الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 03 / مايو 02:02

الكاتب حلمي الأسمر.. عين الشمس لا تغطى بغربال! د. صلاح عودة الله

كل العرب
نُشر: 03/03/10 12:47,  حُتلن: 14:29

* الى الأستاذ الأسمر نقول بأنه لا يوجد أدنى شك بأن مصعب قد وقع في الفخ وعن طريقه نجح الشاباك في اعتقال العديد من القياديين الفلسطينيين

*  مصعب يقيم حاليا في الولايات المتحدة الأمريكية, وقد سبق وان اعتنق الديانة المسيحية قبل أن يتم تجنيده ليصبح جاسوسا مهما يعمل لصالح جهاز الاستخبارات الصهيونية الداخلية "الشاباك" في عام 1997م

بعد الضجة الاعلامية الصاخبة التي كشفت أن المدعو مصعب ابن القيادي البارز في حركة المقاومة الاسلامية"حماس" حسن يوسف المعتقل في السجون الصهيونية, كتب الكاتب والصحافي حلمي الأسمر مقالا حول هذه القضية بعنوان:" إنه ليس من أهلك"، وقد تم نشر المقال في بعض الصحف والمواقع المشهورة كالدستور وموقع الحقيقة الدولية للدراسات والأبحاث, ومما قال فيه ان"الإعلام العربي بلع الطعم، في سياق حرب سرية لا تنتهي بين الأجهزة ذات العلاقة", وفي مقاله مضي قدما ليورد العبر والدلالات حول أن"علاقة الدم في الإسلام يمكن أن تشطب أو تتراجع بالكامل أمام علاقة أخرى، جديدة بالكامل، تجلت أول ما تجلت في علاقة المؤاخاة بين الأنصار والمهاجرين، وهي علاقة تصادمت - بعد الدين الجديد- مع علاقات عصبية ودموية أخرى حلت محلها، وأخذت قوة إجتماعية وشرعية".
ورغم تأكيد الخبر ومن عدة جهات صهيونية وفلسطينية وكذلك عالمية, الا أن الكاتب المحترم وضع النبأ في موضع لا يمكن نفيه على الاطلاق, وكذلك لا يمكن التسليم به وكأنه ذي مصداقية عالية..لا أعلم ما هي دوافع الكاتب الظاهرة للعيان, ولكن أهل مكة أدرى بشعابها.
وقبل القيام بمحاولة الرد على ما جاء في مقالة الأستاذ الأسمر, لا بد من الاشارة أنه من الكتاب المشهود لهم بالنزاهة والموضوعية وتسمية المولود باسمه بدون أي لف ودوران.
من المعروف أن مصعب يقيم حاليا في الولايات المتحدة الأمريكية, وقد سبق وان اعتنق الديانة المسيحية قبل أن يتم تجنيده ليصبح جاسوسا مهما يعمل لصالح جهاز الاستخبارات الصهيونية الداخلية "الشاباك" في عام 1997م. وقد نشرت صحيفة"هارتس" الصهيونية مؤخرا مقابلة مطولة ومثيرة معه, كشف من خلالها طبيعة عمله وكيف أنه كان يقوم بمساعدة أجهزة المخابرات الصهيونية في الوصول إلى العديد من قادة وكوادر المقاومة الفلسطينية وتصفيتهم أو اعتقالهم، مستغلا سهولة وصوله إلى المعلومات ونسج العلاقات مع قادة العمل الميداني في حركة حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى، كونه ابن مجاهد كان وما يزال يحظى بالاحترام في أوساط المنظمات وفي الشارع الفلسطيني..ومما يدعو الى الاشمئزاز انه يقر ويعترف بأنه لعب دورا كبيرا في اعتقال والده, هذا بالاضافة الى عدد من القياديين البرزين ومنهم الأسيرالمناضل مروان البرغوثي, وصرح مصعب يأنه سيكشف عن كل هذه التفاصيل وعلاقته بالشاباك منذ تجنيده وحتى اليوم وذلك من خلال كتاب سيصدره وسيحمل عنوان"ابن حماس".
والى الأستاذ الأسمر نقول بأنه لا يوجد أدنى شك بأن مصعب قد وقع في الفخ وعن طريقه نجح الشاباك في اعتقال العديد من القياديين الفلسطينيين وكذلك الكشف المبكر عن عمليات استشهادية..فهل ما زلت تضع علامات الاستفهام حول تورط هذا العميل؟.
انه "العميل الأخضر" كما تسميه أجهزة الاستخبارات الصهيونية, والسؤال الذي يطرح نفسه يا حضرة الكاتب:كيف تسمح لك نفسك بأن تقارن بين عميل مسلم نشأ وترعرع في بيت قمة في التدين منذ أن أصبح يعي نفسه وبين قوم أو أناس لم يدركوا الاسلام أو لم يدخلوه وماتوا كافرين على جاهليتهم؟..انها فعلا مقارنة غريبة لا محل لها ولا أدري كيف أوقعت نفسك في مغالطة كهذه, وأود أن أذكرك بأن كل أو معظم ما سمعناه من كلام بخصوص هذا العميل قد جاء على لسانه ولم يكن مجبرا..انه أسلوب غريب لم نعهده من قبل منك ولم نكن نتصور أن تقوم باتباعه على الاطلاق.
