كلما ألقيت بذاك الجسد الأبيض ليعانق سريري الملون .. ومددت ساقي فوق ذاك الشرشف الوحيد نهارا ، وأرخيت ضفائري على مخدة تستقبلني كل ليلة بين يديها لأسترجع في فيديو غرفتي شريط يومي وما مررت به من لقطات وجدت أنى جميلة !!
فمن يكون جميلا يرى الوجود كله جميلا، لكنني لطالما تساءلت ماذا قصد ايليا أبو ماضي بهذه العبارة ؟ وما هو الجمال؟ وما معناه؟ وهل هناك امرأة جميلة وامرأة قبيحة ؟ وكيف يستطيع كل واحد منا أن يكون جميلا ؟ أسئلة، أسئلة، أسئلة  وكلها تنادي قلمي لينقذها ويخط طريق نجدتها فوق ورقة رسمت لوحدها رحلة الإبحار.. فهيا نبحر معا :
يقول" ايما نويل كنت " أن الجمال هو ما يرضي الجميع دون سابق تصميم أو قاعدة يقاس عليها ، وهو وسيلة للاتفاق بين العقل والحس "  إذن فنحن نفهم من هذه المقولة أن في أي شيء جميل قد نصادفه ، لوحة ، رسمة ، طيرا وحتى امرأة جميلة هنالك شيء يجذبنا وليس بالنظر فحسب ، شيء نجمع عليه حتى دون أن نستطيع تفسيره أحيانا ، فالجمال الطبيعي هو التمتع بجاذبية ما ليس لها تفسير بل لفتة مهمة لا غير ، وبهذا أتذكر ما قاله أيضا د. الكيلاني مرة انه من الخطـأ أن نعتقد أن للجمال مقايسه الحسية وحدها تلك التي تقع عليها العين أو تسمعها الأذن إنما الجمال هو إحساس وروح وعقل ووجدان وكلها مجتمعة معا .
لقد رأى العرب في سالف  الزمان أن المرأة الجميلة هي تلك السمينة بطيئة الحركة ، تلك الخجولة المترددة ، ولكننا نرى اليوم أن هذه  المقاييس لم تعد مقاسا للجمال بل أضحى العكس هو الصحيح فأصبحت الرشيقة  الخفيفة العفوية هي التي تتمتع بالخصال الشكلية الجذابة حاليا ، وقد سأل أحد الفلاسفة يوما : من هي المرأة الجميلة بنظرك ؟ فقال لا أستطيع أن اصف المرأة ولكنني عندما أراها أستطيع أن أحس بها ، ولكن لو سألتموني أنا عن المرأة الجميلة شكليا لقلت هي التي إذا زارت أي مكان ما حتى ولو للحظات قليلة تركت اجمل الأثر ولم بستطع من رآها أن ينساها ، ومن هنا نستطيع  ان نصل معا الى نفس النتيجة التي توصل اليها خبراء التجميل في يومنا هذا وهو انه لا توجد امرأة قبيحة وكل امرأة لديها صفاتها وجمالها الخاص حتى لو كان بسيطاً ، فقد تجد امرأة يجذبك لون عينيها ، وقد تجد اخرى يغريك بياض جسدها وأخرى تهوى التمعن بشفتيها اللوزيتين او نعومتها الحريرية لكن لا ننسى ان جمال الشكل هو امر نسبي ، فما قد قد تراه انت جميلا قد لا يعجب غيرك والعكس صحيح ، ولكن ما لا نختلف عليه جميعا هو أننا خلقنا لنحب الجمال فالله جميل يحب الجمال أيضا ، لكن هل الله معجب بهذه الصورة الشكلية فقط؟؟
كل ما ذكر أعلاه هو تحليل صحيح ومهم لكنه ليس دقيقا فدعونا نرجع للكتاب العزيز حيث قال عز وجل :" لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم" أي أن الإنسان سواء كان امرأة  أو رجلا فهو مخلوق جميل ، فبمجرد هذا الترتيب والتناسق الذي أوجده الخالق يأخذنا الى آيات من الجمال ، لكن هل جمال الشكل والوجه الحسن هو تلك اللوحة التي تقترب ولو قليلا نحو محور الكمال؟؟
قد يكون جمال الشكل بمثابة جواز دبلوماسي لدخول أي مغامرة او أدغال حياتية لكن العبرة بدوام البقاء على قيد الحياة في هذه الأدغال ، ومن هنا فإن المرء بأصغريه قلبه ولسانه ، ولكنني وعلى سبيل النكتة أتذكر قولا فرنسيا " وهو ان المرأة تفضل عادة ان تكون جميلة اكثر من أي شيء اخر فهي تعلم ان الرجل يرى بعينه اكثر مما يفكر بعقله" لكن هل صدق الفرنسيون؟
لا اعتقد ذلك لان الجمال ليس ثابتا ويتغير عبر الوقت ، فتقدم السن والكبر يلقي بالوجه الجميل خلف تجاعيد البشرة ويذهب بريق العينين وراء ستارة الهموم ولكنه لا يقدر على محو الروح الجميلة، ولهذا فقد صدق أفلاطون حين عرف الجمال على انه درب الصلاح والفضيلة ، وصحيح ان حسن المظهر مهم إلا أن العمل بالحكمة وحفظ الحدود والتحلي بالرقة والاتزان والدفاع عن المبادئ كلها هي الأهم بنظري وهذا هو الجمال الحقيقي الذي يدوم ويدوم ولذا أنا أحس بهذا الجمال لدي، وحتى نصل الى هذه الدرجة التي تسمو نحو المثالية نحتاج لتثقيف أنفسنا والتمتع بنبل الأخلاق وان نحب لغيرنا ما نحب لنفسنا.
جميل أن نقف أمام المرآة ونمسح أعيننا ببعض الألوان والماكياجات وان نتقلد بعض الإكسسوارات فحسن المظهر والهندام والأناقة أمر مهم ومطلوب ، ولكن ما يجعل كل هذا براقا لماعا هو قلبنا الصافي ونبضنا الطيب ونوايانا الجيدة وهذه هي مملكتي وبها بنيت قصري ، فهل يعجبكم أن تكونوا لي جيراناً؟؟