الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 03 / مايو 20:02

وباء البطالة المعلنة والمقنعة بقلم الشيخ إبراهيم صرصور

كل العرب
نُشر: 06/04/10 18:19,  حُتلن: 14:22

 *  عدد العاطلين عن العمل في إسرائيل هو الأعلى في العالم

* أكثر ضحايا البطالة هم من الفئات الفقيرة وعلى رأسها طبعا المجتمع العربي الذي يفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات المجتمع القوي

تشير التقارير الرسمية الصادرة عن الحكومة الإسرائيلية ، والأخرى الصادرة عن مراكز الأبحاث الاجتماعية – الاقتصادية وهيئات الإحصاء المتخصصة ، إلى أن عدد العاطلين عن العمل في إسرائيل هو الأعلى في العالم.

الحاجة ملحة إلى التخطيط المنهجي
مهما كانت أسباب ظاهرة البطالة فلا خلاف على أن نتائجها مدمرة ، وأن أكثر ضحاياها هم من الفئات الفقيرة وعلى رأسها طبعا المجتمع العربي الذي يفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات المجتمع القوي والقادر على التماسك في مواجهة كل التحديات ، ناهيك عن المنافسة إنتاجاً ، جودةً ، تميزاً وكفاءة ، لذلك أصبحت الحاجة ملحة إلى التخطيط المنهجي للخروج من هذا النفق المظلم الذي نسميه بطالة معلنة أو مقنعة ، قبل أن يضطر مجتمعنا إلى مواجهة إفرازات الوضع الراهن التي يمكن أن تَهُدَّ كيانه فيصبح أثرا بعد عين.

الأزمة الإقتصادية
الإحصائيات الأخيرة تصل بعدد العاطلين عن العمل إلى 235 ألفا ، والذين يساوون 7.6% من القوى العاملة . كان للأزمة الاقتصادية العالمية الأخيرة أيضا أثر مباشر على ارتفاع نسب البطالة ، حيث ارتفعت نسبتها من 6% إلى 8% . المشكلة الأكثر تعقيدا في إسرائيل تكمن في العدد الكبير من السكان الذين لا يعملون ولا يبحثون عن عمل ، وهم من يوصفون بالقطاعات التي تعيش خارج ( سِرْب القوى العاملة ) ، كالطلاب في مراحلهم المختلفة ، أمهات لأطفال ، عمال وموظفون خرجوا للتقاعد المبكر، الخ ... ، وهم العاطلون بقرار واختيار . القسم الأكثر اتساعا من العاطلين هم ممن فُرِضَتْ عليهم البطالة كرها وغصبا لا اختيارا ، كالعاطلين المزمنين الذين يأسوا من إيجاد عمل مناسب ، المرضى ، محدودي الحركة ، وربات البيوت ، حيث أشارت معطيات وزارة التجارة والصناعة والتشغيل إن عدد هؤلاء وصل في العام 2008 إلى 1.3 مليون مواطن ، ويشكلون 29.8% من سكان الدولة من جيل 67 – 18.

تقليص الإنفاق الاجتماعي بحجة تشجيع فرص التشغيل
تَوَجُّهُ الحكومات الإسرائيلية عموما وحكومات الليكود بزعامة نتنياهو على وجه الخصوص نحو خصخصة القطاع العام ، وتقليص الإنفاق الاجتماعي بحجة تشجيع فرص التشغيل ، ودفع العاطلين للخروج إلى سوق العمل ( مشروع فيسكونسين كنموذج ) ، أدى إلى نتائج عكسية وبالذات في المجتمع العربي ، لأنه لم يأخذ بعين الاعتبار أوضاع المجتمعات المختلفة داخل الدولة وخصوصياتها ضعفا وقوة ، تقدما وتخلفا ، كما لم تأخذ بعين الاعتبار ضرورة إطلاق مشروع متزامن للتأهيل المهني القادر على إعداد القوى العاملة لاحتياجات السوق ، تطوير البنى التحتية والمواصلات ، إقامة المناطق الصناعية القريبة من المدن والقرى ، تشجيع الاستثمار ، شمل القرى والمدن العربية في لائحة البلدات ذات الأولوية القومية ، دعم حاضنات الأطفال ، الأوضاع الاجتماعية والصحية للعاطلين .. الخ .. ، والذي سيساعد حتما في تعزيز العمل والإنتاج ، وتشجيع فرص تقليل نسب البطالة، الانتقال الحاد نحو فرض العمل دون إعداد مناسب أدى إلى هزات مجتمعية عنيفة زادت من نسب الفقر ، وفاقمت من منسوب العنف وتدهور الأمن الشخصي والجماعي.

الثقافة الإسلامية والبطالة
الثقافة الإسلامية والعربية تحتقر البطالة ولا تؤيدها ، وتدعو إلى النشاط والعمل والإنتاج ، ف - ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ،وفي كل خير ) ... القوة المعنية هنا تشمل كل شيء ، قوة الروح وقوة العقل وقوة البدن ، وقوة الاقتصاد وقوة الحياة الاجتماعية .. إلى غير من أشكال القوة المتعددة . وقد سأل الرسول الأكرم عن قوم اعتكفوا في مسجده في المدينة ، من يطعمهم ويسعى في شؤونهم ؟؟!! قالوا : أهليهم . فقال : أولئك أفضل عند الله من هؤلاء ... فالحديث الإسرائيلي عن ( العقلية / العادات / التقاليد ) العربية كعائق أمام انطلاق المجتمع العربي اقتصاديا ، خصوصا عند الحديث عن تشغيل النساء ، هو محض ذر للرماد في العيون ... فالإسلام حض أتباعه رجالا ونساء على السعي والعمل الجاد ، ولكن ضمن ضوابط لا يمكن التنازل عنها ، حتى نمنع وضعا يكون فيه العمل بلا ضوابط تحترم الخصوصيات ، بابا واسعا لتدمير المجتمع ، وإفقاده المناعة الأخلاقية والقيمية الحافظة لوجوده وصموده، وللحديث بقية ، إن شاء الله. 
 

مقالات متعلقة