الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 01 / مايو 00:02

الفرج العربي أجمل هدية لإسرائيل - بقلم: وديع عواودة

كل العرب
نُشر: 05/03/10 10:59,  حُتلن: 11:04

- وديع عواودة:

* جرائم إسرائيل خلال "الرصاص المصبوب" على غزة عرضتها لحالة غير مسبوقة من الانتقادات البالغة وموجات الغضب

* الشهور الأربعة ستضاف ل 400 شهر مضت وتندرج ضمن مسلسل جعجعة دون حفنة طحين فهل ننتظر الفرج من مجلس الأمن؟

* منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية العالمية أكدت بوضوح أن انضمام إسرائيل لعضويتها يمر عبر الكف عن اضطهاد المواطنين العرب فيها

كذبة أول آذار
بقرارهم استئناف مفاوضات غير مباشرة قدم وزراء الخارجية العرب بالفاتح من آذارهدية ثمينة لإسرائيل بإفراج كربها في ذروة تعرضها لانتقادات دولية متفاقمة ومنحها وأمريكا الفرصة بمواصلة التحريض على إيران.
في تاريخها الدامي ارتكبت إسرائيل مجازر وجرائم كثيرة ونجحت بالإفلات من عملية محاسبتها وفي عشرات المرات أحبط الفيتو الأمريكي حتى قرار إدانتها بخلاف إرادة معظم العالم.

جرائم إسرائيل خلال "الرصاص المصبوب"
غير أن جرائم إسرائيل خلال "الرصاص المصبوب" على غزة عرضتها لحالة غير مسبوقة من الانتقادات البالغة وموجات الغضب فشهدت عواصم العالم مظاهرات مدوية ،حملات مقاطعة أكاديمية واقتصادية رافقتها أزمات دبلوماسية متتالية.
وجاء تقرير ريتشارد غولدستون ليعرف حقيقة انتهاكات إسرائيل بدون رتوس بعد إدانتها باقتراف جرائم حرب وجرائم بحق البشرية في غزة المملوءة بالعزة رغم استمرار جريمة الحصار السياسي الظالم.
في بريطانيا وكندا تتواصل فعاليات متصاعدة لفضح نظام الأبرتهايد الإسرائيلي وفي إسبانيا تلاميذ المدارس يحرصون على إغراق السفارة الإسرائيلية في مدريد برسائل للسفير بعنوان "كم طفل فلسطيني قتلت اليوم؟
العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل وبين السويد،النرويج وتركيا ودول هامة في أمريكا اللاتينية تراجعت خلال عام 2009 لدرك غير مسبوق ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان يساهم في الكشف عن ملامحها الفاشية.

