الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 05 / مايو 22:02

وليد فريج من على صفحات موقع العرب يحكي قصته الرائعة: فتاة تعبث بالقبور

كل العرب
نُشر: 14/04/10 11:56,  حُتلن: 12:07

هجم الليل بظلمته واشتد سواده ، وغرقت في بحر من الهموم التي أثكلت كاهلها ، وباتت تسبح في بحر من الأفكار المسمومة والتي لطالما نالت منها في ليلها ونهارها . فمن هي تلك المزعجة والتي جعلتها تدور في حلقة مفرغة من الهموم والآلام ، لا يهدْا لها بال ولا يهنا لها حال . إنها بلا شك ابنة الجيران ، زميلة الصف في الصغر ، والتي كان يشار إليها بالبنان ، لا تسمع عنها إلا كلمات المدح والثناء تفوق ، امتياز ، تحصيل ، أخلاق ، وكأننا من حولها وصيفات ملكة الجمال ، وفوق كل ذلك في الحي وبين الجيران أصبحت محط الأنظار . أخذت بتصنعها الزائف كل احترام ، ونالت الإعجاب من الصغير والكبير فتسابق الخطاب إلى بيتها علهم يكونون أصحاب الحظ الوفير ، لقد أخذت كل شيء . أما أنا فجلست اندب حظي وبأسي الكبير فمنذ الصغر لم يعرني احد اهتما م ولا تقدير ، وفي الحي وبين الجيران كانت أمي تقارني بها على الدوام ، وتكيل لي العتاب واللوم بلا اعتبار. لقد اسودت الدنيا في وجهي وبت ابحث عن الانتقام ، من تلك التي سلبتني هناءة عيشي ، وهمت على وجهي ابحث عن عقاب يشفي الغليل ، ويطفئ نار حقدي ففكرت في اسواْ شيء يمكن أن يفعله المرء العليل ووجدت نفسي أمام صاحب الحل الكبير، مشعوذ يقرا البخت ، يضرب في الرمال ، يخاطب الجن صانع السحر بطلاسم لم افهم منها الكثير ولا حرف صغير ، ووقفت أمامه بلا ضمير. قال ماذا تريدين ؟ فقلت ابنة الجيران . أريد أن يدمر بيتها ، يفرق بينها وبين زوجها ، يذهب مالها ، يضيع علمها . أريد أن أراها تعيسة بائسة ، فهمهم بكلمات وقال سيكون لك ما تريدين . هل معك ما يخصها ؟ فدفعت له بصورتها ، وقلت ها هي تلك التي سرقت مني بهجة حياتي وعمري ، ومرت لحظات وكاْنها ساعات من شدة ترقبي للحظة التي أريد أن أرى مرادي يتحقق ، فعدت من عنده وانا احمل بيدي قطعة من القماش قد دون بداخلها مجموعة كلمات من الطلاسم لم افهم معانيها ، وعزمت بداخلي أن أضع تلك الطلاسم في مكان لا يهتدي إليه إنسان ، فانتظرت بفارغ الصبر علها تحين ساعة الانتقام ، وكان لي مرادي جنازة حديثة مروا بها من أمام بيتنا . وهرعت مسرعة وحملت دواء علتي وحجاب طلاسمي ، فدخلت المقبرة متسللة واختبأت منتظرة، وتسمرت أقدامي وانا لا أرى أمام عيني سوى صورة خصمي وانتقامي . وانفض الناس إلى بيوتهم والحزن قد علا وجوههم لفراق حبيبهم وقريبهم ، فاتجهت صوب القبر وبأصابعي المرتعشة أخذت اعبث بتراب القبر، وهناك دفنت ذلك الحجاب بطلاسمه ، وعدت مسرعة وانأ أريد أن أنجو بفعلتي فتسارعت خطواتي ، وانأ انظر يمينا وشمالا ومن خلفي حتى لا يراني احد ، ومن شدة ارتباكي زلت قدمي وتعثرت ، فهويت على الأرض فاصطدم راسي بحجارة قبر وغبت عن الوعي لم اعرف أهي دقائق أم ساعات ، لكنني استيقظت والدماء قد غطت وجهي فنظرت من حولي ، وإذا بي وسط ظلام دامس يا ويلي أبواب المقبرة مقفلة ، والحيطان مرتفعة . يا فضيحتي إن علم الناس بأمري ماذا سأقول ، ولماذا إنا حبيسة هذه المقبرة ؟ ولم الدماء تغطي وجهي ؟ كيف سيكون موقفي أمام أهلي وحيي وجيراني ؟ فبكيت وابتهلت إلى ربي إن يفرج عني همي وكربي ، وعاهدت الله أن اكفر عن ذنبي فعدت لاستخرج تلك الطلاسم ، والدموع تنهمر من عيني وصوت نحيبي قد علا صدري ، وفجأة أمسكت بي يد وهزتني استيقظي بنيتي فصراخك قد اقلق فكري ، فنظرت وإذا بها أمي فعرفت أنني كنت في كابوس من الحلم . فحمدت ربي وقمت فصليت الفجر ، وقرأت بعض آيات من الذكر ، وعاهدت الله على الاستقامة وان أحيد دوما عن الشر .
 

مقالات متعلقة