوارث الكونية رافقت الوجود البشري في هذا العالم منذ نشوئه ، إلا أن العلماء يتفقون على أنها في تزايد

* يتفق العلماء على أن ازدياد الكوارث الكونية نابع في الأساس عن التغيرات المناخية الناجمة عن الإخلال بالتوازن الكوني بفعل التدخل البشري غير المنضبط

أعاد بركان آيسلندا وما سببه من شلل لحركة الطيران في أغلب دول العالم ، فوق ما سببه من خسائر مادية ضخمة قدرتها الجهات المختصة ببلايين الدولارات ، أعاد إلى طاولة البحث ثنائية الكوارث والعقوبات الإلهية : نعم أم لا !!! ... فهي فرصة رأيت أن أنتهزها لإلقاء بعض الضوء على هذه الثنائية لعلني أساهم في وضع بعض النقاط على بعض الحروف في هذه القضية الهامة.

عدد الكوارث الطبيعية في تزايد
الكوارث الكونية رافقت الوجود البشري في هذا العالم منذ نشوئه ، إلا أن العلماء يتفقون على أنها في تزايد مضطرد ، وذلك حسب المعطيات التي عرضها المؤتمرون في ندوة ( العلوم والتكنولوجيا ) التي انعقدت في مدينة ( كيوتو ) اليابانية قبل فترة ، حيث أشار احد الخبراء الاندونيسيين أثناء الندوة إن عدد الكوارث الطبيعية في تزايد ، مذكرا بان الأرض كانت تتعرض لنحو مائة كارثة طبيعية كل عقد بين عام 1900 و- 1940 ، ول - 650 كارثة بين 1960 و - 1970 ، ول - 2800 بين عام 1980 و - 1990 .

الإخلال بالتوازن الكوني
يتفق العلماء أيضا على أن ازدياد الكوارث الكونية نابع في الأساس عن التغيرات المناخية الناجمة عن الإخلال بالتوازن الكوني بفعل التدخل البشري غير المنضبط خدمة للشَّرَهِ المادي المُوَجِّهِ حاليا لحركة التجارة في ما يسمى بالعالم المتقدم ، مصداقا لقوله تعالى : ( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس) ، الأمر الذي يستدعي مراجعة كاملة لطبيعة العلاقة بين الإنسان والكون ، بما يضمن درجة عالية من الاستقرار وعدم الإضرار بالقانون الضابط لحركة الوجود.

ولله جنود السماوات والأرض
صحيح أن للكوارث الطبيعية تفسيرها العلمي ، إلا أن أحدا لا يستطيع أن ينكر أن فيها إشارة واضحة لمجموع الإنسانية بضرورة تصحيح المسار على المستويين الأخلاقي والموضوعي . هنا يحصل الخلاف بين أهل الإيمان وغيرهم في تفسير الاعتبارات الأخلاقية والموضوعية المسببة بلا نزاع لكثير من أزمات المجتمع البشري ... فالكوارث الطبيعية كما الحروب الفتاكة ، وأسلحة الدمار الشامل ، والأمراض التي لم تكن في أسلافنا ، كلها من صنع البشر ، وعليه فهم من يتحملون المسؤولية الجنائية الكاملة عن أفعالهم ، فإن اتفق العالم على محاسبة مرتكبي جرائم الحرب والإبادة ، فأقاموا من أجل ذلك محاكم الجنايات والجرائم الدولية ، ومحكمة العدل الدولية ، فلا ندري لماذا لا تقام ذات المحاكم لمن يرتكبون الجرائم ضد الطبيعة التي خلقها الله تعالى على حال التوازن الكامل والحيادية المطلقة ، حتى جاء الإنسان فعبث بها خدمة لأنانيته الفردية أو الجماعية ، أو الوطنية أو القومية.
والأهم من ذلك ، لماذا يسمح المجتمع البشري بإقامة العدل وإنزال العقوبات ضد كل المخالفين لمنظومات أخلاقية من وضع البشر تتفق اغلبها مع تلك التي من وضع الخالق ، ثم ينكرون على الله سبحانه أن ينزل العقاب في المخالفين لأوامره من خلال تحريك الجهة التنفيذية المؤتمرة بأمره : الكون ، مصداقا لقوله جل جلاله : ( ولله جنود السماوات والأرض ، وكان الله عليما حكيما ) ، وقوله ( وما يعلم جنود ربك إلا هو .. ) ،وقوله : ( اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها).

لله الخلق والأمر
نحن نؤمن بان لله سبحانه الخلق والأمر: ( ألا له الخلق والأمر ، تبارك الله رب العالمين ) ، فهو المتصرف بلا معارض أو منازع بالكون كله بما فيه ومن فيه ، وهو الحكيم فيما يقضيه ويقدره ويأمر به ، وهو سبحانه وتعالى يخلق ما يشاء من الآيات ، ويقدرها تخويفا لعباده وتحذيراً لهم وتذكيراً بما يجب عليهم!.. كما قال سبحانه وتعالى : ( وما نرسل بالآيات إلا تخويفاً ).

المنطق الذي لا ينكره إلا جاحد
من هنا وبناء على هذا المنطق الذي ذكرنا ، نستغرب جدا ممن لا ينكر العلاقة بين الكوارث الكونية وأفعال البشر ، ثم هو ينكر أن تكون هذه الكوارث من نوع العقاب الرباني للمخالفين . هذا غير منطقي بالمطلق ... الكون كله يقوم على قانون وضعه الله تعالى ، كما أن الكيانات البشرية لا تنضبط إلا بقانون يضعه الله أيضا في المجتمعات التي تدين بذلك ، وأي خروج على هذه القوانين يستدعي تدخلا ربانيا عقابا أو تذكيرا وتخويفا أو ردعا ، أو بقانون بشري عند من لا يدين بذلك ، يستدعي هو أيضا تدخل القضاء العقابي العادل لحفظ النظام العام وحماية الأمن الجماعي بكل أنواعه وأشكاله ... هذا هو المنطق الذي لا ينكره إلا جاحد أو مستكبر.

مقالات متعلقة