انضمام إسرائيل لعضويتها يمر عبر الكف عن اضطهاد المواطنين العرب فيها
منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية العالمية أكدت بوضوح أن انضمام إسرائيل لعضويتها يمر عبر الكف عن اضطهاد المواطنين العرب فيها.
وتدلل دراسات إستراتيجية متتالية صادرة عن مراكز بحثية إسرائيلية في العام الأخير على حساسية الوضع الدولي الجديد(بالمستويين الرسمي والشعبي) بالنسبة لإسرائيل بالإشارة لمخاطر نزع الشرعية عنها كخطر إستراتيجي.
إسرائيل تدرك مخاطر اقترابها من الانحدار الذي تدهورت فيه جنوب إفريقيا التاريخية نحو عريها ومحاصرتها وعدم الاعتراف بشرعيتها حتى سقط نظام الأبرتهايد فيها.
تؤكد دراسة صادرة عن المعهد الأمني "رؤوت" وعرضت في مؤتمر هرتزليا العاشر الشهر الماضي أن حربي لبنان وغزة الأخيرتين تكشفان عن قوة وخطورة نزع الشرعية الأساسية عن إسرائيل في العالم.
وتوضح أنه بموازاة تحالف إسرائيل مع الولايات المتحدة وعلاقاتها الخاصة مع الدول الأوروبية المركزية والسلام مع مصر والأردن تواجه اليوم حملات شرسة في العالم بما في ذلك من داخل الدول الصديقة.
وتحذر الدراسة من أن انعكاسات إستراتيجية مترتبة على تآكل مكانة إسرائيل منها تقلص حيز مناورتها خلال استخدامها القوة العسكرية، وتزايد التدخل الدولي في قضايا فلسطينيي الداخل، تحدي الجهاز القضائي فيها أو تفعيل محافل قضائية دولية ضد إسرائيليين بما يتسبب بتوترات دبلوماسية.
هذه الحالة دفعت ثعلب السياسة الإسرائيلية المجرب رئيس الدولة شيمعون بيرس ("هآرتس" الخميس) للتعبير عن قلقه العميق من تفاقم قاس بمكانة إسرائيل دوليا في حل استمر الجمود السياسي ولم يقل "التسوية" بل" البروسيس".
والأهم أن بيرس كشف عن أن نتانياهو عاجز عن تحقيق السلام كونه مكبلا بسلاسل إئتلافه اليميني داعيا لتوسيعه بضم كاديما.
إزاء هذه الحالة، "البرص"، أطلقت إسرائيل مشروعا دعائيا الأسبوع الماضي لتحسين صورتها في العالم بتحويل مواطنيها لسفراء وأبواق دعاية لتبيان "مفاتنها" العلمية،الطبية،التاريخية والسياحية وغيرها.

الفرج العربي يأتي من القاهرة هدية لإسرائيل
على هذه الخلفية يأتي الفرج العربي من القاهرة هدية لإسرائيل تخرجها من زاوية معتمة تمكنها من تخفيف حدة عزلتها ومن الضغوط عليها وتحسن هامش المناورة لها ولواشنطن وتوسع فرصة التحريض على إيران وفرض عقوبات أشد عليها خلال الشهور الأربعة القادمة.
تلوح لجنة المبادرة العربية ضمن قرارها أنه في حالة فشل المفاوضات، المحددة بمرجعيات وسقف زمني، بدعوة مجلس الأمن لاجتماع عاجل.
الشهور الأربعة ستضاف ل 400 شهر مضت وتندرج ضمن مسلسل جعجعة دون حفنة طحين فهل ننتظر الفرج من مجلس الأمن؟ بدلا من مطالبة العرب بالضغط على الولايات المتحدة راح الرئيس محمود عباس لمطالبتهم للاستجابة لمطالبها.
لن تتزحزح إسرائيل من تعنتها طالما ظلت الحالة الفلسطينية مهلهلة وممزقة وعمل قادتها المتنفذين أقرب للتسول وظل موقف العرب نوعا من الاستجداء بعدم استخدامهم لغة المصالح والضغط بواسطتها على الولايات المتحدة.إسرائيل مرتاحة فاحتلالها مجاني وهي تراهن على امتصاص النقد الدولي بوسائل عدة منها "البيس بروسيس" وطحن الماء تارة بمفاوضات مباشرة وبمداولات غير مباشرة تارة أخرى. إسرائيل تعلن اتفاقها بهذا الشكل أو ذاك على فكرة الدولتين لكن ما تصنعه أيديها يفضح ما ينم عن لسانها وحكوماتها المتتالية يمين ويسار ووسط ملأت الدنيا، وما تزال، بالحديث عن السلام وعلى الأرض حربين في عامين. رؤساء حكومات الاحتلال جادون بإتقان لعبة واحدة اسمها البقاء ودحرجة التسوية لمن سيخلفها. ذات مرة قال أكبر حلفاء إسرائيل التاريخيين في أمريكا،هنري كيسنجر أن لإسرائيل سياسات داخلية لا خارجية.. مقولة ما زالت سارية المفعول فإسرائيل معنية بالمفاوضات لا بالسلام وقرار وزراء الخارجية العرب صب للماء على طاحونتها وتغطية على كذبة جديدة..كذبة أول آذار.

مقالات متعلقة