الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 28 / أبريل 00:02

سيوف الإسلام أم خفافيش الظلام؟ محمود صالح عودة

كل العرب
نُشر: 07/04/10 09:24,  حُتلن: 10:51

* المنشور السابق تحدث بشكل مباشر عن رغبة في طرد المسلمين من أرضهم، أما البيان الحديث فالمراد منه إثارة الفتنة والكراهية بين الأشقاء

* على جميع أبناء شعبنا الفلسطيني بمختلف انتماءاتهم الدينية والحزبية والأيديولوجية عدم الانجرار وراء هذه المحاولات لإثارة الفتنة المقيتة، والتحلّي بضبط النفس ورؤية الواقع بصورة واسعة وشاملة

ليست هذه المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي يُستخدم فيها الإسلام ذريعة للقيام بأعمال مخالفة للإسلام بالدرجة الأولى، ثم لأبسط المعايير الأخلاقية والمنطقية.

لقد تم إطلاق النار على مقر الحزب الشيوعي والجبهة في أم الفحم من قبل جهة مجهولة قبل أسبوع ونيّف، وتبنّت العملية يوم الثلاثاء الماضي من خلال بيان، مجموعة مشبوهة تسمى "سيوف الإسلام"، بذريعة قيام الحزب الشيوعي والجبهة بـ"الاعتداء على كتاب الله"، ادّعاء لم يطلقه إلاَ هذه المجموعة.

لقد ذكّرني هذا البيان بالمنشور الذي تم توزيعه في أحياء القدس قبل عدة أسابيع، الذي دعا المسلمين في الداخل الفلسطيني للرحيل عن أرضهم، وقد تطرّقت إليه بمقالٍ الأسبوع الماضي. لم يختلف هذا المنشور كثيرًا عن سابقه، فالمنشور السابق تحدث بشكل مباشر عن رغبة في طرد المسلمين من أرضهم، أما البيان الحديث فالمراد منه إثارة الفتنة والكراهية بين الأشقاء، والمستهدف من كليهما هو الشعب الفلسطيني في الداخل ووحدة صفه في مواجهة العنصرية والتمييز والظلم، وحدة تقلق المؤسسة الصهيونية، خاصة في وقت بدأت تظهر فيه صورتها الحقيقية حول العالم ويمارس الضغط عليها بوسائل عدة.

لنفرض أن بعض الجهات قد قامت بـ"الاعتداء على كتاب الله والمؤمنين" سبًّا وشتمًا، فهل يكون الرد إطلاق الرصاص على مقرّهم بشكل عشوائي وتهديدهم بالقتل؟ هل أمرنا القرآن بهذا؟ ألم يأمرنا الله في القرآن الكريم: "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ"، وفي الآية الكريمة: "وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ"؟ ألم يطبّق رسول الله صلى الله عليه وسلم، المبعوث رحمة للعالمين، وصحابته رضوان الله عليهم هذه التعاليم السمحة بدقّة؟

على جميع أبناء شعبنا الفلسطيني بمختلف انتماءاتهم الدينية والحزبية والأيديولوجية عدم الانجرار وراء هذه المحاولات لإثارة الفتنة المقيتة، والتحلّي بضبط النفس ورؤية الواقع بصورة واسعة وشاملة، وترك ردود الفعل المسيئة ولغة التحريض والتشنّج التي لا تنتج سوى المزيد من النزاع والشقاق والكراهية. أما بالنسبة للاختلاف في الرؤى والمشاريع، فعلى كل جهة عرض ما عندها بأسلوب راقٍ وحضاري يليق بمستوى القضية والأمانة التي تحملها، والناس أحرار بخياراتهم.

أمّا الهوية الحقيقية لمنفذي هذه العملية، فهي لا تعني الكثير، لأنها تصب في مصلحة أعدائنا فقط، وقد استنكرها الإسلاميون والعلمانيون والوطنيون الشرفاء في البلاد، فلنجعلها سببًا في تعزيز وحدتنا وصمودنا والتسامح فيما بيننا، بدلاً من جعلها سببًا في المزيد من الشرخ والتشرذم. "مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ".
 

مقالات متعلقة