أقولها وأنا رافع رأسي عاليا, بأنني لست ابنا لا لفتح ولا لحماس, وقد هتفت لغيرهما, الا أن واجبي الوطني وكذلك ضميري يوجبان علي التمتع بالنزاهة عندما يطلب مني نقد الحركتين الأكبر في الساحة الفلسطينية, فكلتا الحركتين تتشابهان الى أبعد الحدود في النهج والتصرف والتعامل مع الأمور..هذه الأمور لم تكن موجودة حتى قررت حماس دخول العراك الانتخابي وبالتالي تخليها عن نهج المقاومة التي كانت تهز بها مضاجع الكيان الصهيوني, فكان أشرف لها لو أنها لم تفعل ذلك, ودخولها العراك الانتخابي تطلب منها الدخول تدريجيا في صفوف أمراء أوسلو المشؤومة, والتي هي نفسها وبشروطها الواضحة ومع وجود عوامل أخرى أدت الى الاقتتال الفلسطيني الداخالي وبالتالي الحسم العسكري الحمساوي في قطاع غزة, مع ادراكنا أنها استبقت عصابة أوسلو التي كانت تمهد لاجراء نفس الحسم.
ومن هنا أريد أن أضع النقاط على الحروف بقولي بأنه لا توجد مبررات لا لفتح ولا لحماس لتصرفاتهما غير المبررة, ومن يقوم بفعل ذلك فانه فاقد البصر والبصيرة..في المحصلة نشاهد بأن الأمر الأهم هو المصالح الشخصية والحزبية الفئوية الضيقة ووضعها فوق المصالح الوطنية العليا لشعبنا, والنتيجة جلب الكوارث والمصاعب التي قد تقوم بتدمير ما تبقى من قضيتنا, هذا ان بقي منها شيء..وللانصاف نقول بأن حركة حماس حتى أيامنا هذه ورغم الحصار الظالم الذي يطوق قطاع غزة هاشم, لم تصل بعد الى نفس الدرجة من الانحلال والفساد التي وصلت اليها حركة فتح اللمثلة بسلطة رام الله, ولكن هذا الأمر لا يعني أن الوصول اليها أمرا مستحيلا.
نقول بأنه لايوجد تنظيم أو فصيل فلسطيني بامكاننا اعتباره ملائكيا ولا يمكن اختراقه, ولنا في التاريخ البعيد والقريب الكثير من البراهين والأدلة التي تثبت صحة أقوالنا هذه, فهي لم تأت من نسج خيالنا.
في الفترة غير البعيدة الأخيرة كنا شاهدين لواقعتين مؤلمتين أيما ايلام, ويا لها من سخرية القدر,حيث قام بتوزيع هاتين الحادثتين وان اختلفتا في طبيعتهما وتأثيرهما على القضية الفلسطينية وسمعتها بالتناصف بين فتح وحماس, فالقدر أراد أن يقول لنا بأننا "كلنا في الهوى سوى", ولنأخذ هاتين الواقعتين باختصار, فقد قيل ما قيل فيهن وأحدثتا ردود فعل منقطعة النظير, ولا داعي للعودة الى الخوض فيهما من جديد:
القضية الأولى هي قضية تخص حركة فتح وتمثلت بالفضائح الجنسية والفساد المالي وغيره من أنواع الفساد التي أعلنها وقام ببثها ضابط المخابرات الفلسطينية فهمي شبانة التميمي من خلال القناة العاشرة الصهيونية والمتهم فيها الدكتور رفيق الحسيني رئيس ديوان الرئاسة الفلسطينية شخصيا, ولا زالت تداعيات هذه الحادثة مستمرة حتى يومنا هذا, فهذا هو شبانة يهدد بأن في جعبته الكثير من قضايا الفساد والاختلاس وقائمة أبطالها طويلة وهم من أبناء فتح, وهذا هو الحسيني وغيره يتهم شبانة بالعمالة لصالح الصهاينة..المهم في الأمر, لقد حدث ما حدث وتم نشر الغسيل الملوث والباقي أعظم.
القضية الثانية والتي أحدثت ردود فعل لا أول لها ولا اخر وبصدق, هي قضية تخص حركة حماس خصوصا والقضية الفلسطينية عموما..انها قضية اغتيال القيادي الحمساوي البارز محمود المبحوح في دبي في منتصف كانون ثاني الماضي, وما أن أعلن قائد شرطة دبي عن ضلوع فلسطينيين في هذه القضية, حتى خرجت حماس وعلى الفور وقامت باتهام قياديين تابعين لفتح بالضلوع فيها, وهو أمر قد يكون صحيحا, وبعد أن اعلن أن أحد أبرز الضالعين فيها هو شخصية حمساوية مقربة جدا من المبحوح, سارعت حماس وأعلنت بأنها حركة لا تخترق وان كلما ورد لا يندرج الا تحت سقف الأقاويل والتلفيقات التي تريد زرع الانشقاق في الحركة لضربها وتصفيتها.. وأيضا لا تزال ردود الفعل حول هذه القضية مستمرة ونتيجة التحقيقات قد تكشف لنا أمورا لم نكن نتوقعها حتى في أحسن أو أوسخ احلامنا, وانا لمنتظرون.
