الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 06 / مايو 23:02

قصه قصيرة للاديب الفلسطيني الساخر احمد حامد صرصور بعنوان: بازار الاقنعه

كل العرب
نُشر: 17/02/10 07:32,  حُتلن: 07:35

تم افتتاح البازار السنوي, لبيع الاقنعه, لكل الناس, صغيرهم وكبيرهم, نسائهم ورجالهم . هذا البازار, الذي لطالما انتظره روادة, ومحبيه, على مدار السنه. بازار الاقنعه الزائفه. التي تلائم كل طالب ومحتاج . في هذا البازار, تستطيع ان تشتري كل ما يلزمك, من اقنعه ,تكفيك لمدة سنه كاملة. حتى الافتتاح في الموسم القادم, بدون ان تدفع درهما واحدا, نقدا. بل يُدفع الثمن بعد استعمال القناع .الثمن يحدد حسب طريقة الاستعمال, ويقدر بنسبة مئويه من الارباح. حيث يُلزم مستعمله بعشرة بالمائه من الناتج.
وكما هو الحال في البازارت العاديه, التي تعلن عن حملات تنزيل في البيع. فهذا البازار له حملة خاصة, اذ يوزع ملايين الاقنعة, مجانا للاستعمال اليومي. لكونها كثيرة الاستعمال, ولكن بدون ارباح .هذه الاقنعة يتهافت عليها الناس, كتهافت الاكلة, على قصعة الكبسة.
في صالة العرض, تجتمع الحشود, مرة واحدة في السنة. لذا يكون هذا البازار, عبارة عن مزار, يقابل فيه الزبائن بعضهم البعض. يتبادلون المعلومات, وما جد من تطورات, ونصائح .ثم يأخذون حاجاتهم من هذة الاقنعة, لينطلقوا انطلاقة الاسد, على فرائسهم.آملون, العودة في الموسم المقبل. بل متيقنون من ذلك, فهم لا يموتون , ما دامت الارض تحمل عليها بشرا.
اتعلمون من هم رواد هذا البازار, انهم اسيادكم, الذين يتحكمون بكم, ويديرون حياتكم اليوميه, ورغم علمكم بمدى وقاحتهم الا انكم, ابيتم الولاء لهم . فتنازلتم عن اعز ما تملكون, من اجل ان تبقوا عبيدا لهم, الا من رحم ربي, وهم القلة القليلة منكم.
تعرفوا ايها العبيد, على اسيادكم, رواد هذا البازار . انهم سادتكم المحترمين , الحيتان الكبيرة ,اصحاب السلطة والنفوذ . التي تبلغ ارباح كل عمليه لاحدهم الملايين .
انهم السادة -السيد كذب ,السيد خداع , السيد غش , السيد نصب , السيدة احتيال .السيدة خيانه,السيدة شهوات .السيد اجرام ,السيدة سرقه, السيدة سفالة, السيد انحطاط .السيدة نميمه,السيد سلب ,السيدة كبرياء ,السيد دجال, وكبيرهم السيد طمع.
اما الرواد المجانيون, اليوميون , فهم السادة .....السيد حزن ,السيدة نفاق , السيد عونطه, السيد دوونجي,السيدة مصلحة ,السيد هبل .
هؤلاء مجانيون, لعدم الربح في الاستعمال .فعندما يذهب احدكم لعزاء, يضع على وجهه قناع الحزن , وما ان ينتهي المعزي من واجبه, ويترك خيمة العزاء, حتى يلقي بقناعه جانياو ليلبس قناع النميمه, ويبدأ بموسم الحصاد.
ضد من !!! ضد المتوفى نفسه . بعد ذلك يجلس لاصحابه بقناع النفاق, حتى ما تيسر من سهر .ولكنه لا يخلعه, الا قبل النوم, فهو بحاجة اليه للنفاق لزوجته . هذه الزوجة التي تأبى ان تفارقه, فلا يضر ان همس في اذنها, بعض الكلمات, تكون بمثابة جسر الخلود للنوم . والصباح رباح وبكرة بقناع جديد .
