الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 27 / أبريل 22:02

القمة العربية ويهودية إسرائيل، بقلم: إبراهيم حسين أبو صعلوك (اللد)

كل العرب
نُشر: 27/03/10 18:30,  حُتلن: 08:28

* مبادرة السلام العربية المطروحة منذ سنوات والتعاطف الدولي المتحيز إلى إسرائيل لم تفلح هذه العقلية في التغيّر

* هذه العقلية قصرت نشاطاتها الهادفة إلى تحقيق يهودية الدولة خلال العقود التي تلت قيام إسرائيل على العمل داخل حدود إسرائيل

 * القاسم المشترك بين جميع المشاركين في إعداده، وتنفيذه، على اختلاف ألقابهم، ومناصبهم، وصفاتهم، هو العقلية الاستعلائية المبنية على إقصاء الأخر

أثبتت النشاطات الاستيطانية الإسرائيلية الأخيرة في القدس المحتلة، وتعامل إسرائيل مع الأزمات المترتبة علي هذه النشاطات، بأنها ليس وليد صدفة حالها في ذلك كغيرها من النشاطات الاستيطانية في الضفة الغربية ومصادرة الأراضي العربية في الداخل، بل هي حلقة ضمن مسلسل محكم الإعداد والترتيب يهدف إلى تحقيق يهودية إسرائيل ضمن ما يسمى بحدود ارض إسرائيل الكبرى.
القاسم المشترك بين جميع المشاركين في إعداده، وتنفيذه، على اختلاف ألقابهم، ومناصبهم، وصفاتهم، هو العقلية الاستعلائية المبنية على إقصاء الأخر والتنكر له وحتى قتله في حالة عدم التمكن من تسخيره لتحقيق أهداف هذا المسلسل.
لقد تجلت هذه العقلية في تعامل السلطات الإسرائيلية مع أحداث يوم الأرض في الداخل الفلسطيني الذي تصادف ذكراه في الثلاثين من الشهر الجاري حيث قابلت هذه السلطات هذه الأحداث بالرغم من اقتصارها على الإضراب العام والمسيرات التي لم تخرج عن نطاق ما تتيحه ديمقراطية إسرائيل بقتل 6 مواطنين عرب لان السلطات الإسرائيلية قد اعتبرت هذه الأحداث تحدي لهذه العقلية الاستعلائية كون هذه الأحداث جاءت تعبيرا لرفض الجماهير العربية في الداخل سياسة نهب الأراضي العربية من قبل هذه السلطات بهدف التضييق على هذه الجماهير في سبيل تحقيق يهودية الدولة كما يظهر ذلك جليا في وثيقة كينج الذي شغل آنذاك منصب متصرف لواء الشمال، التي صدرت قبل إحداث يوم الأرض بعدة أسابيع فقط حيث تنص هذه الوثيقة فيما تنص عليه على مصادرة أكبر مساحة ممكنة من الأرض العربية وتشجيع الشباب والطلاب العرب على السفر إلى خارج البلاد وتشجيعهم على عدم العودة إليها.
لقد قصرت هذه العقلية نشاطاتها الهادفة إلى تحقيق يهودية الدولة خلال العقود التي تلت قيام إسرائيل على العمل داخل حدود إسرائيل نفسها فحرمت في سبيل تحقيق ذلك المواطنين العرب من مساحات كبيرة من أراضيهم متذرعة في ذلك بالضرورة الأمنية ثم جاءت حرب حزيران عام 1967 وأفرزت ما أفرزته من نتائج حيث شكلت هذه النتائج فرصة ممتازة لتحقيق مأرب هذه العقلية التي ترمي إلى إقامة دولة على ما يسمى بأرض إسرائيل الكبرى متذرعة بالضرورة الأمنية أيضا.
وفي هذا السياق استطاعت إسرائيل إقناع العالم بقبول عقليتها هذه عن طريق الظهور بالمستهدف المعرض للخطر فصدقها العالم ومن ضمنه بعض العرب ولهم في ذلك أسبابهم ولكن كما قيل " الطولة كشافة" أي أن طول الوقت يكشف عن الخبايا فجاءت عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين من جهة وبينها وبين بعض الدول العربية ومن جهة أخرى والتطبيع مع بعضها الأخر ليشكل ذلك كله امتحانا حقيقيا لهذه العقلية حيث يفترض أن تجردها هذه الاتفاقيات وهذا التطبيع من التذرع بالخطر الأمني الذي كانت تتذرع به لإشباع أطماعها.
ولكن بالرغم هذا وبالرغم مبادرة السلام العربية المطروحة منذ سنوات والتعاطف الدولي المتحيز إلى إسرائيل لم تفلح هذه العقلية في التغيّر وتكتفي بما استلت عليه بل زادت من جشعها وطمعها لتكشف بذلك عن هدفها الحقيقي وهو التوسع الاستعماري المحض كما يتبين من حجم المستوطنات في الضفة الغربية المجهزة بجميع المرافق والبنية التحتية وشبكات الطرق التي تتناسب مع المستعمرات الدائمة والثابتة أضعاف، أضعاف ما تتناسب مع مستوطنات مؤقتة أقيمت على أرض محتلة يفترض أن تعاد إلى أصحابها يوما ما كما تكشف هذه النشاطات عن امتداد جشع هذه العقلية إلى تسخير العالم كله لتحقيق ذلك فها هي لا تبخل في عدم الالتزام بأي قوانين دولية ولا احترم حتى أصدقائها حين استعمل عملاء في شبكة مخابراتها جوازات مزورة لعدد من الدول الأوروبية خلال عملية اغتيال المبحوح على ارض دولة يجري التطبيع بينها وبين سدنة هذه العقلية ولن تبخل هذه العقلية بعد أن أهانت الولايات المتحدة الأمريكية خلال زيارة نائب رئيسها الأخيرة لإسرائيل ومن ثم خلال زيارة نتانياهو الأخيرة لواشنطن في اتهام الرئيس الأمريكي إن لم يسخر كل طاقته لتحقيق يهودية إسرائيل بانتمائه للإسلام لتأليب الشعب الأمريكي عليه.
ومن هنا يجب على الزعماء العرب المجتمعون في سرت التنبه إلى أن إرجاء نتانياهو إعطاء الرئيس الأمريكي جوابا بخصوص استمرار البناء في القدس المحتلة متذرعا بذلك باستشارة وزراء حكومته ومن ثم تأجيل البت في هذا الموضع بعد اجتماعه بهم إلى بعد انتهاء إجازة عيد الفصح اليهودي إلا من خلال هذه العقلية التي اعتادت اللقاء اللوم على غيرها ليتسنى لها تحقيق مأربها فهدف هذا الإرجاء ما هو إلا لانتظار قرارات القمة العربية المنعقدة في سرت والتي أحسنت حين أدرجت على جدول أعمالها تمديد مبادرة السلام العربية إلى سنة أخرى ولكنها غفلت عن إدراج مناقشة إمكانية إجراء تفاهمات مع إيران حول مشروعها النووي ولو كخطوة إستراتيجية والتقرب إلى العالم الإسلامي ليتسنى للأمة الإسلامية ككل ما دامت قضية القدس على المحك بحث البدائل التي تتناسب حال فشلت عملية السلام للتعامل مع التحديات التي تفرضها هذه العقلية في سبيل تحقيق يهودية الدولة.

مقالات متعلقة