وبالعودة الى ما قلناه بأن كافة التنظيمات الفلسطينية معرضة للاختراق ولا حصانة لهذا التنظيم أو غيره, تابعوا ما قيل على لسان القيادي الحمساوي البارز محمود الزهار:"إسرائيل تحاول أن تشوه صورة حماس وأن تضعف وتقلل من شعبيتها عبر ترويجها أن هناك كثيرين من أمثال مصعب حسن يوسف, ونحن لا نستبعد أن يكون فيها بعض العفن, وقضية نجل حسن يوسف عندما خرج من دينه ، لا تعيب والده ، الذي كثيرا ما ضحى من أجل دينه ووطنه".
لا يا سيادة الزهار, العفن ليس بالحجم الذي وصفته, فهو أكبر من ذلك بكثير, فالمقاومون لا يكشفون أسرارهم حتى لأقرب المقربين عليهم من ذويهم, وهذا هو مصعب يقول بعظمة لسانه بأن أسرارا كبيرة كانت تهمس في أذنيه ولهذا نجح في مهمته, فبدلا من أن تقوم حماس بكيل التهم للاخرين , عليها أولا تعلم الدرس واجراء غربلة واسعة النطاق في صفوفها, وما تخفيه لنا الأيام القادمة قد يكون أعظم.
والى الزهار وغيره نقول, من ساعد الموساد الصهيوني في اغتيال المهندس يحيى عياش والشيخ أحمد ياسين ونزار ريان وعيرهم الكثيرين من التنظيمات الفلسطينية الأخرى؟..هل يملك هذا الجهاز القوى الخارقة التي تؤهله لأن يعرف أين تتواجد أية شخصية ينوي اغتيالها بسهولة منقطعة النظير لولا وجود عملاء أقوياء له وفي كل تنظيم, ولا أستثني منهم أحدا, اللهم الا أن درجة الاختراق تتفاوت بين فصيل واخر.
نعم يا عزيزي الأسمر وكما قلت في مقالتك:"زغردت بعض وسائل الإعلام العربية بخبر سربه الموساد لوسائل الإعلام العبرية حول نجل الشيخ حسن يوسف المدعو مصعب، وعمالته للموساد", ونحن نقول بأن بعض وسائل الاعلام العربية الداعمة لحماس قد زغردت هي أيضا عند بث أخبارا مشابهة ولكنها تخص الفصيل الاخر..فهذه هي طبيعتنا, نشكك دوما بأنفسنا, ونعتبر بعضنا أننا أعداء بعض وقد نسينا العدو الحقيقي, ففتح وسلطتها الدايتونية تعتبر"الظلاميين" بأنهم هم الاعداء الحقيقيين, وحماس بدورها لا تريد التراجع عن حسمها العسكري المرفوض جملة وتفصيلا..فزغردوا كيفما شئتم وأينما شئتم, ولكن عليكم بأن تتذكروا ما قاله الشاعر الفلسطيني الراحل ابراهيم طوقان, ابن جبل النار"في يدينا بقية من بلاد, فاستريحوا كيلا تطير البقية..!.
وفي الختام أقول, ان اختيار الكاتب لعنوان مقاله"انه ليس من أهلك", لم يكن موفقا بالتمام والكمال, فبعد المراجعة والبحث الدقيقين, نجد نا يلي: قال الله تعالى:"و َنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45) قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ"..سورة هود. اختلف علماء أهل السنة و الجماعة في تفسير قوله تعالى ( إنه ليس من أهلك ) إلى أقوال كثيرة, أقتبس منها أشهرها:
القول الأول :انه ليس من أهله الذين وعد الله بنجاتهم, وأما القول الثاني :إنه ليس من أهل دينك, فاختلاف الدين أوجب قطع عروة العلاقة بينهما. وأما بالنسبة لعلاقة مصعب بأهله فقد كانت وطيدة الى مرحلة معينة من حياته, وهنا يشمله ويحتضنه قارب النجاة, حتى ارتد عن الدين الاسلامي, وهنا كان من المفروض من والده قطع عروة العلاقة بينهما حالما صبت لـلأب بأن ابنه قد غير دينه وأصبح مرتدا..هذا الأمر كان معروفا للأب ولا يختلف عليه اثنان, ولكننا وللأسف رأينا بأن الأب والعائلة يعلنون براءتهم من مصعب في الفترة الأخيرة فقط, أي بعد خراب مالطة كما يقول المثل العامي..فالأب ملام طبعا ولا يمكن ايجاد أيمبرر لتصرفاته هذه, وهو القيادي الحمساوي البارز.

مقالات متعلقة