الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 05 / مايو 13:02

مسيرة العودة وحق العودة -بقلم: عبد اللطيف حصري

بقلم: عبد اللطيف
نُشر: 16/04/10 12:46,  حُتلن: 16:37

* دأبت الجماهير العربية على المشاركة الفعالة في مسيرات العودة السنوية، ويمكن القول ان الجماهير قد سبقت القيادات السياسية في هذا المشهد النضالي

* تتزامن ذكرى النكبة هذا العام مع اوامر عسكرية اسرائيلية لا تقل بشاعة عن تطهير ما يربو على خمسمائة قرية فلسطينية عام 48

تكتسب مسيرة العودة هذا العام الى قرية مسكة المهجرة اهمية استثنائية غداة اقرار "قانون النكبة" الذي بادرت اليه مجموعة من اعضاء حزب "يسرائيل بيتينو" وحظي بدعم حكومي ليصبح قانونا مدونا في كتاب القوانين الاسرائيلي الى جانب العشرات من القوانين العنصرية الاخرى.
يجب القول مسبقا ان القانون بحد ذاته غير قادر على نزع مركب النكبة من الرواية الفلسطينية، او الغاءها كمركب هام واساسي في الوعي الجماعي والهوية الثقافية الفلسطينية، لا من حيث الممارسة القانونية للدولة ومؤسساتها، ولا من حيث التأثير المباشر في السيكولوجيا الجماعية للفلسطينيين. لكن سعي المؤسسة الاسرائيلية الى مسح صفة الضحية عن ملايين المهجرين الفلسطينيين، واحتكار دور الضحية لمصلحة الرواية الصهيونية، يجب ان يستوقفنا ليس كافراد وكاحزاب سياسية فقط ، وانما كمجتمع وكاقلية قومية والاهم كشعب له قضية وله حقوق لا يملك احد حق التنازل عنها.
لقد دأبت الجماهير العربية على المشاركة الفعالة في مسيرات العودة السنوية، ويمكن القول ان الجماهير قد سبقت القيادات السياسية في هذا المشهد النضالي، لكن ما هو منوط بالقيادات السياسية من المفروض ان يكون اكبر واشمل من مجرد حالة او مشهد نضالي وصولا الى برنامج يسعى الى نتائج ملموسة على ارض الواقع.
كمن شارك في الاعداد والتحضيرات لمسيرة العودة في العام الماضي الى قرية الكفرين ، ارى من الضرورة بمكان مع كل اهمية المسيرة السنوية، الى رفع مستوى العمل في قضية مهجري الداخل الى برنامج نضالي تتبناه كافة الهيئات التمثيلية للمجتمع العربي في البلاد، واعني الاحزاب السياسية ولجنة المتابعة العليا وجمعيات العمل المدني، على ان لا يتقوقع هذا البرنامج في حدود الداخل الفلسطيني، وانما يمتد لبسط هذه القضية امام الرأي العام المحلي والعالمي ومحافل الامم المتحدة، والهيئات الدولية لحقوق الانسان.
في الحقيقة تشير المشاركة الواسعة للجماهير في مسيرات العودة الى جاهزية عالية واستعداد شعبي لخوض نضالات حقيقية، والواقع ان مسألة مهجري الداخل يمكن ان تشكل رافعة للنضال في قضية اللاجئين وحق العودة، ومكمل ضروري لفضح ممارسات الابرتهايد الاسرائيلية في هذه المسألة بالذات، اذ يشكل مهجرو الداخل نحو ثلث الاقلية العربية الفلسطينية داخل اسرائيل، ولا تستطيع اسرائيل الادعاء بان عودتهم الى ديارهم قد تخل بالميزان الديموغرافي في الدولة، علما انها ترفض الربط بين قضية اللاجئين وحق العودة وبين قضية مهجري الداخل، بادعاء ان الحديث يدور عن مواطنين في الدولة وليس لاجئين خارج الحدود، وكأن هؤلاء لم تطالهم يد التطهير العرقي الذي عمدت اسرائيل الى اخفاء معالمه مع اخفاء معالم القرى تحت اعداد كبيرة من الاشجار والاحراش الكثيفة والمتنزهات.
وللمفارقة تتزامن ذكرى النكبة هذا العام مع اوامر عسكرية اسرائيلية لا تقل بشاعة عن تطهير ما يربو على خمسمائة قرية فلسطينية عام 48 واعني اوامر طرد عسرات آلاف الفلسطينيين من الضفة الغربية الى قطاع غزة او الى دول مجاورة بذريعة "التسلل" والتواجد غير "القانوني"، بمعنى ان اسرائيل لم تنصرف من برامج الترانسفير وانما تحاول تكييف الطرد لمسوغات تعتبرها قانونية ولا تتعارض مع ديمقراطيتها الزائفة، وان اسرائيل ماضية الى الامام في نسختها المطورة لنظام الابرتهايد بالعمل على تجميع الفلسطينيين في معازل عرقية قابلة للاحاطة بالجدران والاسلاك الشائكة كما هو حاصل الآن في كثير من المناطق الفلسطينية خاصة المحاذية للمستوطنات، وهذا ينسحب ايضا على معازل اوسع مثل قطاع غزة كاملا او حتى مدن كبيرة داخل الضفة الغربية.
تندرج في هذا السياق ايضا سياسة تضييق الخناق على القرى والتجمعات السكانية العربية داخل اسرائيل، وتشديد سياسة هدم البيوت وتقليص مساحات النفوذ الى مستويات تكون صالحة لتحويل كل قرية الى معزل عرقي مسقل وقابلة للاحاطة بالجدران او الاسلاك الشائكة اذا اقتضت ضرورات "الامن" الاسرائيلي ذلك، والسؤال هنا كيف تتعامل الاحزاب والقيادات العربية مع هذا الواقع؟ وهل باستطاعتنا التصرف كاقلية قومية مدركة لحجم المخاطر المحدقة بوجودها؟ وهل نحن قادرون على الانتقال من سياسة رد الفعل وتطريز بيانات الشجب والتنديد، الى سياسة الفعل والمبادرة.
لا شك ان للمسيرات السنوية الى القرى المهجرة في ذكرى النكبة اكثر من قيمة رمزية، لما فيها من تعزيز للرواية الفلسطينية وترسيخها لدى الاجيال الشابة، ومن هنا تأتي ضرورة رفع سقف مطالب مسيرة العودة الى المستوى المطلوب ليندرج في النضال من اجل العودة الفعلية، وحق العودة فالمعركة الحقيقية ليست على الماضي وانما على المستقبل.

مقالات متعلقة