الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 03 / مايو 04:01

حضارة المحبة تقوم بقيامة المسيح- بقلم: الأب جبرائيل ندّاف

كل العرب
نُشر: 30/03/10 07:44,  حُتلن: 15:02

- الأب جبرائيل ندّاف في مقاله:

* مات المسيح حقاً، لكنه قام حقاً، وأعطانا بقيامته أن نقوم معه الى الابد

* الرب يسوع يدخل مدينته ملكا، آتيا يخلّص شعبه. ولكن ملكه ليس من هذا العالم، وخلاصه بالتالي، ليس من ظلم حكام هذا العالم

* يسوع عَبَرَ من عشاء الفصح اليهودي مع تلاميذه الى عشاء فصح العهد الجديد بدمه، ومعه تبدّل عشاء الفصح الى عشاء الرب ومائدة جسده

* بموته أراد أن يَعبُر بنا من حالة السقطة والخطيئة والموت الى حالة المشاركة بحياته الإلهية، وبالتالي، الى حالة الاتحاد معه بالآب السماوي

"هوشعنا، مبارك الآتي باسم الرب" (متى 21: 9) صرخ فتيان اورشليم وهم يستقبلون الرب يسوع داخلا مدينته ملكا مظفّرا، ولكن وديعاً ايضا راكبا على جحش ابن اتان.
هكذا شاء الرب يسوع ان يبدأ المرحلة الاخيرة من مسيرة خلاصه على الارض: اظهار مجد ملكيته، تسليمه الى شيوخ الكهنة، آلامه، صلبه، موته وقيامته.
وهكذا تدخل الكنيسة معه، في الاسبوع العظيم، اسبوع آلامه الخلاصية الذي سيتوج غدا بأحد القيامة المجيدة من بين الاموات.

-1 من مجد "هوشعنا" الى آلام الصليب
يصعد الرب يسوع الى اورشليم، بحسب ما وعد به تلاميذه (متى 20: 17 – 19) ويتفق الانجيليون متى ومرقس ولوقا على كون هذا الصعود يتم للمرة الاولى في حياة الرب يسوع العلنية، منذ بدء بشارته الى اليوم. صعود طويل كلف المسيح مسيرة ثلاث سنوات ونيف من الجليل، موطن انطلاقه بالبشارة الى اورشليم حيث الهيكل، قبلة جميع اليهود ورمز وحدتهم، والتي ستغدو رمز كنيسة الرب يسوع الارضية والسماوية.
يدخل الرب يسوع مدينته ملكا، آتيا يخلّص شعبه. ولكن ملكه ليس من هذا العالم، وخلاصه بالتالي، ليس من ظلم حكام هذا العالم. ملكه نبوي بعيد عن الأبعاد الزمنية الارضية، لأنه ملك الوداعة والتواضع! ولأنه ليس كسائر الملوك، هو آت مدينته اورشليم ليحقق فيها مشيئة الآب ويكمّل مشروعه الخلاصي الذي سينتهي بالآلام والصليب على قمة الجلجلة! "مبارك الآتي باسم الرب" صرخ الشعب والفتيان في استقباله، هو الذي كانت له المبادرة الاولى عندما اتى الينا وتجسد ليصير مثلنا. "جاء الى خاصته، وخاصته لم تقبله" (يو 1: 11) لذا، سيفتخر بمجد "هوشعنا الاطفال" ليكمل مسيرته نحو تحقيق مشيئة الآب، ويشرب "كأس الخلاص" (لو 22: 42) ويتألم حتى الثمالة، ويحمل الصليب، ويعلّق عليه بين لصين!

-2 من "عشاء المحبة" الى الاحتفال بها
لم يكن "العبور" سهلاً من فرح الناس وزغاريد أطفالهم في الشعانين الى يوم خيانة يهوذا، تلميذ الرب ووكيل صندوقه. تآمر الاحبار والكتبة على الرب يسوع، ودخل الشيطان في يهوذا الاسخريوطي. لكن الرب يسوع أراد أن يأكل عشاء الفصح، الاخير، مع تلاميذه، وهي "شهوته قبل آلامه" (لو 22: 15).
حضر الرب يسوع الى العشاء بملء إرادته ليُفهمنا حبّه الكبير لنا وحبّه لأبيه السماوي. هنا، على العشاء سيوزّع "جسده" على تلاميذه: "هذا هو جسدي الذي يُبذل من أجلكم" (لو 22: 19)، وكذلك "كأس دمه": هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي" (لو 22: 20). حقاً هو "عشاء المحبة": "ما من حب أعظم من هذا، وهو أن يبذل الانسان نفسه في سبيل أحبائه" (يو 15 : 13). لقد نزل من السماء ليعمل مشيئة من أرسله، ولا يفقد أحداً من الذين أعطاهم الآب له، بل سيُقيمهم في اليوم الاخير... لأنهم سيأكلون من هذا الخبز ويحيون الى الابد (يو 6: 35 - 51).
لكن الرب يسوع "عَبَرَ" من عشاء "الفصح اليهودي" مع تلاميذه الى عشاء فصح "العهد الجديد بدمه" (لو 22: 20)، ومعه تبدّل "عشاء الفصح" الى "عشاء الرب" ومائدة جسده ودمه، وهما الزاد الذي سيبقى حاضراً معنا الى نهاية العالم، لأن الرب يسوع وعدنا بأنه لن يتركنا يتامى (يو 14 : 18). وعليه، سيحتفل بتقديم ذاته "حملاً ذبيحاً" على الصليب تكريساً لهذه المحبة وتحقيقاً لكل ما علّمه ووعد به!
-3 من الصليب الى القيامة
"لقد أحب الرب يسوع خاصته، أحبهم الى الغاية" (يو 13: 1)، وأتمّ الرسالة التي وكلها اليه الآب (يو 19: 30). قدّم نفسه ذبيحة فداء على الصليب، غافراً لصالبيه، متحداً بأبيه السماوي، وواهباً حياته لجميع المؤمنين به!
أسلم الرب يسوع روحه في يدي أبيه (لو 23: 46) معلناً اتحاده الكامل فيه.
لكنه، بموته هذا أراد أن "يَعبُر" بنا من حالة السقطة والخطيئة والموت الى حالة المشاركة بحياته الإلهية، وبالتالي، الى حالة الاتحاد معه بالآب السماوي.
مات المسيح حقاً، لكنه قام حقاً، وأعطانا بقيامته أن نقوم معه الى الابد، لأنه القيامة والحياة (يو11: 25)! موت المسيح تأكيد على أن الله يريد أن يخلّص الانسان الذي خلقه على صورته كمثاله. لكن القيامة، التي تعبّر عن انتصار المسيح - الحياة على الموت، تبقى أصدق تعبير عن أن الحب هو أقوى من الموت، وأن المسيح - المحبة يدعونا بقيامته الى أن نحيا معه وفيه ومن أجله ومن أجل انجيله. المسيح قام، وحضارة المحبة "تقوم" بقيامته! 

مقالات متعلقة