وهناك ايضا قناع مجاني, يوزع بكثرة, وهو قناع المسكنه , يستعمل بكثرة للشحاتين. او لكل من يريد حاجة في نفسه , من شخص آخر.
يرتبط بهذا القناع, وبشدة قناع المصلحة, حتى انك لا تستطيع التفريق بينهما .انهما توأم المحتاج .
ولا حاجة لسرد تواريخ باقي الاقنعة, المجانيه ,فكلكم فيها, الا من رحم ربي .
ولن اسرد حياة الاقنعه الحيتانيه, الارهابيه, الاجراميه, التي لذكرها تقشعر الابدان .
لكن لا بد من التعريج على امبراطورها, بل كبيرها الذي علمها .... .
هذا القناع , هو اخطر انواع الاقنعة عليكم ايها الصادقون . قناع اذا سيطر على عقولكم, فلا خلاص منه الا الموت , قناع لا يرحم كبيرا, ولا صغيرا, قناع التسخير, والفرعنه . هدفه الاستحواذ على السلطة والاموال الجمة, قناع, يجمع كل الاقنعة سويا , انه ام الاقنعة وابيها .انه قناع التجارة , ليس التجارة العينيه المتعارف عليها . بل تجارة الضمائر, والذمم , تجارة تشتري وتبيع رجال , بدون علمهم. تجارة عبودية خطيرة جدا على المجتمع. اذ يستغل صاحبها الدين لتحقيق مآربه .ان مستعمله يعلم مدى حب الناس للدين. فيجعل هذا الباب مدخلا له. هذا القناع, محروسا بهالة منتفعين , يلوذون به جسمانيا, وفكريا . فتراهم في محافل الجدال, متشدقون, متفهقون لا يغلبهم احد. واسفاه على بعضهم, الذي تم غسل عقله. فاعتقد انه مناصر للحق, وان هذا الطريق المستقيم, الذي يصله بالله. تناسى ان لا حاجة لواسطة بين الله وعبده. انه قناع المرتبة الاولى في المبيعات والارباح.
انه قناع المشيخة, مزين بلحية مزيفة.
كل المطلوب من حامله , حفظ عدة سور, وآيات قرآنيه, مع بعض الاحاديث, النبوية الشريفة. ثم استلام زمام القيادة, والانطلاق نحو المجد المزيف, لحلف اليمين, والقسم ,على منصة الكنيست . فيهلل له اتباعه مبررة, له موقفه, بالانتصاروخدمة البشر .
ارباح هذا القناع, طائلة . فهو من اجود الاقنعة, واغلاها, وهو امبراطور الاقنعة الزائفه .
يلي هذا القناع, في المرتبة الثانية, من حيث الارباح والخطورة. قناع آخر . وهو ايضا يستغل الدين, للظفر بمنصب, ولكن اقل درجه. انه قناع المرتبة الثانية.
قناع الحاج .
فاذا اردت السلطة, والمكانة, فما عليك الا ان تزور مكه المكرمة, لتحصل على هذا اللقب. ولا يهم ما هو ماضيك, فالاتباع سيقومون بتنظيفه ,حتى بالماء والصابون .
كل الاقنعة تسقط, امام هاذين القناعين. لذلك لا حاجة للخوض في الباقي.
واني لاعبس, وابسر, واعقد حاجبي, واستغرب منكم . هل انا الوحيد القادر على رؤية, ولمح هذه الاقنعة الزائفة . ام انكم طربتم لها, واستمتعتم بها . ام استحوذت على عقولكم,. وعششت في اعماقها. والله ستحاسبون يوما , ان لم تتبعوا, الزبون الوحيد, الذي لا يحضر هذا البازار, ولا يشترك به, بل يقاطعه. انه الشريف, وسيد نفسه, انه السيد"صدق". فهل تشعر بانك من اتباعه؟

مقالات متعلقة