الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 06 / مايو 09:02

الاستاذ وليد فريج: لن تنبت زهرتي بين الأشواك ولا اريد ان احمل الواقع اكثر

كل العرب
نُشر: 16/03/10 16:05,  حُتلن: 21:21

بسم الله الرحمن الرحيم
قد اعتقد للحظة أنني يمكن أن احمل بيدي زهرة جميلة لأغرسها دون أن انتبه إلى محيطها ، أو إلى ما يدور حولها ، وقد أقول في نفسي وما شأني بذلك فلا يهمني غير زهرتي ، فغدا تنمو فأمتع عيني بألوانها الجميلة واشم منها روائح زكية ، ولكنني أوهم واخدع نفسي وأتجاهل حقيقة أنني عندما اغرس هذه الزهرة الجميلة في محيط من الأشواك ، فلن يكون لها أي معنى أو اعتبار وعلى الغالب لن تكتب لها الحياة ، وستزحف تلك الأشواك لتنال من تلك الزهرة فتنهش من أوراقها الناعمة الندية ، وكان حري بي والأولى أن ابحث عن ارض خصبة لأغرس تلك الزهرة في محيط من الورد والرياحين والياسمين.
وهكذا هي الحياة برمتها ، فمن قائل دعك من الناس ومن المجتمع وأصلح بيتك واعتن بتربية أبنائك ، ومن قائل الأفضل تجنب الناس والابتعاد عنهم وعدم مخالطتهم فهذا اسلم لك وتكفي نفسك شرورهم ، وهكذا تتوالى الاجتهادات ولكننا لو أمعنا النظر ودققنا في أقوالنا لوجدنا أنفسنا قد وقعنا في مغالطات وتناقضات كبيرة ، فهل يمكن أن انجح في إصلاح بيتي ومن يخصني دون أي اعتبار للمحيط وللمجتمع الذي أعيش في كنفه؟ هل سيبقى أبنائي محصنون ولن تتسرب إليهم أفات وماسي هذا المجتمع ؟ ألن يتجول أولئك االابناء في حيهم وبلدهم ؟ ألن يذهبوا إلى مدارسهم ، إلى المساجد مرورا بالطرقات والأزقة، إلى المنتزهات في ساعات الفراغ أم أنني سأحرص على حبسهم في البيت ، وماذا عن الصداقة والأصدقاء ، أم أنني سأقول لهم دعوكم من الأصدقاء فانا نعم الأب والصديق والمعلم .
إن القول بأنني يجب إن احرص على إصلاح شأني وبيتي وأبنائي لهو قول صحيح مئة بالمائة ، لكنه يبقى ناقصا إذا ما توقفنا عند تلك المقولة ، وكان الأولى القول إنني سأعمل جاهدا على إصلاح نفسي وبيتي وأبنائي ، وسأعمل بجهد مضاعف على إصلاح المجتمع والبيئة التي سيعيشون فيها . إن الواقع يشهد إن مظاهر الانحراف والفساد قد تركزت وانحسرت في بدايتها في فئة محددة ، ومن جهة أخرى كانت هنالك الكثير من الأسر التي نأت وابتعدت عن ذلك الواقع المرير وعملت جاهدة على الانشغال بذاتها ومستقبل أبنائها ، ولكنهم في نهاية المطاف استيقظوا على حقيقة مرة وهي إن مظاهر الانحراف والفساد قد زحفت بسرعة رهيبة لتنال منهم ومن أبنائهم ومن هناءة حياتهم . إذا هي في النهاية سفينة واحدة قد تكون من طبقتين وهكذا هي المجتمعات التي نعيش فيها .ا قد تكون هنالك زهرات جميلة ولكنها متفرقة لن تعطي صورة الحديقة والبستان الجميل ولربما أحاط بتلك الزهرات من حدب وصوب الكثير من الاشواك . وانا هنا لا اريد ان احمل الواقع اكثر مما يحتمل واريد ان اكون منصفا ، فلا أنكر إن هنالك محطات من الخير هنالك جهود تبذل من أصحاب الخير لكنها جهود مبعثرة لن تصنع مجتمعا أفضل وحتى لو افترضنا أننا استطعنا بناء صرح من الخير فهنالك ألف معول يهدم ولن تبنى وتصلح المجتمعات إلا بأبنائها ، باستثمار طاقاتهم ونبذ خلافاتهم . 

مقالات متعلقة